«كورونا» يخطف عشرات الأطباء السوريين

عدد ضحايا الكوادر الطبية يفوق الحصيلة الرسمية لعموم الوفيات

متطوعون يمدّون مرضى «كورونا» بعبوات أكسجين في دمشق الأحد الماضي (إ.ب.أ)
متطوعون يمدّون مرضى «كورونا» بعبوات أكسجين في دمشق الأحد الماضي (إ.ب.أ)
TT

«كورونا» يخطف عشرات الأطباء السوريين

متطوعون يمدّون مرضى «كورونا» بعبوات أكسجين في دمشق الأحد الماضي (إ.ب.أ)
متطوعون يمدّون مرضى «كورونا» بعبوات أكسجين في دمشق الأحد الماضي (إ.ب.أ)

في حصيلة صادمة، نشرت «شبكة أطباء سوريا الإعلامية» قائمة بأسماء 63 طبيبا سوريا قالت إنهم توفوا جراء الإصابة بوباء «كوفيد-19» خلال الأيام الأخيرة، في حين أن العدد الرسمي لعموم للوفيات بهذا الوباء في سوريا منذ الإعلان عن رصد أول إصابة في مارس (آذار) الماضي هو 60 حالة وفاة لغاية يوم الأحد.
وقالت «شبكة أطباء سوريا الإعلامية» عبر حسابها في (فيسبوك) إن القائمة تضم أسماء 60 طبيبا «خسرتهم سوريا خلال الأيام الماضية» وهم من خيرة الأطباء، وأضافت للقائمة ثلاثة أطباء توفوا خلال الأربع والعشرين ساعة قبل نشر القائمة. وكانت نقابة الأطباء في دمشق قد نعت الأسبوع الماضي من خلال صفحتها الرسمية على فيسبوك 33 من أطبائها نتيجة وفاتهم بعد الإصابة بفيروس «كوفيد-19»، مرفقة ذلك أسماء وصور الأطباء الذين أصابهم المرض ووصفتهم في بيان لها بـ«شهداء العمل والواجب، شهداء نقابة الأطباء، شهداء جيشنا الأبيض، شهداء الإنسانية». ويشكل الأطباء النسبة الأكبر بين أعداد الوفيات جراء الإصابة بمرض كورونا المستجد في سوريا، وبعدهم يأتي المحامون حيث أعلنت نقابة المحامين بداية أغسطس (آب) عن وفاة نحو 16 محاميا سوريا جراء الإصابة بـ«كوفيد-19». وبلغ عدد الوفيات من العاملين في الشأن العام والمعلن عنها بشكل غير رسمي حوالي 90 شخصا، في حين ما تزال أرقام وزارة الصحة في دمشق عند معدل 60 حالة وفاة بسوريا عموما حسب آخر إحصائية سجلت يوم السبت، والتي أفادت برصد 78 إصابة جديدة ما يرفع عدد الإصابات المسجلة في سوريا إلى 1593 وشفاء خمس حالات من الإصابات المسجلة ليرتفع عدد حالات الشفاء إلى 408، ووفاة حالتين.
وتشير المعلومات غير الرسمية لأعداد المتوفين نتيجة الإصابة بالفيروس إلى «انفجار وبائي»، يتضح من أعداد النعوات التي تنتشر يوميا في شوارع المدن والبلدات السورية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يفوق عدد الوفيات غير الرسمي في مدينة دمشق وحدها المائة شخص غالبيتهم من المسنين، فيما خمنت مصادر طبية انتشار الوباء بشكل واسع بين السوريين، قيم البعض تفشيه بين 70 في المائة من المواطنين، ولم تستطع التحقق من ذلك لعدم توفر الفحوصات الخاصة بالكشف عن فيروس «كوفيد-19».
في السياق ذاته، أفاد مدير مشفى المواساة الجامعي بدمشق لوسائل إعلام محلية بأنه من خلال متابعة عدد الحالات المشتبهة بالإصابة بكورونا المستجد التي تراجع مشفى المواساة، لوحظ تسطـح في منحنى الإصابات مقارنة مع المنحنى التصاعـدي خلال الأسابيع الماضية، حيث لم يلحظ وجود زيادة تصاعدية لعدد الإصابات الواردة إلى المشفى، لافتا إلى أن: «نحو 90 في المائة من الإصابات هي من النوع الخفيـف والمتوسـط، والذي ترافقه أعراض خفيفة، قد لا تتطلب العزل ضمن المشفى، وإنما لزوم المنزل والالتزام بالإجراءات الصحية وتلقي العلاج اللازم للشفاء من المرض». كما كشف عن زيادة عدد الأسـرة المخصصـة لحالات الاشتباه بالإصابة في قسمي العـزل والعنايـة بمعدل 14 سريراً، ليصبح عدد الأسرة الإجمالي 110 أسرة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.