البرلمان اللبناني يتبلغ استقالة 8 من أعضائه

الرئيس نبيه بري وأعضاء مكتب المجلس النيابي يقفون حداداً خلال جلسة البرلمان أمس (موقع مجلس النواب)
الرئيس نبيه بري وأعضاء مكتب المجلس النيابي يقفون حداداً خلال جلسة البرلمان أمس (موقع مجلس النواب)
TT

البرلمان اللبناني يتبلغ استقالة 8 من أعضائه

الرئيس نبيه بري وأعضاء مكتب المجلس النيابي يقفون حداداً خلال جلسة البرلمان أمس (موقع مجلس النواب)
الرئيس نبيه بري وأعضاء مكتب المجلس النيابي يقفون حداداً خلال جلسة البرلمان أمس (موقع مجلس النواب)

تبلغ المجلس النيابي اللبناني، أمس، استقالة 8 نواب، ما يستدعي بحسب قانون الانتخاب الأخير إجراء انتخابات فرعية لملء الشغور في هذه المقاعد خلال مهلة 60 يوماً، من غير أن تواجه عقبات الحكومة المستقيلة، بقدر ما تواجه عقبات سياسية على ضوء موافقة الأطراف السياسية على المشاركة بالانتخابات من عدمها، في حال أجريت خلال المهلة القانونية.
وتتسم الانتخابات الفرعية هذه المرة بالتعقيد السياسي، بالنظر إلى أن الأطراف التي استقالت أقدمت على الخطوة من منطلقات سياسية، وهو ما يدعو لانتظار مواقفها، ذلك أن القوى الفاعلة في الدوائر الشاغرة هي «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية» والمجتمع المدني الذي تقول مصادره إنه لن يشارك في الانتخابات الفرعية في حال حُدّدت.
وتبلغ البرلمان اللبناني في جلسته التي انعقدت في قصر الأونيسكو أمس، استقالة النواب الثمانية، وهم رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل وإلياس حنكش ونديم الجميّل وبولا يعقوبيان وميشال معوض ونعمة أفرام وهنري حلو ومروان حمادة الذي أثير لغط حول استقالته، إذ طُلب التريّث بداية باستقالة حمادة لأنها مشروطة، علماً بأن النائب بلال عبد الله أشار إلى تراجع حمادة عن استقالته. فطلب رئيس البرلمان نبيه بري حضور حمادة للاستيضاح... ولاحقاً تم إعلان الاستقالة بسبب عدم حضور حمادة.
وللمرة الأولى في تاريخ لبنان الحديث، يستقيل أكثر من نائب من دائرة انتخابية واحدة. فدائرة بيروت الأولى، استقال منها النائبان نديم الجميل وبولا يعقوبيان، كما استقال سامي الجميل وإلياس حنكش من دائرة المتن الشمالي، كما استقال هنري حلو ومروان حمادة من دائرة جبل لبنان الرابعة. أما النائب ميشال معوض فهو مرشح دائرة الشمال الثالثة، فيما شغر مقعد في دائرة جبل لبنان الأولى باستقالة نعمة أفرام.
وينص قانون الانتخاب على أنه إذا شغر أي مقعد من مقاعد مجلس النواب تجري الانتخابات لملء المقعد الشاغر خلال شهرين من تاريخ الشغور، وهو تاريخ قبول الاستقالة في البرلمان. وتجري الانتخابات الفرعية لملء المقعد الشاغر على مستوى الدائرة الصغرى العائد لها هذا المقعد، وفقاً لنظام الاقتراع الأكثري على دورة واحدة وتحدد مراكز الاقتراع ضمن هذه الدائرة بقرار من الوزير، أما إذا تخطى الشغور المقعدين في الدائرة الانتخابية الكبرى فيُعتمد نظام الاقتراع النسبي وفق أحكام هذا القانون.
ولا تشكل استقالة الحكومة عقبة قانونية أمام إجراء الانتخابات الفرعية، بحسب ما يقول الخبير الانتخابي سعيد صناديقي لـ«الشرق الأوسط» بالنظر إلى أن هناك «سابقة في هذا الموضوع»، علماً بأن تعيين هيئة الإشراف على الانتخابات يحتاج إلى مجلس الوزراء مجتمعاً، وهي حالة لا تنطبق كون الهيئة قائمة.
ويوضح صناديقي أن القانون أعطى هيئة الإشراف على الانتخابات حق الاستمرارية في موقعها إلى حين تعيين هيئة أخرى، وبالتالي فإنه لا فراغ في القانون الإداري. وعليه «تستطيع الهيئة السابقة أن تقوم بالإشراف على الانتخابات حتى لو استقالت الحكومة، وتدير وزارة الداخلية العملية».
وفيما لا يعد الشأن القانوني حائلاً أمام إجراء الانتخابات، تظهر عوائق سياسية متوقعة من القوى السياسية الفاعلة وما إذا كانت ستقرر المشاركة في الانتخابات من عدمها. ويقول صناديقي: «إذا قاطعت الكتائب والقوات، فسينافس التيار الوطني الحر نفسه، وهو أمر لم يتحدد حتى الآن، بالنظر إلى أن الاستقالة جرت من منطلق سياسي»، داعياً إلى الانتظار لمعرفة موقف القوى الفاعلة قبل الحكم على النتائج المتوقعة من الانتخابات الفرعية في حال حدثت.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.