«داعش» يتبنى هجوماً قتل فيه جنرال روسي بشرق سوريا

تصعيد عسكري بين قوات النظام وفصائل مقاتلة جنوب إدلب

TT

«داعش» يتبنى هجوماً قتل فيه جنرال روسي بشرق سوريا

تبنى تنظيم داعش هجوماً بعبوة ناسفة استهدف قبل يومين دورية للجيش الروسي قرب مدينة دير الزور، في شرق سوريا، وأسفر عن مقتل جنرال، وإصابة عسكريين آخرين بجروح.
وقالت وكالة «أعماق»، الناطقة باسم التنظيم، في بيان تناقلته حسابات متطرفين على موقع «تلغرام»، إن «دورية للجيش الروسي وقعت في حقل ألغام زرعه مقاتلو التنظيم شرق مدينة السخنة (في شرق سوريا)، ما أسفر عن مقتل ضابط برتبة لواء، وإصابة آخرين، بانفجار عبوة ناسفة فيهم».
وأضاف البيان أن عناصر التنظيم استهدفوا في المنطقة نفسها قيادياً في ميليشيا «الدفاع الوطني» الموالية لموسكو، كان مع مرافقيه «عندما انفجرت عبوة ناسفة في آلية كانوا يستقلونها»، مما أسفر عن «مقتله مع عدد من عناصر حمايته».
وكانت موسكو قد أعلنت مقتل أحد جنرالاتها في انفجار «عبوة ناسفة محلية الصنع»، الثلاثاء، لدى عبور قافلة روسية قرب دير الزور، مشيرة إلى أن الهجوم أسفر أيضاً عن إصابة عسكريين روسيين بجروح.
وقالت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، إن العبوة انفجرت فيما كانت القافلة الروسية عائدة بعد عملية إنسانية قرب مدينة دير الزور، مما أسفر عن إصابة 3 عسكريين بجروح، أحدهم «مستشار عسكري كبير برتبة جنرال» ما لبث أن توفي متأثراً بإصابته.
وينتشر آلاف الجنود الروس في أنحاء سوريا دعماً لقوات النظام. وساهم التدخل العسكري الروسي في 2015، أي بعد 4 سنوات من اندلاع النزاع السوري، في بقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة، وبدء عملية عسكرية كبيرة لاستعادة أراض سيطرت عليها فصائل مسلحة في المراحل الأولى من النزاع.
وفي شمال غربي البلاد، تشهد مناطق إدلب والريف الغربي لمحافظة حماة الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة السورية تصعيداً عسكرياً من قبل قوات النظام، تمثل بالقصف المدفعي والصاروخي المتواصل، مما أدى إلى توتر الأوضاع الميدانية، ودفع إلى حالة استنفار قصوى لقوات المعارضة، ورفع جاهزيتها القتالية، تحسباً لأي محاولة تقدم لقوات النظام نحو المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.
وقالت مصادر عسكرية في فصائل المعارضة إنها «رصدت وصول تعزيزات عسكرية، تمثلت في مقاتلين وآليات عسكرية تابعة لقوات النظام والميليشيات الإيرانية، إلى منطقة كفرنبل ومعرة النعمان وسراقب، جنوب وشرق إدلب، وتعزيزات مماثلة وصلت مؤخراً إلى قاعدة جورين بسهل الغاب، في أقصى الريف الغربي الشمالي لمحافظة حماة، ترافقت مع استهداف متكرر على مدار الساعة للمناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف إدلب الجنوبي».
ولفت المصادر إلى أن هذه التعزيزات العسكرية لقوات النظام «تشير إلى نية النظام إطلاق عملية عسكرية تهدف للسيطرة على منطقة ما، يتوقع أن تكون وجهتها القسم الشمالي لسهل الغاب وجبل الزاوية، جنوب إدلب، مما دفع بالفصائل إلى إرسال تعزيزات مشابهة، ورفع جاهزيتها القتالية، تحسباً لأي محاولة تقدم للنظام في إدلب».
وأوضح الناشط الميداني بكار حميدي أن «كل من منطقة كفرعويد وكنصفرة وسفوهن والبارة (جنوب إدلب) شهدت تصعيداً عسكرياً من قبل قوات النظام، تمثل بقصف مدفعي وصاروخي أدى إلى إصابة مدني بجروح. ومن جهتها، ردت فصائل المعارضة بعدد من الصواريخ وقذائف المدفعية على مصادر إطلاق النار لقوات النظام، بالتزامن مع تحليق مكثف للطيران الاستطلاعي التركي والروسي في أجواء محافظة إدلب».
وتعرضت مناطق محيطة بمدينة معرة مصرين وحربنوش (شمال مدينة إدلب)، خلال اليومين الماضيين، لغارات جوية مكثفة، بلغ عددها 12 غارة، شنها الطيران الحربي الروسي، مستهدفاً مقرات عسكرية سابقة لفصائل المعارضة، مما أدى إلى حالة هلع وخوف للنازحين في مخيمات قريبة من موقع الغارات الجوية. ولوحظ أن 8 أرتال عسكرية تركية تضم قرابة 500 آلية عسكرية، بينها دبابات ومدافع ثقيلة، بالإضافة إلى منظومات دفاع جوية وعربات مصفحة، دخلت الأراضي السورية خلال اليومين الماضيين، وتوزعت في نقاط عسكرية تركية سابقة في جبل الزاوية (جنوب إدلب) ومنطقة الأتارب والتوامة وكفر عقيل (غرب حلب، شمال وغرب سوريا).
وأفادت مصادر محلية وناشطون ميدانيون بأن هذه الدفعة من الأرتال العسكرية التركية هي الأكبر منذ أن بدأت تركيا بإرسال قواتها العسكرية إلى مناطق خفض التصعيد، شمال وغرب سوريا. وقال ناشطون إن وفداً عسكرياً تابعاً للقوات التركية، ضم عدداً من الخبراء والضباط، برفقة قادة من فصائل المعارضة السورية، استطلع منطقة الشيخ بحر (شمال غربي مدينة إدلب)، بهدف تحديد مساحة جغرافية «جبلية» لتكون قاعدة عسكرية تابعة للقوات التركية، وستضم منظومة دفاع جوي وعدداً من المدافع الثقيلة والدبابات.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.