بري يحذّر من التفريط في الاهتمام الدولي... واتهامات لعون بخرق الدستور

جهات رسمية ترشح القاضي أيمن عويدات لخلافة دياب

الرئيس اللبناني ميشال عون في اجتماع بالقصر الرئاسي أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال عون في اجتماع بالقصر الرئاسي أمس (دالاتي ونهرا)
TT

بري يحذّر من التفريط في الاهتمام الدولي... واتهامات لعون بخرق الدستور

الرئيس اللبناني ميشال عون في اجتماع بالقصر الرئاسي أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال عون في اجتماع بالقصر الرئاسي أمس (دالاتي ونهرا)

حذّر مصدر نيابي بارز من التفريط في عودة الاهتمام الدولي بلبنان الذي تجلّى في حملات التضامن العربية والدولية مع اللبنانيين الذين تكبّدوا كلفةً بشرية ومادية من جراء الانفجار المدمِّر في مرفأ بيروت واستهدف مناطق واسعة من العاصمة، وقال إن هذا الاهتمام الدولي كان قد انقطع احتجاجاً على إهدار الفرصة التي وفّرها مؤتمر «سيدر» لمساعدته للنهوض من أزماته المالية والاقتصادية بسبب تلكؤ الحكومات المتعاقبة في الاستجابة لشروطه في تحقيق الإصلاحات المالية والإدارية.
وكشف المصدر النيابي لـ«الشرق الأوسط» أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري، يتحرّك في كل الاتجاهات ويدق الأبواب المغلقة لإخراج تشكيل الحكومة الجديدة من التأزّم، في محاولة لفتح كوّة في جدار الأزمة تؤدي إلى تزخيم الاهتمام الدولي بتحقيق تقدُّم يمهّد لعودة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ثانيةً إلى لبنان في مطلع الشهر المقبل.
وقال إن الرئيس بري على تواصل من حين لآخر مع ماكرون وإن الأخير اتصل به في أعقاب اجتماعه برئيس الجمهورية ميشال عون، وأكد أن زيارة الرئيس الفرنسي وإن كانت مقرّرة في لبنان فإنه في المقابل يراهن على تحقيق خرق يؤسس لمواصلة جهوده لمساعدة لبنان على تجاوز الكارثة التي حلّت به.
ولفت المصدر نفسه إلى أن تحقيق هذا الخرق يشجع ماكرون على العودة إلى بيروت لأنه ليس على استعداد أن تأتي زيارته من دون تحقيق أي تقدّم، وبالتالي تبقى الأوضاع على ما كانت عليه قبل أن يحضر إلى بيروت في زيارته الأولى للتضامن مع اللبنانيين.
ورأى أن اللقاء الذي جمع بري برئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، بناءً على رغبة رئيس الجمهورية الذي يفوّضه في حسم الأمور العالقة ذات الصلة بأزمة تشكيل الحكومة الجديدة في حضور حسين خليل المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، ومعاون رئيس المجلس النائب علي حسن خليل... لم يؤدِّ إلى إحداث أي خرق. وقال إن الأفق ما زالت مسدودة ليس لأن باسيل لا يؤيد عودة زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري وبدعم من «حزب الله» إلى رئاسة الحكومة فحسب، بل لأنه يتبنّى على بياض إصرار عون على إعطاء الأولوية للتأليف قبل التكليف بذريعة أن هناك ضرورة لتسهيل مهمة الرئيس المكلّف.
ومع أن باسيل تجنّب طرح لائحة بأسماء المرشحين لتولي رئاسة الحكومة، وإن كان لمّح بلا تفاصيل بوجود مرشحين آخرين، فإن جهات رسمية نافذة -كما علمت «الشرق الأوسط»- استمزجت آراء الفريق السياسي المحيط بعون في طرح أسماء من قضاة حاليين وسابقين لخلافة رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب.
وفي هذا السياق، تردد أنها ركّزت على اسم القاضي أيمن عويدات، لكنّ هذا الطرح قوبل برفض من مكوّنات سياسية أُعلمت بوجود نية لدى عون المجيء برئيس حكومة ما هو إلا نسخة طبق الأصل من الرئيس المستقيل بذريعة أن لبنان يتدحرج نحو الهاوية وأن الأزمة بلغت ذروتها تحت وطأة التداعيات المترتبة على الانفجار الذي حصل في مرفأ بيروت.
لكنّ عون ليس في وارد عودة الحريري إلى رئاسة الحكومة، وهذا ما أبلغه لبري الذي يرى أن هناك ضرورة لتعزيز الوفاق الوطني وتشكيل شبكة أمان سياسية للبنان وهذا ما يؤمّنه الحريري لما لديه من علاقات دولية وعربية.
وفي المقابل فإن الحريري لم يطرح نفسه لتولّي رئاسة الحكومة، وبالتالي لا علاقة له بالاستنتاجات التي تتحدث تارةً عن أن هناك من يسعى لتسويقه وتارة أخرى من إقناع هذا أو ذاك بتبنّي ترشيحه.
وأوضحت مصادر بارزة في «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط» أن الحريري مع تقديره لعلاقته الوطيدة برئيس المجلس يركّز في الوقت الحاضر على احتياجات لبنان التي زادت مع النكبة التي أصابت بيروت، وهذا يتطلب الإفادة من عودة الاهتمام الدولي بلبنان بإدراجه مجدداً على الخريطة الدولية وصولاً إلى التأكد من مدى تقدير الأطراف لهذا الاهتمام وملاقاته في منتصف الطريق في تحقيق الإصلاحات المطلوبة والتي يضاف إليها إعطاء الأولوية لإعادة إعمار بيروت، لأنه من دون توافر كل هذه الشروط لا يمكن تبيان حدود الدعم الدولي والعربي لخطة إنقاذ لبنان.
كما أن الحريري الذي عانى الأمرّين في تعاطيه مع عون وتياره السياسي فإن معاناته تنسحب أيضاً على الرئيسين نجيب ميقاتي وتمّام سلام لما لمس جميع هؤلاء من تعطيل حال دون تفعيل العمل الحكومي.
لذلك، فإن الأنظار تترقّب ما سيفعله عون، وهل يصر على تأخير تحديد موعد للاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة الجديدة لأن مثل هذا التأخير يمدّد فترة تصريف الأعمال من الحكومة المستقيلة ويعطّل دور البرلمان، وسيكون لرؤساء الحكومات السابقين موقف في الأيام المقبلة يحمّلون فيه عون مسؤولية خرق الدستور ومصادرة صلاحيات الرئيس المكلف.
وعليه، فإن لجوء عون إلى تكرار ما قام به بتسمية شبيه لدياب على رأس الحكومة سيلقى مقاومة داخلية ودولية لأنه يُفقد لبنان الاهتمام الدولي ويطْبق عليه الحصار مجدداً، لأن هؤلاء ينظرون إلى هكذا حكومة على أنها سترفع من منسوب الإحباط في الشارع السنّي الذي تصدى بقواه الرئيسة لحكومة دياب.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.