تونس: مقترح «حكومة كفاءات» يواجه رفض أحزاب كبرى

سياسيون يعتبرونه «انقلاباً على نتائج الانتخابات»

TT

تونس: مقترح «حكومة كفاءات» يواجه رفض أحزاب كبرى

واصل هشام المشيشي، رئيس الحكومة التونسية المكلف، أمس مشاوراته السياسية، لكن دون تحقيق تقدم مع الكتل الممثلة للأحزاب القوية في البرلمان، حيث تشبثت الأحزاب الكبرى الفائزة في الانتخابات البرلمانية الماضية بمواقفها الداعمة لمقترح تشكيل حكومة سياسية، تراعي تركيبتها نتائج انتخابات 2019.
ومن أبرز الداعمين لهذا المقترح حركة النهضة (إسلامية)، برئاسة راشد الغنوشي، فيما تساند الأحزاب الصغرى مقترح حكومة كفاءات مستقلة، بعيدا عن كل الأحزاب، وهو ما سيمنحها، وفق مراقبين، إمكانية واسعة للمشاركة في الائتلاف الحكومي. في حين أن أحزابا أخرى، مثل «قلب تونس» و«حركة الشعب» و«حزب التيار الديمقراطي» ستتضرر من هذا التوجه، اعتبارا إلى أنها انتخبت لكي تحكم وتنفذ برامجها الانتخابية، ولذلك تعتبر «حكومة الكفاءات بمثابة انقلاب واضح على نتائج الانتخابات»، وترى أنها «حكومة الرئيس قيس سعيد».
في سياق ذلك، تساند كتل «الدستوري الحر» المعارض (16 نائبا)، و«الإصلاح الوطني» (16 نائبا)، و«الكتلة الوطنية» (11 نائبا). إضافة إلى كتلة «حركة تحيا تونس» (14 نائبا) خيار تكوين حكومة كفاءات مستقلة، وهؤلاء ممثلون بنحو 57 نائبا في البرلمان. وفي المقابل ترفض كتلة النهضة (54 نائبا)، والكتلة الديمقراطية (38 نائبا)، وكتلة «قلب تونس» (27 نائبا) و«ائتلاف الكرامة» (19 نائبا)، خيار رئيس الحكومة المكلف بتشكيل حكومة كفاءات، وهؤلاء يمثلون أغلبية لا تقل عن 138 نائبا، وبإمكانهم إسقاط حكومة المشيشي عند عرضها لنيل ثقة البرلمان.
وفي إطار مشاوراته المتواصلة لتشكيل الحكومة الجديدة، التقى المشيشي أمس عددا من رؤساء المنظمات والجمعيات المهنية، كما التقى يوسف بوزاخر، رئيس المجلس الأعلى للقضاء، وإبراهيم بودربالة رئيس نقابة المحامين، وأنس الحمادي رئيس جمعية القضاة التونسيين وأميرة العمري رئيسة نقابة القضاة التونسيين.
وإثر اللقاء، قال بودربالة إنه أصبح محتما على الطبقة السياسية بتنوعاتها، «الاجتماع حول المصلحة المشتركة للوطن»، معتبرا أن الوضع الدقيق الذي تمر به البلاد «يحتم على الجميع الاتفاق على عدد من أهداف مشتركة لإنقاذ تونس».
وبخصوص مواقف الأحزاب من حكومة الكفاءات التي دعا إليها المشيشي، طالب يوسف الشاهد، رئيس حركة «تحيا تونس» والرئيس السابق للحكومة، الأحزاب بقبول صيغة دعم حكومة دون المشاركة فيها، ورجح إمكانية إيجاد توافقات بين هذه الأحزاب حول الحكومة التي سيقترحها المشيشي. معتبرا أنه «ليس من مصلحة تونس الذهاب إلى انتخابات سابقة لأوانها... فهذا السيناريو سيكون كارثيا، والتجربة الديمقراطية ستصبح مهددة». وفي هذا السياق، قدمت حركة «تحيا تونس» وثيقة برنامج للحكومة المرتقبة تتكون من خمسة محاور تحدد أولويات اجتماعية واقتصادية، من بين أهدافها مقاومة غلاء المعيشة، وإصلاح وضعية المؤسسات العمومية وإعادة التوازن للمالية العمومية.
على صعيد متصل، يسعى حزب التيار الديمقراطي وحركة الشعب إلى دعم خيار تشكيل حكومة تكون محل توافق سياسي، ولذلك يحاولان إقناع المشيشي بضرورة إشراك بعض الأحزاب في تركيبة الحكومة الجديدة، على أن تكون تركيبتها مشكلة من شخصيات مستقلة تتمتع بالكفاءة، وأخرى منتمية للأحزاب، وهو خيار قد يرضي الكثير من الأطراف السياسية، وعلى رأسها حركة النهضة. وفي هذا الشأن، قال زهير المغزاوي، رئيس «حركة الشعب» إن طرح فكرة حكومة كفاءات مستقلة «لا تحظى بضمانات النجاح الكافية.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.