القضاء اللبناني يبدأ اليوم استجواب الوزراء المختصين

TT

القضاء اللبناني يبدأ اليوم استجواب الوزراء المختصين

تسارعت وتيرة التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، الذي خلّف نحو 170 قتيلاً وعشرات المفقودين وآلاف الجرحى، وحوّل العاصمة اللبنانية إلى مدينة منكوبة، وفتحت النيابة العامة التمييزية مسارات متعددة للتحقيق؛ إذ استجوب، أمس، المحامي العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان خوري، 10 ضبّاط من الجيش اللبناني وأمن الدولة والجمارك العاملين في مرفأ بيروت، بالإضافة إلى عدد من الإداريين في جمارك المرفأ، وقرر تركهم رهن التحقيق، إلى حين استجواب آخرين، ومقاطعة إفاداتهم واتخاذ القرارات اللازمة في ضوء نتائج التحقيقات.
ولم يتوقّف الأمر على استجواب الأمنيين والإداريين؛ بل انتقلت النيابة العامة التمييزية إلى الشقّ السياسي في القضية، عبر التحقيق مع الوزراء الذين تعاقبوا على المسؤولية، طيلة السنوات السبع التي كانت فيها مواد «نيترات الأمونيوم» مخزّنة في «العنبر رقم 12» بمرفأ بيروت إلى حين «انفجارها أو تفجيرها». وعلمت «الشرق الأوسط»، أن القاضي غسان خوري استدعى إلى جلسة تحقيق يعقدها في مكتبه بقصر العدل في بيروت قبل ظهر اليوم الخميس، وزير الأشغال الأسبق غازي العريضي. وأوضحت مصادر مواكبة لسير التحقيق، لـ«الشرق الأوسط» أن «الاستماع إلى إفادة العريضي الذي كان وزيراً للأشغال عند تفريغ حمولة الباخرة من مادة النيترات في المرفأ، غايتها الاطلاع على الإجراءات التي اتخذها عند وصول هذه المواد إلى المرفأ، وأين تكمن مسؤوليته حيال ما جرى». وكشف المصدر عن أن «استدعاء العريضي للتحقيق هو أول الغيث، وسيتبعه الاستماع إلى وزراء الأشغال المتعاقبين: غازي زعيتر ويوسف فنيانوس وميشال نجّار، بالإضافة إلى وزراء مالية سابقين».
وأشارت المصادر المطلعة إلى أن استجواب الوزراء «يأتي في سياق تحديد المسؤوليات، وحصرها في الأشخاص الذين أهملوا أو تجاهلوا خطر إبقاء المواد المتفجرة في المرفأ، من إداريين وأمنيين وعسكريين وقضاة وسياسيين». لكن المصادر نفسها أكدت أنه «في حال ثبت تقصير أو إهمال من الوزراء الذين سيخضعون للتحقيق أو بعضهم، فإن القضاء العدلي سيعلن عدم اختصاصه بملاحقتهم، وسيحيل النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات ملفهم مع الأدلة المتوفرة بحقهم إلى المجلس النيابي، باعتبار أن محاكمة هؤلاء تقع ضمن اختصاص المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وليس القضاء العادي»، مشيراً إلى أن «الادعاء على هؤلاء وإحالتهم إلى المحكمة الخاصة، يتطلب موافقة ثلثي أعضاء البرلمان اللبناني على الشروع بهذه الملاحقة».
ورغم صدور مرسوم إحالة تفجير المرفأ إلى المجلس العدلي، فإن التحقيقات الأولية لا تزال تسير بوتيرة مكثّفة، ولفتت مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «مكتب النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات يشهد اجتماعات قضائية وأمنية متلاحقة، ودراسة التقارير الأمنية التي ترده من مسرح الجريمة، وتقارير الخبراء الفنيين، ومتابعته التحقيقات التي يجريها فريق من شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي في قبرص، مع قبطان السفينة (روسوس) التي نقلت (نيترات الأمونيوم) وأفرغتها في مرفأ بيروت». ولفتت المصادر إلى أن القاضي عويدات «رفض طلباً تقدّم به المحامي جورج خوري، وكيل الدفاع عن مدير عام الجمارك بدري ضاهر لترك الأخير حرّاً بعد مرور 5 أيام على احتجازه على ذمة التحقيق، إلا إن عويدات رفض الطلب وقرر إبقاءه موقوفاً مع 18 آخرين؛ بينهم المدير العام السابق للجمارك شفيق مرعي ومدير مرفأ بيروت المهندس حسن قريطم».
من جهته، عقد مجلس القضاء الأعلى برئاسة القاضي سهيل عبود، وبحضور النائب العام التمييزي، جلسة طويلة خصصها لدراسة اقتراح وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم، تعيين القاضي سامر يونس، محققاً عدلياً في قضية تفجير المرفأ، إلا إن مجلس القضاء رفض هذا الاقتراح، باعتبار أن القاضي المذكور مقرّب من جهة سياسية، في إشارة إلى رئيس «التيار الوطني الحرّ» جبران باسيل، وطلب من وزيرة العدل اقتراح أسماء بديلة لاختيار أحدهم لهذه المهمة.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.