وفد من «قوى التغيير» ينسق مع الحركات المسلحة للسلام في السودان

محتجون في الخرطوم الشهر الماضي يطالبون بالسلام في إقليم دارفور المضطرب (أ.ف.ب)
محتجون في الخرطوم الشهر الماضي يطالبون بالسلام في إقليم دارفور المضطرب (أ.ف.ب)
TT

وفد من «قوى التغيير» ينسق مع الحركات المسلحة للسلام في السودان

محتجون في الخرطوم الشهر الماضي يطالبون بالسلام في إقليم دارفور المضطرب (أ.ف.ب)
محتجون في الخرطوم الشهر الماضي يطالبون بالسلام في إقليم دارفور المضطرب (أ.ف.ب)

يعقد وفد من تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير» الحاكم في السودان، سلسلة لقاءات في مدينة جوبا، عاصمة جمهورية جنوب السودان، مع حركات الكفاح المسلح «الحركات المتمردة سابقاً»، لإشراكها في «المؤتمر التداولي» للتحالف الحاكم المزمع عقده في غضون أيام. وقال مصدر في قوى إعلان الحرية والتغيير لـ«الشرق الأوسط» إن وفداً برئاسة مقرر المجلس المركزي للتحالف، كمال حامد البولاد، وعضوية رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، وعضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي صديق يوسف، وممثل تحالف القوى المدنية مهيد صديق، وآخرين، سيجري سلسلة لقاءات مع قوى الكفاح المسلح لدعوتها للمشاركة في المؤتمر التداولي المزمع، وتعزيز العلاقة بين قوى الثورة المختلفة.
وينتظر أن يلتقي الوفد مكونات الجبهة الثورية المختلفة وأطراف الكفاح المسلح بما فيها الحركة الشعبية لتحرير السودان جناح عبد العزيز الحلو، لتوحيد الرؤى من أجل الحفاظ على جذوة «ثورة ديسمبر 2018» مشتعلة، وعدم السماح للقوى المتربصة بالانقضاض عليها. وقال المصدر «هذا هو هدف الزيارة، وهي لا علاقة لها بمباحثات السلام الجارية في جوبا، ولن تناقش أية موضوعات متعلقة بالمفاوضات، بل ولن تذهب لمقر التفاوض»، مضيفاً قوله «لو لم نتوحد ونسر إلى الأمام ستضيع الثورة من أيدينا».
وكانت «الجبهة الثورية»، التي تتكون من حركات مسلحة من إقليم دارفور وفصيل منشق عن الحركة الشعبية لتحرير السودان في جبال النوبة والنيل الأزرق بقيادة مالك عقار، قد أبدت موافقة مبدئية للمشاركة في المؤتمر التداولي لقوى إعلان الحرية والتغيير الشهر الجاري والذي يستهدف إصلاح مؤسسات الائتلاف الحاكم، إثر تلقيها دعوة من المجلس المركزي للمشاركة في المؤتمر.
ويأمل تحالف «الحرية والتغيير» في لملمة أطراف قوى الثورة، بعد الانشقاقات التي ضربت صفوفه أخيراً، وهو التحالف العريض الذي قاد الثورة الشعبية التي أطاحت بحكم الإسلاميين برئاسة المعزول عمر البشير في أبريل (نيسان) 2019. وتكون تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير» في يناير (كانون الثاني) 2019، إبان الثورة الشعبية التي استمرت أربعة أشهر، من أحزاب وتجمعات مهنية ومدنية، على رأسها أحزاب الأمة، والشيوعي، والبعث، والتجمع الاتحادي، فضلا عن تجمع المهنيين، والجبهة الثورية وبعض الحركات المسلحة الأخرى ومنظمات المجتمع المدني.
وبعد سقوط نظام البشير قاد التحالف تفاوضاً طويلاً مع المجلس العسكري الانتقالي، أثمر عن تكوين شراكة بن العسكريين والمدنيين، وحكومة انتقالية برئاسة عبد الله حمدوك، ولدوره في الثورة حصل على حق تعيين الوزراء والمسؤولين، وما نسبته 67 في المائة من المجلس التشريعي المرتقب.
بيد أن التحالف واجه صعوبات جمة بعد تكوين الحكومة إثر انشقاق الجبهة الثورية وخروج حركة تحرير السودان بقيادي مني أركو مناوي، وتجميد حزب الأمة عضويته في التحالف، على خلفية مطالب بالإصلاح، ثم لحقت القيادة الجديدة لتجمع المهنيين بالمنشقين، برغم دور التجمع الرئيسي في تأسيسه هذا التحالف.
وتعمقت الجفوة بين التحالف الحاكم والحركات المسلحة بسبب تباين وجهات النظر على مفاوضات السلام الجارية في جوبا منذ أشهر. وبينما يجري التفاوض على «مسارات» جغرافية وجهوية، ترى بعض أطراف التحالف الحاكم إجراء المفاوضات على أساس القضايا وليس المسارات، ما أدى إلى خلق حالة من التوتر في العلاقة بين الطرفين. واعتبرت الجبهة الثورية موقف الحرية والتغيير، محاولة لتشوية مواقفها دون مراعاة لمشاركتها في تأسيس التحالف، عن طريق التقليل من النتائج التي تم التوصل إليها في مفاوضات جوبا، واشترطت في تصريحات صحافية تمثيل وفد الحرية والتغيير لكافة مكونات التحالف.
من جهة أخرى، يجري تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير اجتماعات مكثفة تستهدف الإعداد للمؤتمر التداولي، والذي من المنتظر أن تشارك فيه كل قوى الثورة، بما في ذلك القوى التي واجهت نظام الإنقاذ ولم توقع «إعلان الحرية والتغيير»، والذي يعد بمثابة برنامج سياسي للتحالف الحاكم، بيد أن التحالف يرفض بقوة إشراك «الإسلاميين» بمختلف مسمياتهم في هياكله.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.