مينسك تؤكد استعدادها لحوار «بناء» وتفرج عن آلاف الموقوفين

استبقت فرض عقوبات أوروبية ضدها

قوات الأمن خلال مظاهرات المعارضة أمس في مينسك (رويترز)
قوات الأمن خلال مظاهرات المعارضة أمس في مينسك (رويترز)
TT

مينسك تؤكد استعدادها لحوار «بناء» وتفرج عن آلاف الموقوفين

قوات الأمن خلال مظاهرات المعارضة أمس في مينسك (رويترز)
قوات الأمن خلال مظاهرات المعارضة أمس في مينسك (رويترز)

استباقا للأحداث المتسارعة وقبل صدور أي موقف متشدد أو فرض عقوبات على روسيا البيضاء من قبل وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الذين التقوا في بروكسل الجمعة لمناقشة الوضع في جمهورية الاتحاد السوفياتي سابقا أكدت مينسك الجمعة استعدادها إجراء حوار «بناء» مع الخارج حول الانتخابات وحركة الاحتجاج التي تلتها ويتم قمعها بعنف. وأفرجت السلطات عن متظاهرين محتجزين أمس الجمعة بعدما أصدرت اعتذارا علنيا نادرا في مسعى لكبح الاحتجاجات التي تمثل أكبر تحد لحكم الرئيس ألكسندر لوكاشينكو للبلاد المستمر منذ 26 عاما.
يعتزم وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرون مناقشة فرض عقوبات محتملة ضد روسيا البيضاء في اجتماع افتراضي. ودعا رئيس العلاقات الأجنبية جوزيب بوريل إلى الاجتماع الاستثنائي ردا على التطورات الأخيرة. ودان قادة الاتحاد الأوروبي بشدة قمع التظاهرات التي تلت الانتخابات المثيرة للجدل والتي ادعت قوى المعارضة أنه تم تزييفها في روسيا البيضاء. ووصفت دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرون الانتخابات «بأنها ليست حرة ولا نزيهة» في بيان مشترك، وجرى الإعراب عن شكوك حيال دقة فرز الأصوات الرسمي. وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إنه سوف يتم مناقشة بشكل مكثف احتمالية فرض عقوبات إضافية على بيلاروس. وكانت ليتوانيا ولاتفيا والسويد قد أعربوا في السابق عن دعمهم لاتخاذ إجراءات عقابية ضد الدولة السوفياتية سابقا. ولكن حتى إذا تم الاتفاق على العقوبات على المستوى السياسي، فلا يزال يتعين تمريرها رسميا في إجراء كتابي حتى تدخل حيز التنفيذ. وطالبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس الجمعة بالإفراج الفوري غير المشروط عن المتظاهرين الذين احتجزوا خلال المظاهرات السلمية بعد إعادة انتخاب الرئيس ألكسندر لوكاشينكو. وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت أمس الجمعة في برلين: «المستشارة الألمانية تدين على وجه الخصوص اعتقال الآلاف لمجرد مشاركتهم في احتجاجات سلمية. إنها مصدومة من التقارير التي تتحدث عن تعرض المعتقلين لإساءة معاملة..... للأسف تثبت إفادات الأشخاص المنكل بهم العديد من هذه الحالات». وأضاف زايبرت: «عرض المعتقلين المُنكل بهم على التلفزيون أيضا أمر غير مقبول على الإطلاق... يتعين على بيلاروس الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين. يجب حماية الحق في حرية التجمع والتعبير وتداول المعلومات». وقالت وزارة خارجية روسيا البيضاء في بيان إن «روسيا البيضاء مستعدة لحوار بناء وموضوعي مع شركائها الأجانب حول كل القضايا المرتبطة بسير الأحداث في بيلاروس خلال الحملة الانتخابية وبعد انتهائها». وترى ألمانيا أنه يتعين أن يدور مؤتمر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي حول فرض عقوبات ضد المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان هناك». وذكر زايبرت أن الاحتجاجات تعكس غضب ويأس العديد من المواطنين في بيلاروسيا بشأن الأوضاع السائدة، وقال «الحكومة الألمانية تقف بجانب كل الذين يعبرون عن إرادتهم سلميا - مثلما هو حق كل إنسان في الديمقراطية».
وكانت الشرطة في بيلاروس أعلنت الخميس احتجاز آلاف المحتجين مع تواصل التظاهرات. وأصيب العشرات وقتل شخصان نتيجة استعمال الشرطة قنابل صوتية وأخرى مسيلة للدموع وخراطيم المياه، وكذلك الرصاص الحي في مناسبة واحدة على الأقل، لتفريق المتظاهرين.
وبعد قرار الإفراج عن المعتقلين تجمع أمام مركز احتجاز في مينسك مئات من أصحاب وأقارب المحتجزين، الذين غالبت الدموع كثيرا منهم، وهم يحملون طعاما وماء وأغطية لذويهم الذين أخذوا يتدفقون خارجين من المركز في الساعات الأولى من أمس الجمعة. وظهرت على بعض المحتجين كدمات ووصفوا كيف جرى حشرهم بأعداد كبيرة داخل الزنازين وشكوا من سوء المعاملة. ونفى ألكسندر بارسوكوف نائب وزير الداخلية إساءة معاملة المحتجزين وقال إنهم جميعا سيغادرون الحجز صباح اليوم. وتوفي محتجان على الأقل وأودع نحو 6700 السجون.
وأبرزت خطوة الإفراج عن المحتجزين والنغمة الاسترضائية التي عبر عنها اثنان من كبار مسؤولي الدولة هشاشة قبضة لوكاشينكو على بلد تعتبره جارته روسيا حاجزا استراتيجيا في مواجهة حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي. وقال وزير الشؤون الداخلية يوري كاراييف «أتحمل المسؤولية وأعتذر عن الإصابات العشوائية التي لحقت بأناس في الاحتجاجات». وكان قد انضم إلى عشرات الآلاف من المحتجين الخميس عمال من قطاعات صناعية تديرها الدولة وتعد فخر نموذج اقتصادي انتهجه لوكاشينكو على غرار الخط السوفياتي، ومن ذلك مصنع مينسك للسيارات الذي ينتج شاحنات وحافلات. وظهر المحتجون في تغطية مصورة وهم يهتفون «انتخابات» و«ارحل».
وشكل المتظاهرون سلاسل بشرية ونظموا مسيرات في العاصمة وشاركهم ما لا يقل عن عشرة من مذيعي التلفزيون ومراسلي وسائل الإعلام الرسمية الخاضعة لرقابة قوية كانوا قد استقالوا تضامنا. واعتبر الرئيس الاحتجاجات مؤامرة مدعومة من الخارج لزعزعة الاستقرار ووصف المتظاهرين بأنهم أصحاب سوابق وعاطلون.
ونادرا ما يحصل طالبو اللجوء من روسيا البيضاء على
اعتراف باللجوء السياسي في ألمانيا. وقال متحدث باسم الهيئة الاتحادية لشؤون الهجرة واللاجئين في تصريحات لصحف شبكة «دويتشلاند» الألمانية الإعلامية الصادرة أمس الجمعة إن إجمالي نسبة الاعتراف بطلبات اللجوء المقدمة تتراوح بين 3.‏1 في المائة و4.‏4 في المائة. وذكر المتحدث أن هذه النسبة تشمل الحاصلين على وضع اللجوء أو المعترف بلجوئهم. وبحسب البيانات، فإن عدد طالبي اللجوء من روسيا البيضاء ضئيل للغاية، حيث بلغ العام الماضي 264 طالب لجوء.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».