لبنان على «شفير الهاوية»... و«كورونا» دخل مرحلة «التفشي التام»

تفعيل المستشفيات الميدانية خيار بديل إثر بلوغ المستشفيات قدراتها الاستيعابية... وتوجّه لإقفال البلد أسبوعين

جنود فرنسيون يساعدون أمس في إنزال مساعدات إنسانية مرسلة من الصليب الأحمر الفرنسي (أ.ب)
جنود فرنسيون يساعدون أمس في إنزال مساعدات إنسانية مرسلة من الصليب الأحمر الفرنسي (أ.ب)
TT

لبنان على «شفير الهاوية»... و«كورونا» دخل مرحلة «التفشي التام»

جنود فرنسيون يساعدون أمس في إنزال مساعدات إنسانية مرسلة من الصليب الأحمر الفرنسي (أ.ب)
جنود فرنسيون يساعدون أمس في إنزال مساعدات إنسانية مرسلة من الصليب الأحمر الفرنسي (أ.ب)

تتجه الحكومة اللبنانية إلى إقفال البلد بهدف مواجهة انتشار وباء «كوفيد - 19» الذي أوصل لبنان إلى «شفير الهاوية»، حسب ما قال وزير الصحة حمد حسن، مع تسجيل ارتفاع غير مسبوق في عدّاد إصابات «كورونا» والذي تجاوز أمس 456 حالة مؤكدة، بحسب ما قالت مصادر معنية لـ«الشرق الأوسط».
وأعلن الوزير حمد بعد الاجتماع باللجنة العلمية الطبية أنّ الأخيرة طلبت «الإقفال لمدة أسبوعين وهي أقل فترة زمنية تسمح للفرق الطبية في تتبع المصابين والمخالطين وإسعافهم، وتساهم في خفض عدد المصابين لكي تتمكن المستشفيات من استيعاب عدد الإصابات».
ولن يكون العدد الصادم الذي سجّل أمس استثناء «إذ من المتوقع أن نشهد المزيد من الارتفاع بعدد حالات (كورونا) خلال الأيام المقبلة»، حسب ما تؤكد الدكتورة بترا خوري مستشارة رئيس الحكومة للشؤون الطبية في حكومة تصريف الأعمال، محذرة في حديث مع «الشرق الأوسط» من أن لبنان «بات قريباً جداً من السيناريو الأوروبي وأنه دخل مرحلة خطرة جداً».
وأوضحت خوري أنّ هذه المرحلة هي مرحلة «التفشي التام» وذلك انطلاقاً من معيارين أولهما «تسجيل نسبة 5 في المائة من الإصابات الإيجابية من مجموع الفحوصات التي تجرى بشكل يومي» وثانيهما ارتفاع نسبة الوفاة «إذ بتنا نسجل 3 وفيات يوميا بعدما كنا نسجل حالة كل أسبوع أو كل أسبوع ونصف الأسبوع». وكان وزير الصحة أكّد أن وجود 500 حالة يعني أن هناك 2500 أو 5000 حالة مصابة بالفيروس لكنها غير مشخصة.
وفي حين أشارت خوري إلى أن التخالط الذي حصل بحكم الأمر الواقع إثر إنفجار مرفأ بيروت «ساهم بشكل ملحوظ بارتفاع أعداد إصابات (كورونا)»، لفتت إلى عوامل أخرى كثيرة ساعدت وبشكل كبير في تفشي الوباء «منها التجمعات في حفلات الزفاف ومناسبات التعازي والوضع الاقتصادي الضاغط وعدم الالتزام بالمعايير والتدابير الوقائية اللازمة من قبل المواطنين».
وانطلاقا مما تقدم اعتبرت خوري أنّ لبنان يتجه وبسرعة كبيرة نحو «الهاوية» في موضوع «كورونا»، قائلة إن المكابح الوحيدة تتمثل في «الالتزام بالإجراءات الوقائية من تباعد اجتماعي ووضع كمامات وغسل الأيدي»، مشيرة إلى أنّ إقفال البلد الذي قد تلجأ الحكومة إلى إعلانه «يساعد بطبيعة الحال بالسيطرة على الوضع ولكنه وحده لا يكفي ولا سيما أنّ دون تطبيقه بالشكل المطلوب عوائق عدة تتعلّق بحاجة الناس للعمل وإصلاح منازلها التي تضرّرت بفعل الانفجار ونحن على أبواب الشتاء».
وفي هذا الإطار أشار وزير الصحة إلى أنّ الإقفال وبحال اعتماده «سيأخذ خصوصية مكان الانفجار ونشاط الجمعيات التي تدعم العائلات المتضررة بعين الاعتبار، وأنه سيتم تنسيق إجراءات متخصصة لها مع القوى الأمنية». واعتبر حسن أنه «خلال الإقفال الأخير الذي أطلق عليه تسمية 5 - 2 - 5 لم يكن هناك التزام بالإقفال» وأنه «على كل الوزارات المتابعة وتحقيق الهدف المرجو من الإقفال».
وقاربت المستشفيات التي افتتحت أقساماً فيها لمعالجة فيروس «كورونا» إلى بلوغ سقف قدراتها الاستيعابية، وشدّد رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي على أنّ ارتفاع أعداد الإصابات بالوباء يعني «ارتفاع عدد الأشخاص الذين يحتاجون دخول مستشفى أو هؤلاء الذي يحتاجون عناية مركزة»، لافتاً في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أن «معظم أقسام (كورونا) في المستشفيات الحكومية في بيروت وصلت إلى طاقتها الاستيعابية القصوى وخرجت عن الخدمة»، وذلك في وقت «لم يف فيه عدد كبير من المستشفيات الخاصة بوعوده بتجهيز أقسام لـ(كورونا) بحجة نقص في المعدات الطبية أو عدم وفرة المال أو عدم دفع الدولة مستحقاتها».
وأمام هذا الواقع تتجه وزارة الصحة إلى الاستفادة من المستشفيات الميدانية التي وصلت وتصل تباعاً إلى لبنان على أثر الانفجار، وعليه طلب عراجي من وزير الصحة إرسال مستشفى ميداني إلى طرابلس بسبب التفشي السريع للوباء في المدينة.
وكانت وزارة الصحة أعلنت أنه يمكن اللجوء إلى «إفراغ بعض المستشفيات الحكومية وتخصيصها لمرضى (كورونا)» أو «التعاون مع المستشفيات الخاصة ليصار إلى دفع فواتير (كوفيد 19) على نفقة الوزارة بعد المساعدة من منظمة الصحة».
وفي حين يبدو أنّ التوجه سيكون نحو إعلان إقفال تام خلال الأيام القليلة القادمة، شدّد عراجي على أنّ الإقفال «يجب أن يترافق مع إجراءات ورقابة مشددة» و«إلا نكون نراكم خسائر اقتصادية من دون تحقيق أي فائدة على خط (كورونا)»، معتبراً أنّ «تراخياً حصل في فترة الماضية من قبل وزارة الداخلية على خط مراقبة الالتزام بالتدابير والإجراءات الوقائية لجهة الالتزام بوضع الكمامة والتباعد الاجتماعي ومنع التجمعات»، إذ شهد لبنان تجمعات في الأعراس والتعازي وغير ذلك من المناسبات والأماكن.
من جهة أخرى، أوضح عراجي أنه من الممكن «الاستفادة من المساعدات الكبيرة التي تأتي حالياً إلى لبنان لدعم أيضا العائلات المحتاجة في حال إقفال البلد» لا سيما أن «عدداً كبيراً من هذه العائلات لا يستطيع الصمود بحال توقف المعيل عن العمل ليوم واحد فكيف لـ14 يوماً».
بدوره، رأى مدير مستشفى بيروت الحكومي الدكتور فراس الأبيض أن «الإغلاق يجب أن يحصل وأن يكون لمدة أسبوعين على الأقل حتى يحقق نتيجته»، معتبراً أنه «من دون الإغلاق ستستمر الأرقام في الارتفاع، مما سيؤدي إلى تجاوز القدرة الاستيعابية للمستشفيات وهذا أمر كارثي». واعتبر الأبيض أنه «في مرحلة لاحقة، ستكون خطورة الموقف واضحة حتى للمشككين في الفيروس، ولسوء الحظ، سيكون الوقت قد فات».



«الوزارية العربية الإسلامية» تبحث مع غوتيريش تفعيل الاعتراف بدولة فلسطين

جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
TT

«الوزارية العربية الإسلامية» تبحث مع غوتيريش تفعيل الاعتراف بدولة فلسطين

جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)

بحثت اللجنة الوزارية العربية الإسلامية بشأن تطورات غزة، الأربعاء، مع أنطونيو غوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة، دعم الجهود الرامية إلى تفعيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والذي يكفل تلبية حقوق الشعب بتجسيد دولته المستقلة ذات السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس المحتلة.

وترأس الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، الاجتماع الذي حضره الأعضاء: الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، ومحمد مصطفى رئيس الوزراء وزير الخارجية الفلسطيني، وأيمن الصفدي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني، ووزراء الخارجية بدر عبد العاطي (مصر)، والدكتور عبد اللطيف الزياني (البحرين)، وهاكان فيدان (تركيا)، وريتنو مارسودي (إندونيسيا)، وأمينا جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ومنظمة التعاون الإسلامي حسين طه.

وناقش الاجتماع، الذي جاء على هامش أعمال الأسبوع رفيع المستوى للدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، التطورات الخطيرة في غزة، ومواصلة الاحتلال الإسرائيلي التصعيد العسكري ضد المدنيين العُزل، حيث جدّدت اللجنة موقف الدول العربية والإسلامية الموحَّد الرافض للعدوان، ودعوتها لضرورة الوقف الفوري والتام لإطلاق النار، وضمان حماية المدنيين وفق القانون الدولي الإنساني.

الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته في اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع غوتيريش (الأمم المتحدة)

وبحث أعضاء اللجنة أهمية دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» بوصفها ضرورة لا بديل عنها في جميع عمليات الاستجابة الإنسانية بغزة، مشددين على أهمية التصدي للحملات المُمنهجة التي تستهدف تقويض دورها، مع استمرار دعمها لضمان إيصال المساعدات الضرورية للمحتاجين.

وطالبوا بالتصدي لكل الانتهاكات الصارخة التي تُمارسها قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، وتزيد المأساة الإنسانية، وعرقلتها دخول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى غزة، مؤكدين أهمية محاسبة إسرائيل على الانتهاكات المتواصلة في القطاع والضفة الغربية المحتلة، والتصدي لعمليات التهجير القسري التي يسعى الاحتلال لتنفيذها.

ونوّه الأعضاء بأهمية اتخاذ الخطوات الجادة والعاجلة لضمان تأمين الممرات الإغاثية لإيصال المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية الكافية والعاجلة لغزة، معبّرين عن رفضهم تقييد دخولها بشكلٍ سريع ومستدام وآمن، ومقدّرين جهود غوتيريش ومواقفه خلال الأزمة، خصوصاً فيما يتعلق بجهود حماية المدنيين، وتقديم المساعدات.

جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع غوتيريش في نيويورك (الأمم المتحدة)

من جانب آخر، أكد الأمير فيصل بن فرحان أن صناعة السلام تتطلب الشجاعة في اتخاذ القرارات الصعبة، «فخلف كل تعطيل لمسارات السلام والتسويات السياسية، نجد بعض القيادات السياسية تُغلِّب مصالحها الشخصية واعتباراتها الحزبية على المصالح الجامعة والسلم الإقليمي والدولي، وهو ما انعكس بشكل واضح على كفاءة المنظمات الدولية، ومجلس الأمن على وجه الخصوص، في أداء مهامها».

جاء ذلك خلال مشاركته في الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن تحت عنوان «القيادة في السلام»، وذلك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال وزير الخارجية السعودي إن «الاجتماع يأتي في فترة تتصاعد فيها وتيرة الصراعات والأزمات، وتتضاعف التحديات والتهديدات المشتركة، وتتنامى أزمة الثقة في النظام الدولي متعدد الأطراف، وقدرته على تحقيق آمال الشعوب بمستقبل يسوده السلام والتنمية».

وشدد على أن «هذه الظروف تُحتِّم علينا تقييم حالة العمل الدولي متعدد الأطراف، وأسباب تراجعه عن حلّ الأزمات ومعالجة التحديات المشتركة»، متابعاً: «ولعلّ النظر الجاد في الإسراع بعملية إصلاح مجلس الأمن أصبح ضرورة مُلحّة أكثر من أي وقت مضى»، ومنوهاً بأن «استعادة الاحترام للمواثيق والأعراف الدولية تأتي عبر تطبيق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ومحاسبة منتهكيه دون انتقائية».

وأوضح الأمير فيصل بن فرحان أن التحدي لا ينحصر في عجز منظومة السلم والأمن والمؤسسات الدولية عن الاستجابة للتحديات المشتركة، بل يتعداه ليشمل غياب «القيادة من أجل السلام»، مضيفاً: «للخروج من دائرة العنف والأزمات، يجب علينا تمكين القيادة الدولية المسؤولة، وإحباط محاولات تصدير المصالح السياسية الضيقة على حساب أمن الشعوب وتعايشها».

ولفت إلى أن «غياب التحرّك الدولي الجادّ لإيقاف التصعيد العسكري الإسرائيلي المستمر هو دليل قاطع على ما يعانيه النظام الدولي متعدد الأطراف من قصور وتضعضع في الإرادة السياسية الدولية».

وأبان وزير الخارجية السعودي أن بلاده تؤمن بأن السلام هو الأساس الذي يمهّد للتعاون والتنمية، وهو الحامي لديمومتهما، مؤكداً دعمها النظام الدولي متعدد الأطراف، وسعيها لتطويره وتمكين مقاصده، واستعادة الثقة بمؤسساته، والتزامها بتعزيز العمل الجماعي من أجل تحقيق الأمن والتنمية المشتركة.

وزير الخارجية السعودي يتحدث خلال جلسة مجلس الأمن حول «القيادة في السلام» (واس)

إلى ذلك، شارك الأمير فيصل بن فرحان في الاجتماع الوزاري بشأن السودان، على هامش أعمال الجمعية العامة، الذي تناول المستجدات، وأهمية تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وتخفيف المعاناة الإنسانية للشعب السوداني.

كما شارك في الاجتماع الوزاري المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي و«البينيولكس»، الذي استعرض فرص تعزيز التعاون بين الجانبين بمختلف المجالات، ومن بينها إمكانية زيادة التبادل التجاري، وتطوير العمل التنموي والاقتصادي. كما ناقش آخِر تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية؛ بما فيها حرب غزة، والجهود المبذولة بشأنها.

الأمير فيصل بن فرحان لدى مشاركته في الاجتماع الوزاري بشأن السودان (واس)

من ناحية أخرى، قال وزير الخارجية السعودي، إن بلاده تؤمن بضرورة تعزيز آليات التشاور بين مجلس الأمن والمنظمات الإقليمية، مثمّناً القرار التاريخي لسلوفينيا بالاعتراف بدولة فلسطين.

وشدّد خلال مشاركته في اجتماع ترويكا جامعة الدول العربية (السعودية، البحرين، العراق) مع الدول الأعضاء بمجلس الأمن، على دعم الرياض الكامل لجهود الوساطة التي تبذلها القاهرة والدوحة وواشنطن، ورفضها للإجراءات الإسرائيلية التي تعرقلها.

وجدّد الأمير فيصل بن فرحان دعم السعودية لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وتقديرها للجهود التي تبذلها في قطاع غزة.

وزير الخارجية السعودي خلال مشاركته في اجتماع الترويكا العربية مع مجلس الأمن (واس)

وأكد على أهمية تكثيف التعاون والتنسيق بين جامعة الدول العربية ومجلس الأمن والشركاء الدوليين من أجل إحراز تقدم ملموس بقضايا المنطقة، والمساهمة في تعزيز السلم والأمن الدوليين.

وشارك وزير الخارجية السعودي، في الفعالية السنوية لدعم أعمال (الأونروا)، حيث جرى بحث ضرورة توفير الدعم اللازم لها، لضمان استمرار تقديم خدماتها الحيوية للاجئين الفلسطينيين.