«سبوتنيك»... وأخواتها

«سبوتنيك»... وأخواتها
TT

«سبوتنيك»... وأخواتها

«سبوتنيك»... وأخواتها

في «لعبة الأمم» ثمة لاعب تتطور أدواره باطراد، لكن جوهر مهمته لا يتغير... إنه الإعلام، الذي أدت التغيرات العالمية الفارقة، التي شهدت المزاوجة بين النصوص والصور من جانب وتقنية المعلومات من جانب آخر، إلى تعظيم تأثيره بدرجة غير مسبوقة.
مع تزايد قدرات البث عبر الأقنية التقليدية، وطبيعة النظام الاتصالي الدولي المنفتحة والعابرة للحدود، فضلاً عن دور وسائط التواصل الاجتماعي المتجاوز لأي عائق، بموازاة ازدهار تقنيات الاختلاق وتشويه الحقائق والتزييف العميق، بات الإعلام سلاحاً لا غنى عنه، ولا تشكيك في قدرته على التأثير غالباً والحسم أحياناً. لا يستثني هذا التوسع في دور الإعلام وأهميته في المبارزات الدولية دولاً أو جماعات؛ بل هو بات شديد الشبه بأسلحة القتال التقليدية التي يمكن تصنيعها أو الحصول عليها من الأسواق المفتوحة، قبل استخدامها في الهجوم والدفاع والتضاغط والردع.
لم يكن المعسكر الشرقي غائباً عن الاهتمام بهذا الدور، وقد كان الزعيم السوفياتي الراحل نيكيتا خروتشوف أكثر وضوحاً في ذلك، حين قال: «الصحافة سلاحنا الفكري والآيديولوجي، فإذا كان الجيش لا يستغني عن السلاح في القتال، فإن الحزب الشيوعي لا يستطيع القيام بأعماله في الميدان الفكري والآيديولوجي بغير سلاح الصحافة».
كان النظام الإعلامي السوفياتي شديد الإخلاص لفكرة تسخير الإعلام في أعمال الدعاية، وقد خصص لها موارد وجهوداً كبيرة، لكن هذا النظام لم يختلف أبداً عن طبيعة الدولة التي انطلق منها، وبمثل ما انهارت تلك الدولة تحت وطأة الجمود والأحادية الفكرية الصارمة في مواجهة قوى أكثر مناعة وذكاء، فقد انهار هذا النظام، وتضعضع تأثيره.
جاء ميخائيل غورباتشوف في فترة الانهيار ليرعى مراسم دفن «الاتحاد»، وعبر سياسة «الجلاسنوست» التي اعتمدها تفككت الإمبراطورية الإعلامية المعطوبة والعاطلة عن التأثير، قبل أن تشهد روسيا فترة اضطرابات عنيفة في عهد يلتسين، الذي فقدت الدولة فيه سيطرتها على الإعلام بشكل كبير لمصلحة «أوليغاركية» سعت إلى تحقيق مكاسب ضيقة على حساب الدور القومي واستحقاقاته الدعائية. ومع مطلع الألفية الجديدة ظهر رجل صلب وطموح، سيقول العالم عنه إنه «قيصر جديد»، وسيحاول إعادة بناء روسيا الاتحادية لترث الاتحاد السوفياتي، وسيعمل بدأب في مجالات عديدة لكي يُصلّب عناصر قوة شاملة يمكنها أن تنهض بأعباء المواجهة وتحقيق الاختراقات مع العالم الغربي المتحفز والجوار غير المواتي.
سيعمل فلاديمير بوتين، القادم من عالم الاستخبارات، على ملفات الاقتصاد والتماسك الوطني والسلاح وبناء النفوذ الدولي والإقليمي ولن يستثني الإعلام، الذي أظهر حنكة ومهارة لافتة في تطويره وتعزيز قدراته. في عام 2017، نشرت «روسيسكايا غازيتا» مقابلة مع السيناتور إليكسي بوشكوف رئيس لجنة السياسة الإعلامية في الاتحاد عن «الحرب الإعلامية ضد روسيا»، وهي المقابلة التي قال فيها: «لم يتم اختراع أسلحة المعلومات من قبلنا، وإذا كانوا (الغرب) يستخدمونها ضدنا، فعلينا أن نبني على الأقل نظاماً للدفاع».
لم تبن موسكو نظاماً إعلامياً للدفاع فقط، لكنها طورت أدواته الهجومية بشكل ملموس، وقد تحققت النتائج الباهرة بشكل فاق التوقعات، حتى سمعنا الصراخ يعلو في الغرب ومناطق أخرى من العالم تنديداً وتحذيراً من الهجمات الإعلامية الروسية الفعالة والمؤثرة.
يسود اعتقاد على نطاق واسع في الغرب، مشفوعاً بأدلة ونتائج دراسات أجرتها بيوت علمية وآليات استخبارية معتبرة، مفاده أن الآلة الإعلامية الروسية نجحت في تحقيق اختراقات في بيئات غربية منفتحة، وأنتجت أثراً في سلوك الجمهور في قضايا حيوية؛ مثل الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة، و«بريكست»، واضطرابات «أصحاب السترات الصفراء»، وتداعيات «كورونا».
في 2017، أصدرت الاستخبارات الأميركية تقريراً يشير إلى «حملات إعلامية روسية أمر بها بوتين ضمن نهج يشمل تعميق الانقسام في العالم الغربي، وتعزيز الحس الشعبوي، وإشاعة المعلومات المختلقة والمتضاربة، بما يقوض الثقة في المؤسسات، ويشيع الاضطراب». وفي الأسبوع الماضي، أعلن «تويتر» تبنيه سياسة سبقه إليها «فيسبوك» في يونيو (حزيران) الفائت؛ وهي سياسة ترسي تدابير وقيوداً على قدرات انتشار منصات «تابعة لدول»؛ وخص منها «سبوتنيك»، وعدداً آخر من الوسائل الروسية والصينية، لكنه استثنى منها وسائل مثل «بي بي سي» و«الراديو الأميركي العام»، بداعي أنها تتمتع بالاستقلالية التحريرية رغم ملكيتها العامة.
تلك معركة بدأت بهدف واضح هو: «تقليم أظافر الإعلام الروسي وكبح تأثيره»، وسيحدث هذا عبر حظره وتقييده، وليس من خلال إظهار «عواره وضلاله» المفترضين من خلال الأداء المهني والمتوازن والشفاف.



السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
TT

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية غير العادية» التي استضافتها الرياض مؤخراً.

وشددت القمة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على مركزية القضية الفلسطينية، والدعم الراسخ للشعب لنيل حقوقه المشروعة، وإيجاد حل عادل وشامل مبني على قرارات الشرعية الدولية.

وقال الدوسري لدى ترؤسه الدورة العادية الـ20 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب في أبوظبي، أن الاجتماع يناقش 12 بنداً ضمن الجهود الرامية لتطوير العمل المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بمشاركة رؤساء الوفود والمؤسسات والاتحادات الممارسة لمهام إعلامية ذات صفة مراقب.

الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

وأضاف أن الاجتماعات ناقشت سبل الارتقاء بالمحتوى الإعلامي، وأهم القضايا المتعلقة بدور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب، وجهود الجامعة العربية في متابعة خطة التحرك الإعلامي بالخارج، فضلاً عن الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة 2030.

وتطرق الدوسري إلى استضافة السعودية مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتصحر «كوب 16»، وقمة المياه الواحدة، وضرورة إبراز مخرجاتهما في الإعلام العربي، مؤكداً أهمية الخطة الموحدة للتفاعل الإعلامي مع قضايا البيئة.

وأشار إلى أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام العربي، واستثمار دورها في تعزيز المحتوى وتحليل سلوك الجمهور، داعياً للاستفادة من خبرات «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» في الرياض؛ لتطوير الأداء.