الإصلاح الدستوري السوري ينتظر الانتخابات الرئاسية

المبعوث الأممي غير بيدرسن يتوسط رئيسي وفد المعارضة (يمين) هادي البحرة والحكومة أحمد الكزبري (رويترز)
المبعوث الأممي غير بيدرسن يتوسط رئيسي وفد المعارضة (يمين) هادي البحرة والحكومة أحمد الكزبري (رويترز)
TT

الإصلاح الدستوري السوري ينتظر الانتخابات الرئاسية

المبعوث الأممي غير بيدرسن يتوسط رئيسي وفد المعارضة (يمين) هادي البحرة والحكومة أحمد الكزبري (رويترز)
المبعوث الأممي غير بيدرسن يتوسط رئيسي وفد المعارضة (يمين) هادي البحرة والحكومة أحمد الكزبري (رويترز)

تتجه الأنظار إلى اجتماعات «الضامنين» الثلاثة، روسيا وتركيا وإيران، من جهة، والحضور الأميركي من جهة ثانية، في جنيف الأسبوع المقبل، أكثر من الاهتمام باجتماعات ممثلي الحكومة السورية والمعارضة والمجتمع المدني في اللجنة الدستورية بسبب عدم توقع أي اختراق سوري - سوري... مع بدء العد التنازلي لموعد الانتخابات الرئاسية في منتصف 2021.
كلامياً، فإن اجتماعات اللجنة الدستورية هي «ملكية سورية وبقيادة سورية» ومن دون تدخل خارجي، لكن «الضامنين» الثلاثة يعتبرون أنفسهم «الرعاة الحقيقيين». ويتوقع أن يصل نواب وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران إلى جنيف لعقد اجتماع ثلاثي، وتبني «الاختراق» الذي تحقق بعد جمود 9 أشهر، وتضمن قمتين ثلاثيتين وقمماً ثنائية، كان الهدف منها وقف التدهور الميداني في إدلب وإبقاء عجلة العملية السياسية دائرة. كما يصل المبعوث الأميركي جيمس جيفري إلى جنيف أيضاً، بهدف إجراء محادثات مع المبعوث الأممي غير بيدرسن، ونظيره الروسي سيرغي فيرشينين، ذلك وسط غياب المبعوثين الأوروبيين عن أروقة الأمم المتحدة هذه المرة.
- فجوة كبيرة
لا تزال الفجوة كبيرة بين أميركا وروسيا، إزاء الأولويات، واشنطن تريد اتفاقاً شاملاً لوقف النار انطلاقاً من إدلب الخاضعة لهدنة روسية - تركية، منذ بداية مارس (آذار) الماضي، والتزاماً باتفاق «منع الصدام» شمال شرقي سوريا، إضافة إلى استعجال تنفيذ القرار 2254 مع بدء العد التنازلي للانتخابات الرئاسية في منتصف العام المقبل، عبر إقرار دستور جديد أو تأجيل هذه الانتخابات إلى حين تحقيق توافق سوري. موسكو، من جهتها، تركز على شنّ حملة على «العقوبات الأحادية» من واشنطن وبروكسل، على دمشق وعلى «الوجود غير الشرعي» لأميركا شرق الفرات، إضافة إلى ضرورة ترك السوريين يتفقون فيما بينهم «دون أجندات مفروضة أو مضامين جاهزة للإصلاح الدستوري».
وفي البيانات العلنية، يتوقع أن يعلن ممثلو الدول المشاركة بيانات تأييد جماعية أو ثنائية لتنفيذ القرار 2254 وإجراء إصلاح دستوري وصولاً إلى إجراء انتخابات بإدارة الأمم المتحدة بموجب دستور جديد. لكن كل المؤشرات تشير إلى أن الفجوة لا تزال كبيرة بين وفدي الحكومة والمعارضة وسط استبعاد حصول أي اختراق.
وتضم اللجنة المكلفة إجراء مراجعة للدستور 150 عضواً موزعين بالتساوي بين الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني. وفي نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، تمكن بيدرسن في أول جلسة لها، من تحقيق إنجازين؛ الأول، مدونة سلوك بين وفدي الحكومة والمعارضة. الثاني، تشكيل اللجنة المصغرة من 45 عضواً لصوغ مسودة الدستور. وأضيف هذا إلى إنجاز سابق، تمثل بالاتفاق على «معايير عمل اللجنة»، يعتبر أول إنجاز سياسي بين الطرفين.
- «ركائز وطنية»
لكن اجتماعات الجلسة الثانية في نوفمبر (تشرين الثاني) قوبلت بعقد شكلية، تتعلق بتسمية الوفدين، حيث أطلق وفد الحكومة على المعارضين بأنهم «وفد تركيا»، وجوهرية تتعلق بجدول الأعمال؛ حيث أصرّ الوفد «المدعوم من الحكومة» (كما سمى نفسه بداية، قبل أن يسمي نفسه «الوفد الوطني») على موافقة الطرف الآخر على «ركائز وطنية» قبل «مناقشة الدستور»، وشملت «رفض العدوان التركي والتمسك بوحدة الأراضي السورية والسيادة ورفض المشروعات الانفصالية، إضافة إلى رفض الإرهاب».
وأمام هذا الخلاف، جمدت الاجتماعات 9 أشهر، قبل أن تتمكن موسكو وطهران من إقناع دمشق بالاتفاق على صيغة مطاطة لجدول الأعمال، ثم إرسال وفدها بموجب الأجندة التي صاغها مستشارو بيدرسن، وهي «تماشياً مع الولاية والاختصاصات والقواعد الأساسية للإجراءات للجنة الدستورية (سيتم) إجراء مناقشة الأسس والمبادئ الوطنية» بين الوفود الثلاثة، حكومة ومعارضة ومجتمعاً مدنياً، في جنيف. لكن كي يصبح هذا الغموض «بناء»، فالأمر يرتبط إلى حد كبير بقرار دمشق وتدخل موسكو وطهران.
المؤشرات العلنية جاءت من الرئيس بشار الأسد، إذ قال أمام البرلمان: «محاولات إسقاط الوطن وإلغاء السيادة وتفتيت الشعب وضرب المؤسسات يحققها دستور، ويمنعها آخر». وأضاف: «رغم الجهود الصادقة لأصدقائنا في إيران وروسيا من أجل دفعها إلى الأمام (في إشارة إلى اللجنة الدستورية) فإنها بفضل الولايات المتحدة ووكيلتها تركيا وممثليهما في الحوار تحولت من مبادرات إلى خزعبلات سياسية». كما قال خلال لقائه علي أصغر خاجي، كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، إن دمشق «ماضية في هذا المسار (الدستوري)، رغم محاولات البعض حرف اللجنة عن مهامها وغايات تشكيلها، والسعي لتغيير آليات عملها».
أغلب الظن، أن المعركة الدستورية انطلقت، وبدأ عدّها التنازلي. وبعدما باتت الانتخابات البرلمانية وراء اللاعبين والسوريين، فإن الموعد المستقبلي للتموضع والتفاوض هو الانتخابات الرئاسية في منتصف 2021.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.