الكاظمي: اجتماعي مع ترمب كان ناجحاً... والانسحاب خلال 3 سنوات

الخارجية الأميركية لـ «الشرق الأوسط»: سياسيون عراقيون دُمى في يد طهران

لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في البيت الأبيض أول من أمس (تصوير: جمال بنجويني)
لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في البيت الأبيض أول من أمس (تصوير: جمال بنجويني)
TT

الكاظمي: اجتماعي مع ترمب كان ناجحاً... والانسحاب خلال 3 سنوات

لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في البيت الأبيض أول من أمس (تصوير: جمال بنجويني)
لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في البيت الأبيض أول من أمس (تصوير: جمال بنجويني)

أكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، أمس، أن لقاءه مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب كان مهماً وناجحاً.
وقال الكاظمي في مقابلة مع قناة «العراقية» الإخبارية، إن «كلا الطرفين العراقي والأميركي خرج مرتاحاً من هذا اللقاء»، لافتاً إلى أنه «جرى خلال اللقاء الحديث عن التعاون الاقتصادي، والتعاون الأمني، وإعادة تقييم الوجود الأميركي في العراق». وأضاف الكاظمي، أنه «تم الاتفاق من خلال الحوار الاستراتيجي برئاسة وزير الخارجية ونظيره الأميركي على مجموعة مبادئ تصب جميعها في مصالح الشعب العراقي، التي تتعلق بتواجد القوات الأميركية، وإعادة جدولته، وإعادة انتشار القوات الأميركية خارج العراق»، مبيناً أنه «تم الاتفاق ضمن الحوار الاستراتيجي على وضع فريق فني لإيجاد آلية لهذا الانتشار خارج العراق».
ولفت الكاظمي إلى أنه «لأول مرة أرى مواقف أميركية واضحة ومتفهمة لمطالب الحكومة العراقية»، مشيراً إلى أن «الرئيس ترمب أكد أن القوات الأميركية ستنسحب من العراق خلال السنوات الثلاث المقبلة، وهم يبحثون انتشارها خارج العراق». وتابع أن «الرئيس الأميركي قال إن أعداد القوات الأميركية قليلة جداً، وبالفعل هي قليلة، لكن العراق يحتاج إلى هذه القوات لتدريب وتطوير قوات الجيش والأجهزة الأمنية».
وأوضح الكاظمي، أنه «من الجانب الاقتصادي فالعراق يحتاج إلى تقييم العلاقة من أجل مصالحه، خاصة أن أميركا دولة مهمة، وفيها صناعات كبرى، فيما يخص النفط والطاقة وحتى التعليم»، مؤكداً أن «العراق لديه فرصة للاستفادة من شراكة مع دولة صناعية كبرى».
وبيّن الكاظمي أنه «تم توقيع مجموعة من مذكرات التفاهم في مجال النفط والطاقة، وأهمها عقد فيما يخص النفط في محافظة ذي قار، وهو مشروع استراتيجي فيه فائدة كبيرة لأبناء المحافظة والعراق عموماً». ونوه إلى أن «ما قاله خلال زيارته الأخيرة إلى إيران هو نفسه ما قاله إلى الولايات المتحدة، وهو البحث عن علاقات دولة مع دولة، والبحث عن علاقة الخصوصية العراقية، التي تقدرها مصلحة العراق». وأوضح «حقيقة تمديد بقائي في أميركا، كان بطلب من الكونغرس الأميركي كي نعقد اجتماعاً مع رئيس الكونغرس»، مبيناً أن «الجانب الأميركي جاد ببناء علاقة مع العراق تعتمد على مبدأ احترام السيادة، ومساعدة العراقيين، وهذا اللقاء سيوفر فرصة لشرح مطالب العراقيين أمام ممثلي الشعب الأميركي في الكونغرس ومجلس الشيوخ».
من ناحية أخرى، أعلن الكاظمي أنه سيبدأ منتصف الأسبوع زيارة إلى الأردن لعقد لقاء ثلاثي يجمعه مع الملك عبد الثاني ملك الأردن والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي؛ لبحث العلاقات الثنائية وتطورات الأحداث في المنطقة. وقال الكاظمي، إن «الزيارة تتضمن إكمال الحوار العراقي - المصري - الأردني الذي بدأ في القاهرة في زمن الحكومة السابقة».
من جهة أخرى قال كرستين جيمس، الناطق الرسمي العربي بوزارة الخارجية الأميركية، إن كثيراً من أفراد الطبقة السياسية في العراق عملاء لطهران، ودمى تحركهم على هواها، وما الاحتجاجات والمظاهرات العراقية التي جابت المدن والمحافظات إلا احتجاجاً على هيمنة إيران في العراق التي تعمل بشكل متواصل للسيطرة على جوانب الحياة السياسية والاقتصادية كافة، وتشعل التوترات، وتساهم في أعمال العنف.
وأكد جيمس، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن النظام في طهران يريد أن يقضي على الحياة الاقتصادية في العراق، وقد سئم العراقيون من إغراق إيران بلادهم بالمنتجات الزراعية بأقل من أسعار السوق، مما يتسبب بضائقة للمزارعين العراقيين، متهماً إيران بإرسال أدوية مقلدة منتهية الصلاحية وأدوية غير مشروعة إلى العراق، وهدفها من ذلك في نهاية المطاف زعزعة استقرار العراق، والهيمنة على جوانب الحياة كافة فيه.
وشدد المتحدث على وقوف الولايات المتحدة الأميركية مع الشعب العراقي الذي خرج المئات والآلاف منه إلى الشوارع منذ أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي (2019)، رافعين الصوت بالاحتجاجات ضد هيمنة إيران، وفساد الطبقة السياسية، مطالباً بمحاسبة الشخصيات التي حرضت على العنف، وكذلك القادة الذين فشلوا في اتخاذ خطوات عملية لحماية الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي، حاثاً الحكومة على عمل مزيد من الإصلاحات، واتخاذ خطوات فورية لمحاسبة الميليشيات والجماعات المتفلتة في العراق على هجماتهم ضد العراقيين الذين يمارسون حقهم في التظاهر السلمي.
وأضاف: «من غير المعقول أن يتواصل إفلات الجناة من العقاب، يجب محاسبة الشخصيات السياسية التي حرضت على أعمال العنف المروع والهجمات بالرصاص الحي، والقادة الحكوميين الذين فشلوا في اتخاذ خطوات لحماية الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي».
وأوضح أن الإدارة الأميركية تريد أن يجمع الولايات المتحدة بالعراق ترتيب أمني قوي طبيعي ثنائي، يتضمن تقديم المستشارين، وتوفير نظم أسلحة عالية الجودة، مشدداً على أن الأمن هو أساس الاستقرار، وهو الذي سيوفر الشروط اللازمة للنمو والازدهار الاقتصاديين.
وأصدرت وزارة الخارجية الأميركية، أمس، بياناً شديد اللهجة، جاء فيه: «نحن غاضبون من الاغتيالات المستهدفة لنشطاء المجتمع المدني، والاعتداءات على المتظاهرين في البصرة وبغداد، ومن غير المعقول أن يستمر مرتكبو هذه الأعمال الفظيعة في العمل دون عقاب».
وحظيت زيارة الكاظمي باهتمام شديد وحماية أمنية عالية، إذ أغلقت الحكومة الأميركية الطرقات المؤدية إلى الفندق المؤدي إلى مقر إقامته. وشوهد عدد من الساسة والمسؤولين الأميركيين وهم يزورون الكاظمي، مثل جاريد كوشنر صهر ترمب ومستشاره.
وطلبت الإدارة الأميركية من الكاظمي تمديد زيارته إلى واشنطن يوماً إضافياً، ليتسنى له لقاء أكبر عدد من المسؤولين الأميركيين، والسياسيين في الكونغرس من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ومن المفترض أن يلتقي بنانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب. وكان قد التقى أمس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس.
بدوره، قال فؤاد حسين، وزير الخارجية العراقي، في ندوة افتراضية مع معهد السلام الأميركي، أول من أمس، إن المحادثات مع الرئيس ترمب والإدارة الأميركية ركزت على الأمن والإصلاح، وإعادة تشكيل العلاقات، ووصل الطرفان إلى تفاهمات كثيرة ستنعكس آثارها على البلدين في القريب العاجل. وعد حسين أن الوضع الأمني في العراق ليس سيئاً، كما كان عليه قبل 3 أعوام، عندما كان «داعش» يسيطر على كثير من المناطق في العراق، بيد أنه حذر من أن خطر التنظيم لا يزال قائماً.
وفي ما يخص الميليشيات، قال حسين: «يجب أن يكونوا جزءاً من القوات العراقية... إذا كانوا يعملون خارج الدولة، فذلك يعني أنهم ضد الدولة. وفي النهاية، أعتقد أنه لن يكون هناك مكان لهذه الجماعات التي تهاجم الدبلوماسيين».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.