تعيينات «حزبية» تثير جدلاً في المغرب

TT

تعيينات «حزبية» تثير جدلاً في المغرب

طالب حزب الأصالة والمعاصرة المغربي المعارض، أمس ثلاثة من قيادييه بتقديم استقالتهم من هيئة ضبط الكهرباء، وتوعد باتخاذ قرارات ضدهم، وذلك على خلفية الجدل، الذي أثاره تعيين ستة أعضاء في هذه الهيئة العامة من قبل رئيسي مجلسي البرلمان (النواب والمستشارين) بدوافع «حزبية ضيقة»، حسب معارضين لهذه التعيينات.
ووجهت انتقادات واسعة لكل من الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب، المنتمي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، المشارك في الحكومة، وحكيم بنشماس رئيس مجلس المستشارين المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض، بعد أن تبين أن الأعضاء الستة المقترحين من قبلهما مقربون منهما، وينتمون جميعا إلى حزبيهما.
يذكر أن الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء كانت قد أثارت جدلا واسعا، بعدما أفرجت الحكومة عن المرسوم، الذي يحدد تعويضات أعضائها، حيث تصل تعويضات لجنة فض النزاعات إلى 62 ألفا و618 درهما شهريا (الدولار يساوي حوالي 10 دراهم) تقتطع منه المساهمات المستحقة برسم التقاعد والتغطية الصحية.
كما يتقاضى أعضاء لجنة فض النزاعات في الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء تعويضا جزافيا خاما عن كل اجتماع من اجتماعات اللجنة التي يحضرونها، وذلك في حدود أربعة اجتماعات في الشهر، مهما كان عدد الاجتماعات المنعقدة، ويحدد المرسوم تعويض الرئيس في 7 آلاف درهم عن كل اجتماع، و5 آلاف درهم بالنسبة إلى باقي الأعضاء.
وأعلن المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة «التبرؤ من مضمون التعيينات، التي تمت بمجلسي البرلمان، والتي لا علم لنا بها، ولم تطرح للنقاش والتشاور بين قيادات الأحزاب السياسية، ولا داخل أجهزة المجلسين»، مبرزا رفضه لـ«منطق الوزيعة والغنيمة الحزبية الضيقة، التي تم التعامل بها مع هذه القرارات».
من جهته، وصف المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية المعارض هذه التعيينات بأنها «فضيحة حقيقية»، معتبرا وصول كل من رئيسي المجلسين إلى تعيين أصدقاء لهما في هيئات لها أدوار، تتعلق بالحكامة دون استشارة الأحزاب الوطنية، ولا مكاتب المجلسين ولا رؤساء الفرق، «يشكل قمة الاستهتار بالمؤسسات».
واعتبر الحزب ذاته أن هذه الخطوة تمت من دون أي استشارة لا للأحزاب السياسية، ولا لمكتبي مجلسي البرلمان، ولا لرؤساء الفرق البرلمانية، معتبرا أن هذا السلوك يشكل إساءة صارخة، وخرقاً سافراً للأخلاق السياسية والممارسات المؤسساتية السليمة.
ووجهت الفرق النيابية لأحزاب المعارضة الثلاثة «الأصالة والمعاصرة» و«الاستقلال»، و«التقدم والاشتراكية»، رسالة إلى المالكي تنتقد فيها تلك التعيينات، باعتبارها «تضرب في العمق روح ومنطوق مقتضيات النظام الداخلي لمجلس النواب، وخاصة المادة 347 منه، والتي تشدد على أن تسهر رئاسة المجلس في التعيينات الشخصية الموكولة للرئيس قانونا في المؤسسات الدستورية، وهيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة والتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية، على مراعاة مبادئ التمثيلية والتناوب والتنوع والتخصص والتعددية».
ووصف نجيب بوليف، الوزير المنتدب السابق في النقل والمنتمي لحزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، متزعم الائتلاف الحكومي، التعيينات المذكورة بأنها «سياسية»، وتمثل «الزبونية بكل تجلياتها المقيتة»، بينما «يتحدث المسؤولون عن الحزبين المعنيين عن الإصلاح ومجابهة الفساد»، على حد تعبيره.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.