الكاظمي يحمل إلى واشنطن حقيبة «مثقلة بالرسائل»

بينها واحدة من قائد «فيلق القدس» الإيراني

رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي (أ.ب)
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي (أ.ب)
TT

الكاظمي يحمل إلى واشنطن حقيبة «مثقلة بالرسائل»

رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي (أ.ب)
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي (أ.ب)

في العادة لا تعلن على المستوى الرسمي أو البروتوكولي زيارات المسؤولين العسكريين أو الأمنيين الإيرانيين إلى العراق، لكنها سرعان ما تنتشر أكثر من الزيارات المعلنة التي يقوم بها وزير الخارجية محمد جواد ظريف أو سواه من كبار المسؤولين. كان يحدث ذلك أيام الجنرال قاسم سليماني الذي لم يعرف العراقيون بوجوده في بغداد إلا بعد إعلان مقتله بغارة أميركية قرب مطار بغداد الدولي في 3 يناير (كانون الثاني) الماضي. الجنرال إسماعيل قاآني، خلف سليماني، جاء إلى بغداد أكثر من مرة خلال هذا العام، لكن في زيارات لم تكشف عنها سوى مصادر أو مسؤولين يرفضون في العادة ذكر أسمائهم.
الزيارة الحالية من قاآني التي تأتي عشية الرحلة التي من المتوقع أن تبدأ اليوم والتي يقوم بها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى واشنطن كشف عنها في تغريدة السياسي العراقي المستقل عزت الشابندر. الشابندر كتب على موقع «تويتر» التغريدة التالية ذات الدلالة: «في الوقت الذي لم تتوقف فيه صواريخ (الكاتيوشا) على القوات الأميركية الموجودة في معسكر التاجي والمنطقة الخضراء، استقبل السيد الكاظمي ضيفه السيد قاآني واستمع إلى رسائله الناعمة قبل سفر الأول إلى الولايات المتحدة الأميركية ولقائه ترمب يوم 20 من هذا الشهر».
مفردة «الناعمة» في رسائل قاآني إلى الكاظمي كان قد سبقها بيوم واحد لقاء جمع الكاظمي مع قيادة «تحالف الفتح» بزعامة هادي العامري ورؤساء الكتل المنضوية في هذا التحالف، وذلك من أجل تدارس الملفات والرسائل التي سوف يحملها معه في رحلته إلى واشنطن التي تراهن أطراف على نجاحها بينما تراهن أطراف أخرى على فشلها.
اللقاء الذي جمع الكاظمي مع قيادات «الفتح» غاب عنه ممثلو «عصائب أهل الحق» دون إبداء الأسباب، وهو ما يعني رسالة أخرى وصلت إلى الكاظمي من قبل أحد الفصائل المسلحة التي لها جناح سياسي مهم في البرلمان والحكومة. النائب المستقل عامر الفايز وصف لقاء الكاظمي مع العامري ومن معه من ممثلي مكونات «الفتح» بالناجح. لكن مفهومي النجاح والفشل؛ إن كان في اللقاءات التي تسبق الزيارة وموعد لقاء ترمب أو خلال الزيارة وأثناء اللقاء، يتوقفان ليس على ما يحمله الكاظمي من رؤية عبر رسائله متناقضة التوجهات والأجندات؛ لكن على ما سوف يسمعه من ترمب بشأن قضايا كثيرة؛ منها ما يتعلق بالعلاقات الثنائية، أو استمرار الصواريخ التي تستهدف الوجود الأميركي في العراق، والحوار الاستراتيجي الذي يريده طرف بمثابة تجديد للبقاء الأميركي تحقيقاً للتوازن، بينما يختزله طرف آخر في ملف واحد هو الانسحاب.
ليس هذا فقط؛ فهناك من أضاف بنداً جديداً إلى زيارة الكاظمي في هذا الوقت إلى واشنطن، وهو مسألة التطبيع الإماراتي مع إسرائيل، خصوصاً أن الكاظمي هو أول زعيم عربي سوف يستقبله ترمب بعد هذا الحدث.
ظافر العاني، النائب عن «تحالف القوى العراقية» بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، أعلن من جانبه «أننا لسنا مضطرين لحمل الرسائل التي جاء بها إسماعيل قاآني إلى ترمب».
العاني في تغريدة قال إن «هذه الزيارة لرئيس وزراء العراق ومصالح بلدنا أولى من مصلحة دولة أخرى». وأضاف أن «هدف إيران تقزيم العراق في نظر المجتمع الدولي عندما تحوله إلى مجرد ساعي بريد لرسائل (فيلق القدس) الإيراني».
من جهته، يرى رئيس «مركز التفكير السياسي» في العراق الدكتور إحسان الشمري، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن زيارة الكاظمي إلى واشنطن «هي لوضع العلاقة بين العراق والولايات المتحدة في مسار جديد على أساس اتفاقية الإطار الاستراتيجي، ومن ثم وضع صيغة جديدة لطبيعة هذه العلاقة التي شهدت توتراً خلال الحكومات السابقة». وأضاف الشمري: «من الواضح أن هذه الزيارة ستحاول تثبيت العراق بوصفه دولة توازن، وأن تقدم مصالح العراق في طبيعة الحوار، غير أن الجانب الأكبر منها وفيها سيكون طبيعة الصراع بين واشنطن وطهران، ومن ثم باقي المسائل الأخرى من خلال رؤية ترمب لمختلف القضايا والملفات، فضلاً عمّا يمكن أن يظهره الكاظمي من قدرة على تقويض نفوذ إيران وحلفائها سياسياً في الداخل العراقي عبر أكثر من طريقة؛ من بينها تحقيق تقدم في ملف حصر السلاح بيد الدولة، وكذلك طبيعة إعادة صياغة الوجود الأميركي في العراق». وأوضح الشمري أن «رؤية واشنطن عبر هذه الزيارة هي التي سوف تلقي بظلالها عليها وسوف تحدد طبيعة مخرجات هذه الزيارة»، مشيراً إلى أن «إيران لديها هي الأخرى رؤية لطبيعة زيارة الكاظمي وذلك لجهة مراعاة مصالحها، فضلاً عن الرؤية الإيرانية التي تلقاها الكاظمي، وبالتالي على ضوئها سوف يتحدد الموقف من الكاظمي إن كان على صعيد اطمئنان محدود، أو ثقة متنامية، أو أن تكون هناك قطيعة مع الكاظمي في حال انسجامه مع الرغبة الأميركية على حساب الإيرانية».
وبشأن طبيعة الرسائل التي يحملها الكاظمي، يقول الشمري إن «الكاظمي سيحمل بالتأكيد رسائل متعددة؛ أولاً رسالة المصلحة العراقية وتتضمن الرؤية العراقية لطبيعة العلاقة مع واشنطن أو طبيعة العلاقة بين واشنطن وطهران، والرسالة الأخرى ربما نقل وجهة نظر إيران إلى ترمب؛ خصوصاً أن الوقت الحالي حرج جداً؛ وهو ما يدركه الكاظمي، وربما ينقل رسالة من ترمب إلى طهران، خصوصاً أن ترمب يحاول الوصول إلى تفاهم مع إيران بخصوص الملف النووي والعقوبات». وبين الشمري أن «حمل الرسائل سوف يثقل حقيبة الكاظمي، لا سيما أنه قد لا تكون الملفات العراقية هي الطاغية على طاولة المفاوضات بين بغداد وواشنطن».



وزير الدفاع الإيراني في دمشق لبحث «قضايا الأمن والدفاع»

لقاء وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده والرئيس السوري بشار الأسد (سانا)
لقاء وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده والرئيس السوري بشار الأسد (سانا)
TT

وزير الدفاع الإيراني في دمشق لبحث «قضايا الأمن والدفاع»

لقاء وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده والرئيس السوري بشار الأسد (سانا)
لقاء وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده والرئيس السوري بشار الأسد (سانا)

في الوقت الذي يتزايد فيه الحديث عن مساعٍ دولية لتحجيم الدور الإيراني في سوريا، ومع اشتداد حدة الضربات الإسرائيلية على دمشق، نشطت زيارة المسؤولين الإيرانيين إلى العاصمة السورية.

فبعد أقل من يومين على حمل كبير مستشاري المرشد الإيراني علي لاريجاني رسالة للرئيس السوري بشار الأسد من المرشد علي خامنئي، بالتزامن مع غارات إسرائيلية على دمشق وريفها، استهدفت قياديين في حركة «الجهاد الإسلامي» الفلسطينية، وضربات في حي المزة وضاحية قدسيا، وموقعاً في محيط مطار المزة العسكري، لم تكشف أسباب استهدافه، بدأ وزير الدفاع الإيراني العميد عزيز نصير زاده زيارة إلى دمشق يوم السبت للقاء عدد من المسؤولين السياسيين والعسكريين السوريين؛ تلبية لدعوة وزير الدفاع السوري علي محمود عباس.

وقال بيان رئاسي سوري مقتضب إن الوزير الإيراني والوفد المرافق التقى، الأحد، الرئيس السوري بشار الأسد، وجرى بحث «قضايا تتعلق بالدفاع والأمن في المنطقة، وتعزيز التعاون بين البلدين لمواجهة الإرهاب وتفكيك بنيته بما يخدم استقرار المنطقة وأمنها». وأكد الأسد -وفق البيان- أن «القضاء على الإرهاب مسؤولية إقليمية ودولية، لأن أخطاره تهدد شعوب العالم كله».

ونقلت وسائل الإعلام الرسمية أن مباحثات وزير الدفاع الإيراني والوفد الرسمي الذي يرافقه مع كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين ستشمل «آخر المستجدات في المنطقة بشكل عام، وتعزيز التنسيق والتعاون بين الجيشين الصديقين، بما يسهم في مواصلة محاربة الإرهاب، وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة».

لقاء وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده والرئيس السوري بشار الأسد (سانا)

مساعٍ روسية

وربط متابعون في دمشق بين زيارات المسؤولين الإيرانيين إلى دمشق وتزايد مساعي موسكو في دفع مسار تقارب دمشق مع محيطها العربي، وتحييدها عن معركة إسرائيل مع «حزب الله» و«حماس» لتجنب توسع الحرب، وقالت مصادر متابعة لـ«الشرق الأوسط» إنه من الصعب فك ارتباط دمشق بمحور «المقاومة» أو تحجيم الوجود الإيراني في سوريا؛ حيث ترتبط دمشق بطهران عبر عدد من اتفاقيات التعاون والتعاون الاستراتيجي طويل الأمد.

وأفادت وكالة «مهر» الإيرانية في وقت سابق بأن الوزير الإيراني عزيز نصير زاده التقى، صباح الأحد في دمشق، نظيره السوري، كما التقى أيضاً رئيس الأركان العامة للجيش والقوات المسلحة السورية عبد الكريم محمود إبراهيم.

ونقلت «مهر» عن وزير الدفاع الإيراني إشارته إلى أن سوريا لديها «مكانة استراتيجية» في السياسة الخارجية لبلاده، وقال إنه سيبحث مع المسؤولين السياسيين والعسكريين عدة مسائل مشتركة في مجال الدفاع والأمن، لتوسيع وتطوير العلاقات في هذا المجال بين البلدين، مؤكداً أنه «بناءً على توصيات قائد الثورة الإسلامية، مستعدون لتقديم كل وسائل الدعم لسوريا الصديقة».

ووفق الوكالة الإيرانية، بحث نصير زاده في دمشق «تعزيز وتوطيد العلاقات الدفاعية الثنائية، والدور المركزي لدول المنطقة في توفير الأمن، وضرورة سحب القوات الأجنبية، ومواصلة التعاون الثنائي لمواجهة مختلف أشكال الإرهاب، فضلاً عن دراسة التطورات في المنطقة وجبهة المقاومة».

قوات أمن سورية في موقع غارة إسرائيلية استهدفت حي المزة في دمشق (إ.ب.أ)

رسالة لاريجاني

وتأتي زيارة وزير الدفاع الإيراني إلى دمشق بعد يومين من نقل كبير مستشاري المرشد الإيراني علي لاريجاني رسالة من المرشد علي خامنئي إلى الرئيس بشار الأسد، قالت مصادر إعلامية سورية إنها رسالة خاصة تتعلق بتنسيق عالي المستوى على الصعيد العسكري، بعد تصاعد الاستهدافات الإسرائيلية، كما نقل تلفزيون «الميادين» اللبناني عن لاريجاني، قوله خلال زيارته بيروت بعد دمشق، إنه حمل رسالتين إحداهما للرئيس السوري، والأخرى لرئيس مجلس النواب اللبناني.

وأكد لاريجاني أن الرسالتين من خامنئي شخصياً، مشيراً إلى أن بلاده «ستدعم أي قرار تتخذه (المقاومة) حول مفاوضات وقف إطلاق النار مع إسرائيل»، وفقاً لـ«وكالة أنباء العالم العربي».

وكان لافتاً تنفيذ إسرائيل سلسلة ضربات في دمشق وريفها، بالتزامن مع زيارة لاريجاني، استهدفت مبنيين في حي المزة ومبنى آخر في ضاحية قدسيا بريف دمشق، كما تم استهداف محيط مطار المزة العسكري، ومعبر غير شرعي على الحدود السورية - اللبنانية في منطقة الزبداني - سرغايا. وقوبل ذلك بصمت رسمي وإعلامي، في حين لم تُكشف أي تفاصيل عن الهجومين الأخيرين.

وأوقعت غارتا يوم الخميس الماضي خسائر كبيرة في الأرواح؛ إذ قتل نحو 15 شخصاً بينهم أطفال ونساء، وأصيب أكثر من 16 آخرين في المزة، في حين نعت حركة «الجهاد الإسلامي»، السبت، القيادي عبد العزيز الميناوي، عضو المكتب السياسي في الحركة، ورسمي يوسف أبو عيسى، مسؤول العلاقات العربية مع «ثلة من كوادر الحركة، إثر الاستهداف الإسرائيلي لمكاتب مدنية وشقق سكنية، وجرى إخراج جثمانيهما من تحت الأنقاض فجر السبت»، وفق بيان النعي.