أنقرة تؤكد التنسيق مع موسكو لتعزيز نقاطها في إدلب

TT

أنقرة تؤكد التنسيق مع موسكو لتعزيز نقاطها في إدلب

أثار تحرك تركيا خلال الأيام القليلة الماضية لزيادة تعزيزاتها العسكرية واللوجستية، ورفع وتيرة إرسال الجنود إلى نقاط المراقبة التابعة لها في منطقة خفض التصعيد في شمال غربي سوريا، التساؤلات في ظل التطورات الأخيرة في إدلب، وتصاعد هجمات النظام على المحاور الجنوبية والشرقية لها، وتحرك الطيران الحربي الروسي لضرب مواقع «هيئة تحرير الشام» والتمهيد لقصف النظام على مناطق سيطرة «الهيئة».
وأدخل الجيش التركي منذ الليلة قبل الماضية وحتى فجر أمس (السبت) 5 أرتال عسكرية جديدة، ضمت نحو 145 آلية تحمل معدات عسكرية ولوجستية جرى توزيعها على النقاط التركية، ضمن منطقة خفض التصعيد التي ارتفعت إلى ما يقرب من 65 نقطة.
وأرسلت تركيا منذ إعلان وقف إطلاق النار الأخير في إدلب في 5 مارس (آذار) الماضي الذي جاء باتفاق مع روسيا في موسكو، عقب تصعيد من جانب جيش النظام الذي استهدف نقطة مراقبة تركية في 27 فبراير (شباط) ما أدى إلى مقتل 33 جندياً وإصابة العشرات، 6015 آلية، بالإضافة لآلاف الجنود.
وارتفع عدد الشاحنات والآليات العسكرية التي وصلت منطقة «خفض التصعيد» خلال الفترة الممتدة من مطلع فبراير 2020، وحتى الآن، إلى أكثر من 9350 شاحنة وآلية عسكرية تركية دخلت الأراضي السورية، تحمل دبابات وناقلات جند ومدرعات وكبائن حراسة متنقلة مضادة للرصاص، ورادارات عسكرية، بينما بلغ عدد الجنود الأتراك الذين انتشروا في إدلب وحلب خلال تلك الفترة نحو 13 ألف جندي.
وقالت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط» إن تكثيف إرسال التعزيزات جاء بعد زيادة عدد نقاط المراقبة، وإنشاء نقاط جديدة؛ لا سيما في مواقع بالريف الجنوبي لإدلب، نتيجة تصعيد النظام السوري هجماته في جبل الزاوية ومحيطها، فضلاً عن هجماته في ريف إدلب الشرقي، وتحسباً لأي هجمات من أي مجموعات إرهابية.
وأضافت أن تركيا تعمل على زيادة قوة وتحصين نقاط المراقبة التابعة لها، لتثبيت وجودها في منطقة خفض التصعيد في شمال غربي سوريا، وعدم السماح للنظام بالتقدم في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، ما قد يتسبب في موجة نزوح جديدة للمدنيين في إدلب باتجاه الحدود التركية.
وأكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، مؤخراً، أن تركيا لن تتسامح مع أي هجوم للنظام على نقاط المراقبة التابعة لها، وأنها سترد على أي استهداف لمواقعها.
وعن احتمالات وجود توتر بين أنقرة وموسكو دفع تركيا إلى الدفع بتعزيزات عسكرية مكثفة، تحسباً لوقوع أي عملية واسعة من جانب النظام بدعم من روسيا، أكدت المصادر أن هناك تنسيقاً مستمراً مع الجانب الروسي على المستويين العسكري والسياسي، فيما يتعلق بإدلب وشمال غربي سوريا، وكذلك في شرق الفرات؛ لكن تركيا تعمل على تعزيز نقاط المراقبة التابعة لها، لتكون جاهزة لمواجهة أي هجمات والرد عليها بشكل مناسب.
وأشارت المصادر إلى أن هناك تنسيقاً على أعلى مستوى بين أنقرة وموسكو بشأن التطورات في سوريا؛ لافتة إلى الاتصال الهاتفي بين الرئيسين: التركي رجب طيب إردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، فضلاً عن التنسيق فيما يتعلق بمساعي إحراز تقدم على المسار السياسي وعمل اللجنة الدستورية، وهو ما كان محور مباحثات بين وزيري خارجية البلدين مولود جاويش أوغلو وسيرغي لافروف، الخميس، في اليوم ذاته الذي عقد فيه جاويش أوغلو لقاء مع قادة المعارضة السورية لبحث مسألة اللجنة الدستورية.
على صعيد آخر، قصفت القوات التركية المتمركزة في مارع وكلجبرين مناطق في مدينة تل رفعت، ضمن مناطق انتشار «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في ريف حلب، أمس.
كما نفذت الفصائل الموالية لتركيا، بعد منتصف ليل الجمعة – السبت، قصفاً صاروخياً على مناطق سيطرة «قسد» في الريف الغربي لمدينة تل أبيض، شمال الرقة.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.