عمليات اغتيال الناشطين تطيح مسؤولين أمنيين في البصرة

متظاهرون وسط دخان كثيف بعد محاولتهم حرق منزل محافظ البصرة أول من أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون وسط دخان كثيف بعد محاولتهم حرق منزل محافظ البصرة أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

عمليات اغتيال الناشطين تطيح مسؤولين أمنيين في البصرة

متظاهرون وسط دخان كثيف بعد محاولتهم حرق منزل محافظ البصرة أول من أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون وسط دخان كثيف بعد محاولتهم حرق منزل محافظ البصرة أول من أمس (أ.ف.ب)

أقال رئيس الوزراء والقائد الأعلى للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، (الاثنين)، قائد شرطة البصرة الفريق الركن رشيد فليح، على خلفية الخروقات الأمنية الأخيرة وعمليات الاغتيال التي طالت ناشطين في الحراك الشعبي. وبدت عملية الإقالة استجابة لمطالب جماعات الحراك في البصرة وبقية المحافظات التي تتهم قائد الشرطة بالضلوع في عمليات القمع التي تعرض لها عدد من الناشطين في البصرة. وسبق أن هاجم قائد الشرطة المقال جماعات الحراك، واتهمهم بـ«العمالة» وبتلقي الدعم من جهات خارجية.
وأعلن الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول، تكليف اللواء عباس ناجي خلفاً لفليح. كما أكد رسول إيعاز الكاظمي بإعفاء رئيس جهاز الأمن الوطني في محافظة البصرة من مهام عمله.
وانصبت معظم مطالب المحتجين البصريين في الأيام الأخيرة، وعقب اغتيال الناشط تحسين أسامة الشحماني (الجمعة الماضي)، على المطالبة بإقالة المحافظ أسعد العيداني وقائد الشرطة الذي ارتبطت سمعته بمواجهة جماعات الاحتجاج بالعنف منذ توليه منصبه في زمن رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي عام 2019. وتلقى كثير من الناشطين بارتياح خبر إقالته، وطالبوا بمحاسبته وتحميله مسؤولية عمليات قتل طالت ناشطين بوصفه قائداً لشرطة وعدم الاكتفاء بقرار إقالته.
كان المتظاهرون في البصرة حددوا، أول من أمس، مهلة 24 ساعة للكشف عن منفذي عملية اغتيال الشحماني، إلا أن السلطات هناك لم تتحرك وتكشف عن الجناة، ما دفع جماعات الحراك إلى مهاجمة منزل المحافظ، وحرق أجزاء منه بقنابل «المولوتوف». ولم تخفق السلطات المحلية وقوى الأمن في البصرة بملاحقة الجناة فحسب، بل أخفقت أيضاً في إيقاف عمليات الاغتيال واستهداف الناشطين اللاحقة، وعاد مسلحون، أول من أمس (الاثنين)، ليستهدفوا ثلاثة ناشطين وسط البصرة. وذكرت مصادر أمنية في المحافظة أن «المسلحين أطلقوا أكثر من 15 رصاصة باتجاه عجلة الناشطين فهد الزبيدي وعباس صبحي ولوديا ريمون». وأضافت أن «لوديا ريمون، وعباس صبحي أصيبا بجروح، نقلا على أثرها إلى المستشفى التعليمي، فيما نجا الناشط فهد الزبيدي الذي كان يقود السيارة، ولم يصب بأي أذى».
من ناحية أخرى، تواصلت التظاهرات الاحتجاجية في محافظة ذي قار، أمس، احتجاجاً على الواقع الخدمي، حيث أقدم متظاهرون على إغلاق الطريق السريع من جهة تقاطع الإسكان. وقام المحتجون بـ«إغلاق الطريق السريعة في الناصرية من جهة تقاطع الإسكان عبر حرق الإطارات في ممري الشارع، وعدم السماح للسيارات بالمرور، احتجاجاً على تردي الخدمات وللمطالبة بتعبيد طريق البوفياض الترابية».
في الناصرية أيضاً، انفجرت عبوة ناسفة، أمس، في الساحة القريبة من جسر الحضارات المرتبط بساحة الحبوبي معقل الاحتجاجات الرئيس هناك. ولم يعرف ما إذا كانت العبوة تستهدف ناشطين أو غير ذلك، لكن مصادر أمنية في المدينة قالت إن «عبوة محلية الصنع انفجرت في فلكة جسر الحضارات وسط الناصرية وضعت تحت إحدى العجلات المارة، ما أدى إلى انفجارها، وخلفت أيضاً، أضراراً بعجلتين وإصابة السائق الذي كان في أحدهما، وتم نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».