ينطلق مؤتمر الحزب الديمقراطي من مدينة ميلووكي بولاية ويسكونسن الاثنين، في أجواء مختلفة تماما عن الأجواء الاحتفالية المصاحبة لانعقاد المؤتمر حيث عادة ما يجذب المؤتمر -الذي يقام كل أربع سنوات - عشرات الآلاف من المناصرين للحزب. في هذا العام يعقد الحزب مؤتمره «افتراضيا» بدون جمهور بسبب وباء كورونا. وسيقبل جو بادين ترشيح الحزب رسميا له، ويلقي كلمته عبر دائرة تليفزيونية من منزله في ولاية ديلاوير مساء الخميس، فيما تلقي كامالا هاريس كلمتها من منزلها بولاية كاليفورنيا. كما سيجري تصويت الولايات عبر الدوائر التليفزيونية حيث يشارك المندوبون عن بعد. وسيلقي عدد كبير من الشخصيات كلماتهم من بينهم الرئيس أوباما وزوجته ميشيل أوباما وهيلاري كلينتون ونانسي بيلوسي، والسيناتور بيرني ساندرز والسناتور إيمي كلوبوشار وحاكم ولاية نيويورك اندرو كومو. ومع التخطيط لرسم سياسة قوية لدعم حملة بايدن- كامالا خلال الأسابيع القادمة وجذب مزيد من الناخبين، يخشى الديمقراطيون من كابوس انتخابي يقض مضاجعهم: ماذا لو رفض الرئيس الأميركي دونالد ترمب التنحي؟ كيف يتصرفون؟ وما هي السيناريوهات المطروحة أمامهم؟ والسؤال الأهم: هل من الممكن أن يتصرف ترمب على هذا الشكل؟
ولم تخلق مخاوف الديمقراطيين من الفراغ، فقد لوح الرئيس الأميركي باحتمال عدم القبول بنتيجة التصويت في حال خسارته في أكثر من مناسبة، اذ أن ترمب الذي تمرس في التلاعب بأعصاب الديمقراطيين، رفض التأكيد على احترام نتيجة الانتخابات واكتفى بالرد جواباً على سؤال مفاده ما إذا كان سيقبل بالنتيجة في حال خسارته: «أنا لست خاسراً جيداً، أنا لا أحب أن أخسر. سوف أرى ماذا سأفعل، لن أقول نعم، ولن أقول لا كذلك..» كلمات مقتضبة لكن دلالاتها كبيرة وآثارها متشعبة، خاصة إذا ما التزم بها ترمب ورفض بالفعل القبول بنتيجة الانتخابات. فأي سيناريو يتضمن إصرار ترمب على البقاء في البيت الأبيض يقلق الديمقراطيين الذين بدأوا بالنظر في سيناريوهات مواجهته في حال عدم موافقته على التنحي. ولم يكن الرئيس الأميركي أول من طرح فكرة تحديه لنتيجة الانتخابات، بل هو أمر توقعه منافسه الديمقراطي جو بايدن منذ شهر أبريل (نيسان). وهذا بالفعل ما حصل فقد بدأ ترمب بالتذمر من عملية التصويت عبر البريد، بعد أن قررت ولايات عدة توسيعها في ظل تفشي فيروس كورونا، وانتقد الرئيس الأميركي هذه العملية معتبراً بأنها ستؤدي إلى غش كبير في الانتخابات، وأنها ستؤخر من حسم النتيجة بأيام وأشهر وسنوات. فقال في أكثر من مرة: «في ظل عملية التصويت عبر البريد الشاملة، ستكون انتخابات 2020 الانتخابات الأكثر غشاً والأقل دقة في التاريخ. سوف تشكل إحراجاً للولايات المتحدة».
وقد زعزعت هذه الكلمات المعسكر الديمقراطي الذي اكتشف أنه بحاجة بالفعل إلى وضع خطة لمواجهة هذا السيناريو، ولا تقتصر هذه الخطة على تأكيد بايدن أو رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي بأن الجيش سيرغم ترمب على مغادرة المكتب البيضاوي في حال رفضه المغادرة. بل تتعداها لتشمل استعدادات ميدانية وقضائية مكثفة لمواجهة ترمب في المحاكم في حال تشكيكه بنتيجة الانتخابات إذا ما خسر. وينسق الديمقراطيون مع حملة بايدن الانتخابية استعداداً لمواجهات قضائية متعلقة بالتصويت غيابياً وإعادة احتساب الأصوات، أو حتى احتمال تهديد بعض مناصري ترمب للناخبين لدى توجههم إلى صناديق الاقتراع في يوم الانتخابات. وقد وظف الحزب الديمقراطي مسؤولين مختصين في حماية عملية التصويت في 19 ولاية متأرجحة، كما يتوقع أن يتم نشر آلاف المراقبين والمحامين يوم الانتخابات في كل الولايات الأميركية. ويقول مارك بروير أحد المحامين الذين وظفتهم حملة بايدن بأن «ترمب يزرع بذور الشك في الانتخابات ليدعي في حال خسارته أنها كانت مغشوشة وأنه سيذهب إلى المحاكم وأنه سيدعو مناصريه إلى الطرقات. هذا الرجل قادر على كل شيء لذا يجب أن نخطط لكل شيء».
وتحضر حملة بايدن لما تصفه بسيناريو الكابوس، إذا ما فاز ترمب بأغلبية الأصوات في عملية التصويت المباشر ليلة الانتخابات لكنه رفض نتيجة التصويت عبر البريد التي عادة ما تبدأ بالصدور بعد الإعلان عن نتيجة التصويت المباشر.
وفي هذا الإطار، تستعد الحملة لمواجهة سيناريو مشابه للمواجهة التي جرت في العام 2000 بين الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن ونائب الرئيس الأميركي السابق آل غور، عندما حُسم السباق في المحكمة العليا في الثاني عشر من ديسمبر، أي بعد أكثر من شهر على تاريخ الانتخابات. ويقول فيل شولمان وهو متحدث باسم الحزب الديمقراطي في ولاية ويسكنسن: «إن محامينا ومحامي اللجنة الديمقراطية الوطنية مستعدون لسيناريو ذهابهم إلى المحاكم للمواجهة».
كما تقول مديرة حماية الناخبين التابعة لحملة بايدن راشانا مارتن: «لقد صممنا برنامجاً واسعاً جداً لحماية الناخبين بوجود أفضل المحامين في البلاد الذين يحضرون لكل السيناريوهات ويحرصون على أن تجري انتخابات نوفمبر بسلاسة». ويتخوف الديمقراطيون كذلك من احتمال تهديد مناصري ترمب للناخبين خارج صناديق الاقتراع، خاصة في ولايات مثل ميشيغان حيث قالت مديرة الحزب الديمقراطي هناك لافوا بارنز بأنها تتوقع سماع تقارير عن مناصرين لترمب يحومون حول مراكز الاقتراع وهم يحملون السلاح، وهو أمر «من الواضح انه يهدف لتخويف الناخبين» على حد وصف بارنز. وتنوي حملة بايدن نشر مراقبين بكثافة في ولايات يحتاج إليها ترمب للفوز كميشغان وويسكنسن وبنسلفانيا، وهي الولايات نفسها التي دفعت ترمب نحو الفوز في انتخابات العام 2016. ومع كل هذه الاستعدادات يبقى على الديمقراطيين حبس أنفاسهم بانتظار يوم الحسم في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني).