جدل في الأردن على خلفية تسجيل إصابات محلية جديدة بـ«كورونا»

تطهير أحد مساجد العاصمة الأردنية عمان (أ.ف.ب)
تطهير أحد مساجد العاصمة الأردنية عمان (أ.ف.ب)
TT

جدل في الأردن على خلفية تسجيل إصابات محلية جديدة بـ«كورونا»

تطهير أحد مساجد العاصمة الأردنية عمان (أ.ف.ب)
تطهير أحد مساجد العاصمة الأردنية عمان (أ.ف.ب)

فيما بدأت الحكومة الأردنية تطبيق قرار الدفاع (11) القاضي بفرض غرامات ومخالفات على الأفراد والمؤسسات التي لا تلتزم بإجراءات التباعد الجسدي وارتداء الكمامات، ومنع التجمعات، والحفاظ على إجراءات السلامة العامة، حمّل مواطنون الحكومة مسؤولية عودة تسجيل حالات محلية مصابة بمرض «كوفيد - 19».
وسجّل الأردن خلال أيام الأسبوع الماضي أكثر من 60 حالة إصابة محلية بفيروس «كورونا» المستجد، بعد أن شهدت البلاد استقراراً في الحالة الوبائية، ورفعت الحكومة القيود التي فرضتها على قطاعات اقتصادية وحركة المواطنين.
وتسبب الكشف عن تسرب حالات من حدود جابر (المعبر الشمالي) دون خضوعها لسياسات الحجر التي تفرضها السلطات الصحية بتسجيل حالات إصابة محلية في أكثر من منطقة في البلاد، جاء معظمها في محافظة إربد شمال المملكة ومنطقة الرمثا الحدودية، وعدد محدود من مناطق العاصمة.
وفيما كشفت الحكومة عن حالات قامت بحقن الأنف بمواد كحولية لإثبات سلبية فحص «كورونا»، تدافع نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي لانتقاد إجراءات الحكومة وإخفاقها في ضبط الحدود، ومحاولة الحكومة تحميل المواطنين مسؤولية ما حدث.
وانتقد مواطنون التصريحات الحكومية التي لجأت للغة التهديد، بعد قرارها إعادة تفعيل قرار الدفاع، وسط انتقادات لقانونيين اعتبروا أن الحكومة لم تعطّل القرار أو تعلن بطلانه سابقاً، لتعود لتفعيله، وأنه على الوزارات المختصة والمؤسسات المعنية تحمل مسؤولية تطبيق القرار منذ شهر مايو (أيار) الماضي.
ودخل القرار الحكومي بتفعيل قرار الدفاع (11) مع فجر (السبت)، الذي أُعلن فيه نتائج شهادة الدراسة الثانوية العامة (التوجيهي)، وسط تسجيل مخالفات واسعة أعلن عنها جهاز الأمن العام، في إحصائية أكدت حجز 83 شخصاً ارتكبوا مخالفات تستوجب التوقيف، إلى جانب حجز 149 مركبة وتحرير 1364 مخالفة مرورية.
وأمام محاولة الحكومة لاستثمار أزمة «كورونا» لكسب جولة تأييد شعبي جديدة كما يرى متابعون، إلا أن عاصفة الانتقاد على مواقع التواصل الاجتماعي، دفعت برئيس الوزراء لزيارة وزارة الداخلية ملقياً مسؤولية تسرب الحالات من الحدود للوزارة، في وقت أكدت فيه مصادر متطابقة أن معالجة الثغرات على الحدود كانت تحتاج لقرار دفاع، ولا يملك تلك الصلاحيات سوى رئيس الحكومة حصراً.
كانت لجنة الأوبئة حذرت منذ وقت سابق من مدى الالتزام بإجراءات الحجر على الحدود البرية، واعتبرت أن أي تسرب للحالات المصابة من شأنه عودة تسجيل إصابات بأرقام مرتفعة، ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (بترا) عن رئيس اللجنة نذير عبيدات قوله: «لا شك أن السبب الرئيسي لزيادة أعداد الإصابات ناتج عن بعض الثغرات الموجودة على الحدود، وعدم الالتزام بالحجر المنزلي بعد الحجر المؤسسي».
وكانت ظروف إقامة السائقين على حدود العمري قد تسببت بموجة احتجاجات نهاية الشهر الماضي، بعد وفاة أحد السائقين الذي حاول الهرب من منطقة الحجر. لتفتح الحادثة على تساؤلات حول الظروف التي يقيم بها السائقون، بعد رفض طلبات متعددة لوسائل إعلامية للوصول للموقع.
وبدأ تسجيل إصابات بين سائقي الشاحنات العائدين من الخارج منتصف أبريل (نيسان) الماضي، بعد ارتفاع أعداد المصابين بفيروس «كورونا» المستجد بينهم، ما دفع الحكومة لإعلان تطبيق سياسات الحجر الصحي على الحدود لمدة 14 يوماً قبل عودتهم إلى منازلهم، وتوقيع تعهدات بالالتزام بالحجر المنزلي للمدة نفسها. قبل أن تعترف تصريحات رسمية بتأخر تخصيص مراكز الحجر على الحدود نتيجة توزيع المسؤولية بين الوزارات.
ومع الحالات المحلية الجديدة ارتفع إجمالي أرقام الإصابات بفيروس «كورونا» المستجد في الأردن إلى 1329، منذ الإعلان عن أولى الإصابات مطلع مارس (آذار) المقبل، في وقت تعافى فيه 1229 مصاباً، وتوفي 11 مواطناً، وبقي على أسرة الشفاء 88 حالة.
ومع تهديد الحكومة بالعودة لإجراء فرض القيود على القطاعات والأفراد، وتلويح وزير الصحة بعودة الحظر الشامل أيام العطل الأسبوعية وزيادة ساعات الحظر الشامل في المساء في حال زيادة أرقام الإصابات المحلية، أكدت مصادر رسمية لـ«الشرق الأوسط» أن خطط مركز إدارة الأزمات تتجه لعزل مناطق وبؤر المرض، وليس تنفيذ سياسات غلق شامل في البلاد.
وكان رئيس اللجنة الوطنية للأوبئة الدكتور نذير عبيدات أكد أن استقرار الوضع الوبائي بحاجة لثلاثة عوامل تتمثل بمعالجة الثغرات على الحدود، وتشديد الإجراءات، والتزام القادمين من الخارج بالحجر الفندقي والحجر المنزلي الذي يتبع الحجر المؤسسي، بالإضافة إلى زيادة إمكانيات وأعداد فرق التقصي الوبائي.
وعن تقييمه للوضع الوبائي في المملكة والإغلاق، شدد عبيدات على أن ذلك غير ممكن هذه الفترة، ولا بد من انتظار الأيام القادمة لمعرفة نمط زيادة الحالات أو تراجعها حتى تتضح الصورة أكثر والحكم على الوضع الوبائي، كون الزيادة الحاصلة ليست كبيرة وما زالت تحت السيطرة، حيث إنها غير متضاعفة يومياً، مع وجوب الحذر، الذي بدوره سينعكس على فتح القطاعات واستمرار العمل بها.


مقالات ذات صلة

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

يوميات الشرق سرطان الكبد من بين السرطانات الأكثر شيوعاً في العالم (جامعة ييل)

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

حذّرت دراسة أميركية من أن الإفراط في تناول الدهون والسكريات يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد، وذلك من خلال تدمير الحمض النووي في خلايا الكبد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق شاي الكركديه يحتوي على نسبة عالية من مادة «البوليفينول» (غيتي)

مواد طبيعية قد تمنحك خصراً نحيفاً وقلباً صحياً وضغط دم منخفضاً

ثمة كلمة جديدة رائجة في مجال الصحة هي «البوليفينولات»، فبينما ظل العلماء يدرسون المركبات النباتية لسنوات، فقد جذب المصطلح الآن خيال الجمهور لسبب وجيه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جانب من تمرين عالي الطاقة في صالة ألعاب رياضية في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

«هارد 75»... تحدٍّ جديد يجتاح «تيك توك» مع بداية العام

مع بداية العام الجديد، انتشر تحدٍّ جديد عبر تطبيق «تيك توك» باسم «هارد 75».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ليست جميع المشروبات قادرة بالفعل على علاجك من نزلات البرد والإنفلونزا (رويترز)

مشروب منزلي يساعد في التخلص من نزلات البرد

تحدثت اختصاصية التغذية كيلي كونيك لشبكة «فوكس نيوز» الأميركية عن المشروب المنزلي الأمثل لعلاج نزلات البرد والإنفلونزا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الفواكه والخضراوات مليئة بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن (رويترز)

تناول الفواكه والخضراوات يقلل خطر إصابتك بالاكتئاب

أكدت دراسة جديدة أن زيادة كمية الفواكه والخضراوات في نظامك الغذائي يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب بمرور الوقت.

«الشرق الأوسط» (سيدني)

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».