تاورغاء تتذكر 9 سنوات من النزوح على يد ميليشيات مصراتة

أهلها يطالبون بالعودة إلى ديارهم بعد انتهاء الحرب

جانب من صيانة وتجهيز مقر للحجر الصحي في تاورغاء (المجلس المحلي في المدينة)
جانب من صيانة وتجهيز مقر للحجر الصحي في تاورغاء (المجلس المحلي في المدينة)
TT

تاورغاء تتذكر 9 سنوات من النزوح على يد ميليشيات مصراتة

جانب من صيانة وتجهيز مقر للحجر الصحي في تاورغاء (المجلس المحلي في المدينة)
جانب من صيانة وتجهيز مقر للحجر الصحي في تاورغاء (المجلس المحلي في المدينة)

من قلب مخيمات نُصبت في طرابلس وبنغازي بغرب وشرق ليبيا، منذ قرابة 9 سنوات، يتذكر آلاف المواطنين من سكان مدينة تاورغاء الساحلية (شمال غربي ليبيا) مأساة إجبارهم على عملية نزوح جماعي عقب مقتل الرئيس الراحل معمر القذافي، في الحادي عشر من أغسطس (آب) عام 2011 في وقت لا تزال قضيتهم تراوح مكانها في انتظار ماذا ستسفر عنه الحرب المؤجلة على حدود سرت.
يقول ناصر إبديوي، الذي فرّ وأسرته مع الآلاف من سكان تاورغاء، الواقعة على بُعد 200 كيلومتر (جنوب شرقي العاصمة طرابلس)، بعد إضرام النيران في مدينته وتفرقوا ما بين (غرب وشرق وجنوب البلاد) في واحدة من كبرى عمليات النزوح القسري التي شهدتها البلاد، إنه لم يطرأ أي جديد على قضيتهم؛ وأهالي تاورغاء بين أمرين كلاهما مُرّ: «إما البقاء في المخيمات وإما العودة إلى المدينة والعيش هناك في ظل الظروف المعيشية الصعبة». وأضاف إبديوي في حديث إلى «الشرق الأوسط» أن «مدينتهم التي دُمّرت منازلها وأُضرمت النيران في مزارعها لا تزال تفتقر إلى الخدمات الضرورية في كل شيء سواء كهرباء أو ماء، بالإضافة إلى كثرة الحشرات والأمراض الجلدية».
ونزح قرابة 40 ألف مواطن من تاورغاء، من ذوي البشرة الحنطية، عن ديارهم بعد إضرام النيران فيها بسبب خلافات مع مصراتة المجاورة تعود إلى عصر النظام السابق. وكانت تاورغاء من القوى الداعمة العاملة مع القذافي في أثناء حكمه، لكن فور إسقاطه هاجمت كتائب مصراتة المدينة عقاباً لها على اتهامات سابقة بـ«الاعتداء على مدينتهم، واغتصاب نسائها»، لكن سكان تاورغاء يرون أن هذه الاتهامات باطلة، ويؤكدون أن «شباب تاورغاء كانوا يعملون مع (الشعب المسلح)، وليس مع قوات القذافي».
ومنذ إجبار جميع سكان المدينة على مغادرة منازلهم بشكل جماعي أقاموا جبراً في مخيمات بشرق وغرب وجنوب البلاد، لكن عدة آلاف منهم عادوا إلى المدينة بعد توقيع «ميثاق المصالحة» مع مصراتة المجاورة العامين الماضيين، رغم الصعوبات المعيشية التي وصفها أحدهم لـ«الشرق الأوسط»، وتخوفهم من انتشار مرض اللشمانيا. بموازاة ذلك، يقول سكان من الذين عادوا إلى تاورغاء لـ«الشرق الأوسط» إن «الحياة بدأت تعود تدريجياً إلى المدينة، من حيث الخدمات الحكومية، كصيانة البنية التحية، وتوفر محال الخضراوات والطعام، وهذا ما أعطى دفعة لعديد المواطنين لإعادة ترميم منازلهم هناك تمهيداً للعودة رغم المآسي التي تعرضوا لها خلال السنوات التسع الماضية، مشيرين إلى أن مدرسة «أبو بكر الصديق» وبعض المؤسسات الحكومة مثل قسم الشرطة، بدأت في العمل فعلياً هناك.
وقال رئيس المجلس المحلي بتاورغاء عبد الرحمن الشكشاك، إنهم انتهوا أمس، من تركيب محطة الكهرباء، ليعود التيار إلى معظم أحياء المدينة، بعد تركيب أعمدة الإنارة في أكثر من منطقة.
ويرى إبديوي الذي يسكن في شقة مستأجرة بمدينة سبها بـ(جنوب البلاد) مع أسرته، أن كثيراً من المواطنين النازحين الذين يقيمون في مخيمات بمناطق داخل طرابلس مثل السراج والفلاح1 و2، وجنزور وسيدي السائح وغيرها يفكرون جدياً في العودة إلى تاورغاء لكنهم ينتظرون انتهاء الحرب، نظراً لاقتراب مدينتهم من مصراتة التي تتهددها الحرب.
وكان المجلس البلدي بتاورغاء قد قال إنه يتابع أوضاع نازحي المدينة فيما وصفه بـ«مخيمات البؤس والشقاء» وما يتعرضون له من انتهاكات جسيمة تعرِّض حياتهم للخطر، مع استمرار عمليات الترويع والقتل والتغييب القسري، مندداً بالهجوم الغادر الذي تعرض له مخيم الفلاح في الثامن والعشرين من مايو (أيار) الماضي، على يد مجموعة مسلحة أسفر عن مقتل أحد أبناء تاورغاء وهو عادل حسان، في ظل الانفلات الأمني وسطوة الميليشيات وانتشار السلاح في المنطقة الغربية.
ونفي إبديوي أن تكون هناك تهديدات للمواطنين من ميليشيات مصراتة المجاورة كما حدث في السابق، لافتاً إلى أن من يريد الانتقال إلى تاورغاء من المواطنين عليه صيانة منزله، لكن المجلس البلدي سبق وأعلن عن إجراء بعض الإنشاءات الضرورية لاستقبال المواطنين. وعدّ الناطق باسم «الجيش الوطني» اللواء أحمد المسماري، ما يحدث مع مدينة تاورغاء من قبيل الفساد الذي تعاني منه ليبيا، وقال ضمن مؤتمر صحافي نهاية الأسبوع الماضي، إن إجلاء أهالي تاورغاء من مدينتهم قبل 9 أعوام، هو أول ملف فساد يجب الحديث عنه، مؤكداً أن طرد المواطنين آنذاك جريمة تعد فساداً أمنياً وأخلاقياً، وذهب إلى أن وزير الداخلية بحكومة الوفاق فتحي باشاغا، كان أحد قادة الميليشيات في ذلك الوقت، حسب قوله.
وذهب إبديوي إلى أن وعود حكومة «الوفاق» لهم بتعويضهم مجرد «حبر على ورق»، لكن حكومة «الوفاق» بدورها تقول إنها تبذل كل ما في وسعها لإعادة تاورغاء أفضل مما كانت عليه قبل تدميرها. وفي مطلع العام الجاري، التقى فتحي باشاغا وزير الداخلية، الشكشاك، وتم خلال اللقاء الذي عقد بديوان الوزارة بطرابلس استعراض عدد من المواضيع التي تهم البلدية وحلحلة بعض المشكلات والعراقيل التي تواجه سير العمل في عدد من قطاعاتها.
ورغم توقيع مدينتَي تاورغاء ومصراتة المتجاورتين ميثاقاً للمصالحة، فإن عودة المواطنين لم تتم بشكل كلي، وهو ما أرجعه نشطاء بالمدينة إلى عدة عقبات من بينها أن بنود الميثاق جاءت مجحفة بحقهم، بالإضافة إلى عدم شعور الأهالي بالأمان نظراً لوجود عدد كبير من الميليشيات التي تجوب الطريق الساحلي المار بوسط تاورغاء وفي بعض الأحيان تعتدي على الأهالي.
ورغم أن المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» قال إنه أمر منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بصرف المبالغ المخصصة لجبر الضرر المقرر في الاتفاق، فإن هناك مواطنين يقول إنهم لم يحصلوا على كامل المبلغ المقرر لأسباب منها نقص السيولة.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.