زيارة الكاظمي إلى واشنطن... ملفات ثقيلة وآمال متضاربة

تتزامن مع نهاية مهلة المائة يوم لمراجعة أداء حكومته

الكاظمي مترئساً جلسة حكومته الثلاثاء (واع)
الكاظمي مترئساً جلسة حكومته الثلاثاء (واع)
TT

زيارة الكاظمي إلى واشنطن... ملفات ثقيلة وآمال متضاربة

الكاظمي مترئساً جلسة حكومته الثلاثاء (واع)
الكاظمي مترئساً جلسة حكومته الثلاثاء (واع)

انتهت مهلة المائة يوم التي منحت لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي. وتزامنت نهاية المهلة التي يتوجب على القوى السياسية مراجعة أداء الحكومة خلالها، مع الزيارة التي يزمع الكاظمي القيام بها إلى واشنطن في 20 أغسطس (آب) الحالي. ومع أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي منح تلك المهلة التي سبق أن منحت لسواه، لم يعبر عن موقف مناوئ لأداء الكاظمي وحكومته، فإن السياسي العراقي عزت الشابندر طالب في تغريدة له على موقع «تويتر» كلاً من الزعيمين الشيعيين عمار الحكيم وهادي العامري، بوصفهما من أبرز من أيد تولي الكاظمي السلطة، بـ«اطلاع الناس على ما تحقق خلال المائة يوم الأولى». الشابندر لا يخفي معارضته حكومة الكاظمي منذ تشكيلها، لكنه في الوقت نفسه يرى أن القيادات الشيعية التي أيدت تشكيل هذه الحكومة هي الخاسرة الأولى فيها، في مقابل ما يعدّه قبولاً إيرانياً بها من دون أن يحدد الكيفية التي تجعل من إيران رابحة في معادلة وصول الكاظمي إلى السلطة، في وقت لا تزال فيه الفصائل المسلحة التي لا تخفي علاقتها المتميزة مع إيران، ترفض أداء الكاظمي لا سيما ما تعده موقفاً ملتبساً له حيال الوجود الأميركي في العراق.
يضاف إلى ذلك أن هذه الفصائل كثفت هذه الأيام قصفها بصواريخ «الكاتيوشا» على مناطق مختلفة؛ سواء داخل المنطقة الخضراء حيث مقر السفارة الأميركية، ومطار بغداد والتاجي حيث توجد قوات أميركية ضمن التحالف الدولي. السلطات العراقية لا تزال تتحدث عن استمرار التعاون مع التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في الحرب ضد تنظيم «داعش»، طبقاً للقاء الذي جمع أول من أمس (الثلاثاء) مستشار الأمن الوطني العراقي قاسم الأعرجي مع نائب قائد التحالف الدولي في العراق.
وسط هذه المتناقضات سوف يحمل الكاظمي إلى واشنطن مجموعة من الملفات الثقيلة معه، ليبحثها مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي يعاني من أزمة «كورونا» والانتخابات المقبلة التي هي مصيرية بالنسبة إليه. بالنسبة للعراق، ومع أن الكاظمي يحمل معه ملفات ثقيلة وسط آمال متضاربة بإمكانية البتّ فيها أو جزء منها، فإن الدوافع تتباين بشدة بين القوى السياسية العراقية بشأن تلك الملفات والآمال المعلقة عليها.
ففي الوقت الذي يحاول فيه رئيس الوزراء العراقي تحقيق تقدم في ملفات الطاقة والاقتصاد والاستثمار وهو ما يرضي أطرافاً عراقية تراهن على ذلك، فإنه يأمل في تحقيق ولو اختراق جزئي في ملف الوجود الأميركي في العراق نظراً للتعقيدات التي تحيط بهذا الملف. أما ترمب؛ فإنه لا يشاطر الكاظمي همومه الوطنية التي يحملها معه والتي يحاول عبرها إرضاء كل الأطراف المتناقضة ولو بحلول جزئية يعبر بها مرحلة الانتخابات المبكرة ويقدم ما يراه المؤيدون له إنجازاً على صعيد أهم ملف خارجي خلال زيارته إلى واشنطن، مع أن المؤيدين له يرون أن مجرد قبول الإدارة الأميركية زيارة الكاظمي في هذا الوقت والتي حظيت بترحيب استثنائي، يعني أن الآمال المعلقة على الملفات الثقيلة سوف تحقق تقدماً يجعل من الزيارة تحقق أهدافها حتى على المستوى الإقليمي، لا سيما على صعيد إمكانية قيام الكاظمي بدور ناقل الرسائل بين الولايات المتحدة وإيران، خصوصاً أن المراقبين السياسيين في العاصمة بغداد لا يستبعدون ذلك في ظل ما يحظى به الكاظمي من مقبولية لدى واشنطن وطهران. وهذا ما جعل السياسي العراقي عزت الشابندر يرى أن إيران رابحة بالقياس إلى حلفائها داخل العراق، وهو ما يمنح الكاظمي مساحة أكبر في التحرك المريح داخل الرمال العراقية المتحركة.
المواقف حيال الزيارة تبدأ من المكونات العرقية والطائفية إلى الأحزاب والقوى السياسية. فالمكونات العرقية ـ الطائفية الثلاثة (الشيعية والسنية والكردية) تتناقض مواقفها حيال الوجود الأميركي في العراق. الشيعة يرفضونه بالكامل مع اختلاف نسبي حول طبيعة الوجود أو الانسحاب، بينما الأكراد والسنة يرون بقاء الأميركيين ضرورياً لتحقيق التوازن بسبب تنظيم «داعش» أولاً، وعدم قدرة الحكومة على حصر السلاح بيد الدولة وتقوية المؤسسة العسكرية. أما القوى والأحزاب؛ سواء كانت شيعية أم كردية أم سنية، فإن استثمارها زيارة الكاظمي إلى واشنطن تنطلق من طبيعة نظرتها إلى الكاظمي لجهة تأييدها له من عدمه. يبقى العنوان الأهم للزيارة هو استكمال المباحثات التي أجراها الطرفان العراقي والأميركي في 10 يونيو (حزيران) الماضي عبر ما عرف بـ«الحوار الاستراتيجي» طبقاً للاتفاقية الموقعة بين واشنطن وبغداد عام 2009 خلال حكومة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الأولى.
لكن؛ وفي ظل استمرار المناكفات السياسية، هذا الملف تراجع أو أفرغ من محتواه بسبب الجدل الذي احتدم خلال الشهرين الماضيين حول أهمية هذا الحوار الذي تريد له الأطراف المعارضة للوجود الأميركي أن يقتصر على فقرة واحدة هي الانسحاب الأميركي غير المشروط من العراق، بينما تريد له الأطراف المؤيدة بقاء الأميركان أن يرسم مساراً جديداً للعلاقة بين العراق والولايات المتحدة تقوم على أهداف بعيدة المدى. يتعين على الكاظمي اللعب الحذر على هذين الوترين خلال مباحثاته التي لن تكون سهلة أمام الرئيس الأميركي دونالد ترمب في ظل اشتداد المنافسة بينه وبين الديمقراطي جو بايدن.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.