برلين وباريس تعتزمان موازنة الدور التركي في منطقة المتوسط

الرئيس الفرنسي: لبنان عنصر توازن في المنطقة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال جولته في شوارع بيروت مطلع الشهر الجاري (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال جولته في شوارع بيروت مطلع الشهر الجاري (إ.ب.أ)
TT

برلين وباريس تعتزمان موازنة الدور التركي في منطقة المتوسط

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال جولته في شوارع بيروت مطلع الشهر الجاري (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال جولته في شوارع بيروت مطلع الشهر الجاري (إ.ب.أ)

من المنتظر أن يكون الملف اللبناني حاضرا في المحادثات التي ستجرى اليوم بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في حصن بريغونسون المطل على مياه المتوسط، حيث يمضي الأول آخر أيام عطلته الصيفية.
وفيما يستمر ماكرون في إجراء مروحة واسعة من الاتصالات مع السياسيين اللبنانيين ومع كبار المسؤولين المعنيين بالمسألة اللبنانية في البلدان العربية والعالم تمهيدا لعودته إلى بيروت التي وعد بزيارتها مجددا، فإن محادثاته مع ميركل ترتدي طابعا مهما علما بأن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس زار بدوره بيروت عقب زيارة ماكرون. وتؤكد المصادر الفرنسية أن برلين راغبة وعازمة على أن تلعب دورا أكبر على المسرح الدولي أكان في لبنان أو ليبيا أو في البحر الأبيض المتوسط على خلفية الدور المتنامي لتركيا الذي تراه باريس «ضارا» و«مزعزعا للاستقرار».
وفي حديث لمجلة «باري ماتش» نشر في عدد المجلة الأخير الصادر صباح هذا اليوم، أعلن ماكرون أن قراره بالتوجه إلى بيروت جاء سريعا وتم اتخاذه «خلال ساعات قليلة» إذ إنه «لم يكن ممكنا الالتزام بموقف المتفرج، إذ بين فرنسا ولبنان علاقة تاريخية خاصة جدا ولأن لبنان هو صورة لما نريد أن نراه في الشرق الأوسط بفضل تنوعه وتعدديته ولكونه عنصر توازن ولأنه يمثل شيئا يتخطاه».
وردا على الذين اتهموه بـ«التدخل» في الشؤون الداخلية اللبنانية، اعتبر أن «مساعدة صديق والطلب منه أن يكون متطلبا إزاءه ليس تدخلا» مضيفا أنه «ندد بالتدخلات الخارجية لكنه أبدى احتراما للأطراف (الأحزاب) الموجودة بما فيها (حزب الله) الممثل في البرلمان» اللبناني.
وفي زيارة الساعات الست في 6 أغسطس (آب)، لم يتردد ماكرون في «تقريع» السياسيين اللبنانيين، مشددا على ضرورة إجراء الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والتجاوب مع مطالب الناس وما تريده «مجموعة الدعم» للبنان وعمد بعد 48 ساعة إلى تنظيم مؤتمر دولي لدعم لبنان وفر 252 مليون يورو لأغراض الإغاثة الإنسانية. ولم يأت ماكرون في حديثه للمجلة المذكورة على رغبته في العودة مجددا في الأول من سبتمبر (أيلول) القادم إلى بيروت وذلك لمراقبة ما تحقق منذ زيارته الأولى ومدى التزام المسؤولين والسياسيين اللبنانيين بالوعود التي أطلقوها. بيد أن هناك من يرى في باريس أنه في غياب تكليف رئيس حكومة جديد يحل محل المستقيل حسان دياب وفي غياب حكومة مشكلة تستجيب لتحديات المرحلة «إغاثة المنكوبين بسبب التفجير الذي أدمى بيروت ولبنان والتعاطي مع الأزمات المالية والاقتصادية والاجتماعية والصحية...» فإن ذهاب ماكرون مجددا إلى بيروت سيكون تكرارا لزيارته السابقة.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».