التسوق الإلكتروني في مصر... مفاجآت صادمة تتحدى حملات الطمأنة

شهد طفرة كبيرة خلال السنوات الماضية

إحدى صفحات مواقع البيع الإلكتروني في مصر
إحدى صفحات مواقع البيع الإلكتروني في مصر
TT

التسوق الإلكتروني في مصر... مفاجآت صادمة تتحدى حملات الطمأنة

إحدى صفحات مواقع البيع الإلكتروني في مصر
إحدى صفحات مواقع البيع الإلكتروني في مصر

لم تكن غادة محمود، خريجة كلية الحقوق بجامعة عين شمس، بالقاهرة، تتخيل أن تجربة شراء مريرة عبر الإنترنت سوف تكلفها خسارة زوج مستقبلي، وحياة كانت تتطلع إليها بعين الأمل والتفاؤل، فبينما كان العد التنازلي لزواجها قد بدأ ولم يعد يتبقى سوى القليل على زفافها، وكانت في حاجة إلى شراء ثلاجة من النوع الفخم، وكبير الحجم، وتقول لـ«الشرق الأوسط»، «حددنا النوع أنا وخطيبي، لكن قبل الشراء أصرت والدته على الشراء من منصة للبيع (أونلاين)؛ بحجة أن النوع نفسه بالمواصفات نفسها موجود لدى هذه المنصة، لكن بسعر أقل ألف جنيه (الدولار الأميركي يعادل نحو 16 جنيهاً مصرياً)».
وأضافت «وافقت رغم عدم اقتناعي، لكن الأسبوع الذي أعلنت عنه منصة البيع حداً أقصى لوصول المنتج للبيت مر من دون حدوث شيء! عاودنا الاتصال بالمنصة فاعتذروا ومنحونا موعداً جديداً لم يلتزموا به هو الآخر لنعيش ثلاثة أسابيع كاملة من المشادات والاتصالات المرهقة، وفي النهاية وصلتنا (ثلاجة) غير مطابقة للمواصفات، سواء من حيث الكفاءة أو اللون المتفق عليه، ثم صممت على الشراء من متجر عادي فقد أزف موعد الزفاف، لكن خطيبي أصر على تأجيل الحفل حتى لا يُغضب والدته و(يعصاها) على حد تعبيره، وفي لحظة انفعال وغضب اتهمته بـ(ضعف الشخصية)، فما كان منه إلا أن خلع خاتم الخطوبة وقذفه في وجهي انتصاراً لكرامته».
ما تعرضت له خريجة الجامعة الشابة ليس سوى نموذج واحد من نماذج كثيرة لما بات يعرف في مصر باسم «ضحايا الشراء أونلاين» وهو القطاع الذي شهد طفرة كبرى على مستوى دول العالم، ومن بينها مصر خلال السنوات الأخيرة، وفق خبراء.
عبير السيد، موظفة بأحد مكاتب السجل المدني، تعاني من السمنة فقررت بعد إعلان مغرٍ الاستعانة بشركات الـ«أونلاين» لجلب منتج «تخسيس» عبارة عن أقراص تساعد على فقد الوزن، وصلها المنتج وفوجئت بعد استخدامه أياماً عدة بسرعة في ضربات القلب وعرق غزير، وحين استشارت أحد الأطباء اكتشفت أنها تعرضت للخداع من خلال منتج رديء كاد يسبب لها سكتة قلبية، وفق ما روته عبير لـ«الشرق الأوسط».
ووفق «تقرير المدفوعات الإلكترونية» لعام 2017 الصادر عن «مؤسسة بيفورت للمدفوعات الإلكترونية»، فإنه من المتوقع أن يصل عدد المتسوقين عبر الإنترنت إلى 2.1 مليار متسوق في جميع أنحاء العالم في 2021، مقارنة بـ1.66 مليار متسوق في 2016.
ويروي محمود السيد، مدرب لناشئي كرة السلة بأحد النوادي المصرية، أنه «خسر مبلغاً كبيراً دفعه في حذاء رياضي لإحدى (الماركات) العالمية الشهيرة، بعدما لفت نظره الإعلان على منصة لإحدى شركات الـ(أونلاين) جاءه الحذاء مناقضاً للمواصفات تماماً، بل كان نسخة مقلدة ورديئة»، ويقول «فوجئت بالحقيقة الصادمة، فسارعت للتواصل مع مسؤول المبيعات فأكد لي بكل صلف أن هذا هو المتفق عليه ثم أنهى المكالمة، وحين عاودت الاتصال به فوجئت به يغلق هاتفه، سارعت بتقديم بلاغ إلى شرطة الاتصالات، لكن لم يكن في الإمكان عمل شيء؛ لأن خط الهاتف مسجل باسم آخر، كما أنه تخلص من الشريحة حتى لا يمكن تتبعه عبر الهاتف».
ورغم عدم وجود إحصائيات محددة لحجم التجارة الإلكترونية في مصر، فإن هشام صفوت، رئيس لجنة التجارة الإلكترونية، بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، يؤكد زيادة الطلب عليها بنسبة كبيرة جداً، لا سيما بعد عزلة «كورونا» خلال الأشهر الماضية، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، «السلع الكهربائية والمواد الغذائية وأدوات التنظيف، والوقاية من فيروس كورونا كانت في مقدمة السلع المبيعة إلكترونياً بالآونة الأخيرة».
بدوره، يشدد الدكتور أحمد سمير، القائم بأعمال رئيس جهاز حماية المستهلك، في مصر، على التعامل الجاد والحاسم مع شكاوى جميع المستهلكين المتضررين من الغش الإلكتروني بهدف ضبط الأسواق وردع المخالفين»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»، «مصر تمتلك واحداً من أقوى قوانين حماية المستهلك على مستوى العالم بحسب الاتحاد الأوروبي، وهو القانون 181 لسنة 2018، حيث منح المستهلك الحق في إرجاع السلعة طوال ثلاثين يوماً بعد أن كانت تقتصر على 15 يوماً في القانون قبل تعديله، كما توسع في تغليظ العقوبات على المنصات الإلكترونية المخالفة لتصل إلى مليون جنيه فضلاً عن الحبس».
في المقابل، تسعى كبريات منصات البيع الإلكتروني إلى طمأنة عملائها من خلال التأكيد على عدد من سياساتها العامة، التي من أبرزها أنه في حال اكتشاف أن السلعة مزيفة، سوف يسترد الشاري ثمن السلعة فوراً، بالإضافة إلى تكلفة الشحن شريطة احتفاظه بإيصال الشراء والغلاف الأصلي للسلعة، كما أنها تمنح المشتري مهلة أقصاها خمسة عشر يوماً من تاريخ تسلم السلعة للتقدم بطلب إرجاعها إذا كان بها عيب أصلي ناتج من الصناعة وليس سوء الاستخدام.

///////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////====

شرح الصور:
إحدى صفحات مواقع البيع الإلكتروني في مصر



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».