الموت يغيّب شويكار بعد مسيرة فنية حافلة

الفنانة شويكار مع وزير الثقافة المصري الأسبق فاروق حسني خلال تكريمها (وسائل إعلام مصرية)
الفنانة شويكار مع وزير الثقافة المصري الأسبق فاروق حسني خلال تكريمها (وسائل إعلام مصرية)
TT

الموت يغيّب شويكار بعد مسيرة فنية حافلة

الفنانة شويكار مع وزير الثقافة المصري الأسبق فاروق حسني خلال تكريمها (وسائل إعلام مصرية)
الفنانة شويكار مع وزير الثقافة المصري الأسبق فاروق حسني خلال تكريمها (وسائل إعلام مصرية)

أعلنت نقابة المهن التمثيلية في مصر، اليوم «الجمعة»، وفاة الممثلة شويكار عن عمر يناهز 82 عاماً بعدما خلّدت اسمها في مجال الفن بأعمال مسرحية وسينمائية بارزة.
ووفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء، وُلدت شويكار إبراهيم شفيق طوب صقال لأب من أصل تركي كان من كبار ملاك الأراضي ومن أعيان محافظة الشرقية، وبدأت مشوارها الفني مطلع الستينات في السينما بأدوار قصيرة لكن مميزة أمام نجوم كبار في أفلام مثل: «حبي الوحيد» في 1960 أمام كمال الشناوي، و«غرام الأسياد» في 1961 أمام عمر الشريف، و«الزوجة 13» في 1962 أمام رشدي أباظة.
والتقت لأول مرة مع الفنان فؤاد المهندس، والذي تزوجت منه لاحقاً، في مسرحية «السكرتير الفني» التي أخرجها وشارك في تمثيلها عبد المنعم مدبولي.
وشكّلت بعد ذلك مع المهندس ثنائياً مسرحياً مميزاً في ستينات القرن الماضي فقدما معاً مجموعة من الأعمال التي رسخت في وجدان المشاهد المصري والعربي من بينها: «أنا وهو وهي»، و«أنا فين وانتي فين»، و«أنا وهي وسموه»، و«حواء الساعة 12»، و«السكرتير الفني»، و«سيدتي الجميلة».
وانتقل هذا النجاح من المسرح إلى التلفزيون فقدما معاً أفلام: «أخطر رجل في العالم»، و«شنبو في المصيدة»، و«مطاردة غرامية»، و«العتبة جزاز»، و«أنت اللي قتلت بابايا»، و«ربع دستة أشرار»، و«عريس بنت الوزير».
ومع حلول منتصف السبعينات انتقلت شويكار إلى مرحلة جديدة برزت فيها موهبتها بشكل أكبر من خلال أدوار مركبة ومختلفة عن الصورة المأخوذة عنها فشاركت في أفلام: «الكرنك» عام 1975، و«دائرة الانتقام» عام 1976، و«طائر الليل الحزين» في 1977، و«درب الهوى» في 1983، و«سعد اليتيم» في 1985، و«أميركا شيكا بيكا» في 1993.
وفي حقبة التسعينات جذبتها الدراما التلفزيونية فقدمت نحو 20 مسلسلاً من بينها: «كلام رجالة» في 1995، و«ترويض الشرسة» في 1996، و«هوانم جاردن سيتي» و«امرأة من زمن الحب» في 1998، و«أحزان مريم» في 2006، و«سر علني» في 2012 الذي يعد آخر مسلسلاتها.
ونالت العديد من التكريمات والجوائز من مهرجانات ومؤسسات فنية كان آخرها تكريم المهرجان القومي للمسرح المصري لها في دورته العشرين في أكتوبر «تشرين الأول» 2016.



غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
TT

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

عاد إلى ذاكرة مُؤسِّسة غاليري «آرت أون 56»، نهى وادي محرم، مشهد 4 أغسطس (آب) 2020 المرير. حلَّ العَصْف بذروته المخيفة عصر ذلك اليوم المشؤوم في التاريخ اللبناني، فأصاب الغاليري بأضرار فرضت إغلاقه، وصاحبته بآلام حفرت ندوباً لا تُمحى. توقظ هذه الحرب ما لا يُرمَّم لاشتداد احتمال نكئه كل حين. ولمّا قست وكثَّفت الصوتَ الرهيب، راحت تصحو مشاعر يُكتَب لها طول العُمر في الأوطان المُعذَّبة.

رغم عمق الجرح تشاء نهى وادي محرم عدم الرضوخ (حسابها الشخصي)

تستعيد المشهدية للقول إنها تشاء عدم الرضوخ رغم عمق الجرح. تقصد لأشكال العطب الوطني، آخرها الحرب؛ فأبت أن تُرغمها على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية. تُخبر «الشرق الأوسط» عن إصرارها على فتحه ليبقى شارع الجمّيزة البيروتي فسحة للثقافة والإنسان.

تُقلِّص ساعات هذا الفَتْح، فتعمل بدوام جزئي. تقول إنه نتيجة قرارها عدم الإذعان لما يُفرَض من هول وخراب، فتفضِّل التصدّي وتسجيل الموقف: «مرَّت على لبنان الأزمة تلو الأخرى، ومع ذلك امتهنَ النهوض. أصبح يجيد نفض ركامه. رفضي إغلاق الغاليري رغم خلوّ الشارع أحياناً من المارّة، محاكاة لثقافة التغلُّب على الظرف».

من الناحية العملية، ثمة ضرورة لعدم تعرُّض الأعمال الورقية في الغاليري لتسلُّل الرطوبة. السماح بعبور الهواء، وأن تُلقي الشمس شعاعها نحو المكان، يُبعدان الضرر ويضبطان حجم الخسائر.

الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه (آرت أون 56)

لكنّ الأهم هو الأثر. أنْ يُشرّع «آرت أون 56» بابه للآتي من أجل الفنّ، يُسطِّر رسالة ضدّ الموت. الأثر يتمثّل بإرادة التصدّي لِما يعاند الحياة. ولِما يحوّلها وعورةً. ويصوّرها مشهداً من جهنّم. هذا ما تراه نهى وادي محرم دورها في الأزمة؛ أنْ تفتح الأبواب وتسمح للهواء بالعبور، وللشمس بالتسلُّل، وللزائر بأن يتأمّل ما عُلِّق على الجدران وشدَّ البصيرة والبصر.

حضَّرت لوحات التشكيلية اللبنانية المقيمة في أميركا، غادة جمال، وانتظرتا معاً اقتراب موعد العرض. أتى ما هشَّم المُنتَظر. الحرب لا تُبقى المواعيد قائمة والمشروعات في سياقاتها. تُحيل كل شيء على توقيتها وإيقاعاتها. اشتدَّت الوحشية، فرأت الفنانة في العودة إلى الديار الأميركية خطوة حكيمة. الاشتعال بارعٌ في تأجيج رغبة المرء بالانسلاخ عما يحول دون نجاته. غادرت وبقيت اللوحات؛ ونهى وادي محرم تنتظر وقف النيران لتعيدها إلى الجدران.

تفضِّل نهى وادي محرم التصدّي وتسجيل الموقف (آرت أون 56)

مِن الخطط، رغبتُها في تنظيم معارض نسائية تبلغ 4 أو 5. تقول: «حلمتُ بأن ينتهي العام وقد أقمتُ معارض بالمناصفة بين التشكيليين والتشكيليات. منذ افتتحتُ الغاليري، يراودني هَمّ إنصاف النساء في العرض. أردتُ منحهنّ فرصاً بالتساوي مع العروض الأخرى، فإذا الحرب تغدر بالنوايا، والخيبة تجرّ الخيبة».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه، وربما حيّزه في هذا العالم. تُسمّيه مُتنفّساً، وتتعمّق الحاجة إليه في الشِّدة: «الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه. نرى الحزن يعمّ والخوف يُمعن قبضته. تُخبر وجوه المارّين بالشارع الأثري، الفريد بعمارته، عما يستتر في الدواخل. أراقبُها، وألمحُ في العيون تعلّقاً أسطورياً بالأمل. لذا أفتح بابي وأعلنُ الاستمرار. أتعامل مع الظرف على طريقتي. وأواجه الخوف والألم. لا تهمّ النتيجة. الرسالة والمحاولة تكفيان».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه وربما حيّزه في العالم (آرت أون 56)

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها: الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع، الإسعاف والصراخ... لـ9 أشهر تقريباً، أُرغمت على الإغلاق للترميم وإعادة الإعمار بعد فاجعة المدينة، واليوم يتكرّر مشهد الفواجع. خراب من كل صوب، وانفجارات. اشتدّ أحدها، فركضت بلا وُجهة. نسيت حقيبتها في الغاليري وهي تظنّ أنه 4 أغسطس آخر.