«جديد من قديم» لإنقاذ «المنابر المملوكية» في مصر

قطعة مستوحاة من التراث
قطعة مستوحاة من التراث
TT

«جديد من قديم» لإنقاذ «المنابر المملوكية» في مصر

قطعة مستوحاة من التراث
قطعة مستوحاة من التراث

جواهر الفنون والعمارة الإسلامية، من زخارف وتكوينات لونية فريدة، نستطيع أن نستعيدها برؤى معاصرة جديدة، واستخدامات يومية تضفي لمحات من الجمال والأصالة على الحياة، عبر مجموعة متنوعة من القطع الفنية المستلهمة من المنابر المملوكية في مصر، بإطار مشروع «جديد من قديم» الذي يأتي ضمن نهاية المرحلة الثانية من مشروع حضاري أكبر أطلقته «المؤسسة المصرية لإنقاذ التراث»، بالتعاون مع وزارتي السياحة والآثار والمجلس الثقافي البريطاني، تحت عنوان «إنقاذ المنابر المملوكية».
ومواكبة لأعمال الترميم لأكبر عدد ممكن من المنابر المملوكية في مصر، ودراسة المخاطر التي تتعرض لها، اهتم المشروع أيضاً بالتوثيق الأثري والمعماري والفوتوغرافي لها على مدار نحو عام كامل «إذ توالت أعمال الفنانين لتسلط الأضواء عليها، وتكون رقيباً على أي تعدي على هذا الإرث الثقافي الإنساني الذي لا يمكن تعويضه»، بحسب عضو فريق المصممين آية الشال.
وعلى اختلاف مجالاتها الإبداعية، يجمع بين القطع الفنية الاستلهام من الفنان المسلم في هذا العصر الإسلامي، ببراعته في «تضفير» وتوظيف الزخارف الهندسية والنباتية والكتابية نحو إبداع المنابر بصفتها قطعاً روحانية تغذي الروح، لا سيما أن المشاهد دوماً كان يمتع عينيه برؤية المنبر داخل المسجد، فتربط العين بينها وبين زخارف الأرضيات والنوافذ والأسقف في منظومة فنية متكاملة. وتأتي الأعمال التي اسُتلهمت منها في إطار هذا المشروع لتقدم سيمفونية جديدة بين فنون تراثية متعددة، وما يؤكد نجاحها أن معظم هذه الأعمال تم تسويقها في مجالات العمارة والتصميم الداخلي والديكور.
«المنبر هو قلب التجربة الروحية داخل المسجد، كما أنه مصدر لنور مختلف، فهو ليس مجرد نحت أو قطعة فنية، إنما هو منصة للمعرفة»، هكذا يرى الفنان التشكيلي محمد عبلة المنبر في الحضارة الإسلامية، وهو الذي قدم في إطار المشروع تصميماً على خامة الحرير يزخر بالنصوص الكتابية والتكوينات الهندسية المستوحاة من منبر الأمير «بكتمر الجوكندار»، مستخدماً تقنية «الفروتاج» لتتبع التفاصيل وإعادة تصويرها في ضوء رؤيته الفنية.
وفي مجال الخزف، استوحت الفنانتان آية الشال وداليا ممتاز «بانل» مستطيل من البلاطات الخزفية الملونة (48 سم*69 سم) يمكن استخدامه في التصميم الداخلي للمنازل، ويحتوى على 75 بلاطة بأشكال هندسية وحشوات نباتية مختلفة من منبر «قيتباي الكائن بخانقاة الظاهر بن برقوق» بصحراء المماليك، حيث قامتا بتصنيعها من الطين الأبيض والألوان الزاهية المقاربة للأثر، وهي الأخضر والأحمر والأزرق.
تقول الشال لـ«الشرق الأوسط»: «حرصت وشريكتي على تقديم قطع عصرية تساعد على إحياء ونشر الوعى بأهمية المنابر وثقلها الفني والحضاري العظيم». وتضيف داليا ممتاز: «وقفنا على عظمة هذا الفترة الغنية بالفن، من حيث الزخارف النباتية والهندسية. وعلى عكس الشائع، اكتشفنا أن المنابر لا تقتصر على الخشبية، إذ صُمم بعضها من الحجر، وهو ما أُوحى إلينا بفكرة هذا العمل».
وفي تصميم صديق للبيئة، قدمت المهندسة المعمارية ماهي مراد بلاطة مفرغة، كررتها بطريقة مبتكرة حديثة، استلهاماً من تكوين هندسي بمنبر «الأمير قجماس الإسحاقي».
والتصميم متماثل مكون من مثلثين متطابقين وشكل خماسي غير منتظم. وتشكل هذه البلاطة تصميماً تجريبياً لتقنية تقليدية أوشكت على الاندثار، وهي الكولسترا (الأحجبة أو السواتر الجصية) التي استخدمت في خمسينيات القرن الماضي للتجميل وتحقيق الخصوصية.
تقول: «يعتمد التصميم على التكرار المتسلسل لوحدة واحدة بطرق ديناميكية متغيرة، تمكن من توليد كثير من التكوينات المركبة التي تتشكل من الوحدة ذاتها، إضافة إلى الفراغ السلبي الذي تحصره».
واستلهاماً من منبر القاضي أبو بكر بن مُزهر، قامت نسرين شرارة بتصميم «علبة الشاي» الخشبية، إذ يتكون جسم العلبة من الماهوجني وهو الخشب نفسه المصنوع منه المنبر. أما الغطاء فبه أنواع مختلفة من القشرة الخشبية، ويتكون من أشكال تتبع الطبق النجمي الموجود بريشته. وتعكس الألوان المختلفة المستخدمة بالغطاء ألوان زخارف الأثر التي تتدرج من الأبانوس الغامق حتى العاج الفاتح، وتقول نسرين: «جذبني للمنبر رسوماته الهندسية المُنحنية التي رأتها عيني كحديقة تزخر بالورود والزهور».
والتقطت عين الحرفي صبري صابر أحد الأطباق النجمية بدرابزين منبر «السلطان المؤيد شيخ»، فقرر أن يجعلها مركز تصميمه لـ«طقطوقة»، وهي طاولة صغيرة تتميز بسهولة طيها، وبها قرصة مسدسة مزودة بطبق نجمي اثنى عشري، وقد قام بتطعيم الترس والكندات بالأبانوس والصدف. يقول صبري: «تتكون الطاولة اليدوية من حشوة مكررة مستوحاة من المنبر، قمت بتصنيعها بدعم من المؤسسة خلال شهر ونصف الشهر، وأؤكد أن في مصر والمنطقة العربية حرفيين يمكنهم إعادة إحياء الفنون الإسلامية، وتقديم روائع يقتنيها العالم في شغف، لو وجدوا الدعم الكافي، والدليل على ذلك نجاح مشروع (جديد من قديم)».
واستوحت الفنانة الشابة هنا المصري تصميم زخارف صنيتين ملائمتين للاستخدام في التقديم أو للزينة من حشوات منبر «السلطان لاجين». واختارت حشوتين من الطبق النجمي المثمن بالمنبر. كما استخدمت تصميم النجمة المثمنة نفسها التي نفذت للمنبر عند ترميمه عام 1913، ورسمتها بزخارفها على الصينية الأولى. أما الصينية الثانية فاستخدمت فيها الزخرفة المثمنة الموجودة به.
وكان للحُلي بتصاميم حديثة يمكن ارتدائها في العصر الحالي نصيب بارز في المشروع، ومن ذلك القلادة الذهبية التي صممتها المعمارية شيماء حلاوة بعد رؤيتها لطبق نجمي مميز في ريشة منبر «القاضي أبو بكر بن مزهر»، فقامت بمحاكاة إيقاع النجمة المثمنة، بعد فصل النجوم التي تحيط بها لتصبح أكثر عصرية. تقول لـ«الشرق الأوسط»: «رأيت أن الشكل والنسب في تصميم المنبر مبهر، ويبعث الإحساس بالروحانية والهدوء النفسي والرقي، فقررت أن استلهمها في الحُلي».
وقدمت المصممة الشابة منار صالح تصاميم لمقبض وأكسسوارات الأبواب استلهاماً من منبر «ألجاي اليوسفي»، حيث استخدمت الزخارف النباتية الموجودة بحشوات المنبر، مثل الحشوة المثمنة والكندة.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.