القاهرة تستنفر لـ«ترشيد المياه» تزامناً مع مفاوضات «سد النهضة»

TT

القاهرة تستنفر لـ«ترشيد المياه» تزامناً مع مفاوضات «سد النهضة»

تزامنا مع مفاوضات شاقة ومطولة، تخوضها مع إثيوبيا والسودان لتأمين إمداداتها من مياه نهر النيل، تستنفر مصر جهودها لترشيد استهلاك المياه بين مواطنيها، فضلا عن بدء إجراءات حكومية لمشاركة القطاع الخاص على الاستثمار في مشروعات تحلية مياه البحر.
وتعاني مصر من شح في موارد المياه العذبة، ووفق تصريحات رسمية، فإنها دخلت مرحلة الفقر المائي، التي يقل فيها نصيب الفرد عن ألف متر مكعب سنوياً.
وتجري مصر مفاوضات ما زالت متعثرة، برعاية الاتحاد الأفريقي، بهدف وضع اتفاق مُلزم ينظم قواعد ملء وتشغيل «سد النهضة»، الذي تبنيه أديس أبابا على نهر «النيل الأزرق»، الرافد الرئيسي لنهر النيل. كما تشكو مصر من ضعف مواردها المائية، إذ تعتمد بأكثر من 90 في المائة على حصتها من النيل، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، بينما تتحسب لنقص في تلك الحصة مع اقتراب إثيوبيا من تشغيل السد. وكلف مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، أمس، بسرعة البدء في التفاوض مع عدد من المستثمرين وشركات القطاع الخاص، الراغبة في الاستثمار بمشروعات مياه الشرب والصرف الصحي. خاصة أن هناك حالياً اهتماماً من القطاع الخاص بضخ استثمارات في قطاع مياه الشرب والصرف الصحي، خاصة في مشروعات تحلية مياه البحر، وفقا لمدبولي، الذي التقى وزير الإسكان أمس، وطالب بدراسة هذه العروض، والتعاون وعقد شراكات مع القطاع الخاص الجاد لإدارة وتشغيل هذه المحطات، على أن تتولى الجهات المختصة بشركات المياه شراء المنتج منهم، وبيعه للمواطنين بالأسعار العادية.
كما كلف مدبولي بسرعة البدء في التفاوض مع عدد من المستثمرين وشركات القطاع الخاص، الراغبة في الاستثمار بهذا القطاع، مشدداً على أهمية التفاوض على أفضل الأسعار، وعلى الاهتمام بترشيد استهلاك المياه، وتركيب القطع الموفرة في كل المشروعات الحكومية والسكنية، لكونها توفر أكثر من 30 في المائة من استهلاك المياه، وهو ما يعود بوجه عام بفوائد عديدة، كما كلف بأن يتم التنسيق مع كل شركات تصنيع خلاطات المياه لتضمينها بالقطع الموفرة.
بدوره، قال عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق، إنه بدأ بالفعل التفاوض مع عدد من الشركات الراغبة في الاستثمار في مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي، موضحا أنه سيتم التوصل إلى صيغة نهائية للتفاوض، بشأن عدد من المشروعات في بعض المحافظات.
وتنفذ الحكومة المصرية استراتيجية وطنية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037، باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تضم مشروعات لتحلية مياه البحر، وتحويل الأراضي الزراعية للري الحديث، ومعالجة مياه الصرف.
واستؤنفت المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان، أمس، حول صياغة «مسودة موحدة»، تفضي إلى اتفاق ينظم قواعد ملء وتشغيل «سد النهضة».
ومن المقرر أن تستمر المفاوضات، التي تجري تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، حتى 28 من أغسطس (آب) الحالي، على أمل تذليل الخلافات، حيث تتمسك مصر والسودان بضرورة الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم، ينظم عمليتَي ملء وتشغيل السد، بما يؤمّن مصالحهما المائية، ويحد من أضرار هذا السد وآثاره على دولتي المصب، خاصة في أوقات الجفاف والجفاف الممتد. في حين ترفض إثيوبيا ما تصفه بـ«تقييد حقوقها في استخدام مواردها المائية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.