محادثات إسرائيلية - قطرية في ظل تصعيد ميداني لـ {حماس}

دخل «الموساد» الإسرائيلي على خط الأزمة في قطاع غزة، للمرة الثانية خلال شهور، وطلب من قطر الاستمرار في إرسال الأموال إلى القطاع، في سبيل نزع فتيل التصعيد الحالي.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية «كان» إن رئيس جهاز «الموساد»، يوسي كوهين، أجرى مباحثات مع كبار المسؤولين في قطر على ضوء التصعيد الأخير في قطاع غزة، للتأكد من أن قطر ستستمر في إرسال الأموال إلى القطاع الذي كان يفترض أن ينتهي الشهر المقبل.
وبحسب «كان» فإن كوهين دفع في اتجاه استمرار القطريين في تحويل الأموال بعد سبتمبر (أيلول)، وهو موعد يفترض أن تنتهي معه المنحة القطرية التي مددت سابقاً لعدة شهور بتدخل آخر من «الموساد». وكان لجهاز «الموساد» إسهام واضح في تحويل الأموال القطرية إلى قطاع غزة منذ بداية الأزمة، على قاعدة جلب الهدوء في «الجنوب».
ويُعد قُرب انتهاء المنحة القطرية واحداً من الأسباب التي دفعت حركة «حماس» لتصعيد ميداني في الأيام الأخيرة، في محاولة للضغط على إسرائيل من أجل إدخال تسهيلات متفق عليها سابقاً. وكانت المنحة قد انتهت في مارس (آذار)؛ لكن كوهين نفسه زار قطر في فبراير (شباط)، وطلب تمديدها، فمُددت ستة أشهر.
وكشف وزير الدفاع الإسرائيلي السابق ورئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان، آنذاك، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أوفد رئيس «الموساد» يوسي كوهين، وقائد المنطقة الجنوبية في الجيش إلى قطر، ليطلبا من الدوحة مواصلة دعم حركة «حماس». وأكد ليبرمان أن كوهين زار الدوحة من أجل إقناع القطريين بالاستمرار في تمويل «حماس».
وأفاد موقع «واينت» العبري بأن طائرة إسرائيلية خاصة انطلقت، صباح الأحد، من مطار «بن غوريون» وسط إسرائيل، وبعد استراحة لها في الأردن، شقت طريقها إلى العاصمة القطرية الدوحة؛ حيث هبطت الساعة 16:00 وبقيت هناك 24 ساعة، قبل أن تغادر عائدة إلى إسرائيل. وقال الموقع إنه لم يتم التأكد من هوية الطائرة وركابها وأسباب زيارتها لقطر. وأقر محمد العمادي رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة، بوجود مباحثات.
وقال العمادي المسؤول عادة عن نقل الأموال إلى «حماس»، إن إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، يواجه تحديات وعراقيل بشكل مستمر. ولفت في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية «قنا»، إلى أن الاتصالات مع الجانب الإسرائيلي ليست جديدة؛ بل هي تأتي في إطار الإجراءات المستمرة لتسهيل دخول المساعدات للقطاع. وقال العمادي: «إن مساعدات دولة قطر للأشقاء في قطاع غزة، هي للتخفيف من آثار الحصار المفروض على أشقائنا في القطاع». ويبدو أن قطر في طريقها لتمديد المنحة لقطاع غزة، في ظل التوتر والتصعيد الكبير هناك.
هذا وقد كثفت الحركة، أمس الأربعاء، من إطلاق البالونات الحارقة، وسُجل في إسرائيل اندلاع حرائق كبيرة في مستوطنات غلاف القطاع. وأفادت القناة «13» العبرية بأن حرائق كبيرة سُجلت في مستوطنات «زيكيم، ونتيف هعتسرا، والمجلس الإقليمي بشاطئ عسقلان»، كما اندلع حريق كبير في «كيبوتس ياد مردخاي».
وجاءت هذه الموجة من البالونات بعد شن الطيران الإسرائيلي هجمات على القطاع. وقال بيان الجيش إن الغارات على غزة نُفذت «رداً على إطلاق بالونات تحمل مواد متفجرة من قطاع غزة إلى مناطق إسرائيلية خلال الأسبوع الأخير». وشاركت طائرات حربية ومروحيات، بالإضافة إلى دبابات، في استهداف مواقع لحركة «حماس» في القطاع. وقال البيان إن الهجوم أصاب موقعاً عسكرياً، وبنية تحتية ومواقع مراقبة للتنظيم، كما أصاب بالخطأ «كيبوتس» إسرائيلياً. وشدد بيان الجيش الإسرائيلي على أن حركة «حماس» تتحمل مسؤولية جميع المحاولات التي تنطلق من القطاع ضد أهداف ومواطنين إسرائيليين.
ونشر الجيش الإسرائيلي في إطار مواجهة البالونات الحارقة منظومة أطلق عليها «لاهاف أور»، وهي منظومة ليزر قادرة على التصدي لهذه البالونات، وسيتم استخدامها بصورة ثابتة. وتتجنب إسرائيل كما يبدو حتى الآن تصعيداً قد يقود لمواجهة. وقال موقع صحيفة «هآرتس» العبرية، إن المؤسسة العسكرية والأمنية تحاول تجنب رد عسكري شديد القسوة قد يؤدي بالمنطقة إلى التصعيد، وتفضل توفير فرصة للاتصالات من خلال الوسطاء، مثل قطر ودول أوروبية أخرى، لتحقيق الهدوء في المنطقة. كما تتجنب «حماس» حرباً جديدة. وتريد الحركة عبر سياسة التصعيد المتدرج إرسال رسالة لإسرائيل، بأن الأمور قد تتجه إلى الأسوأ إذا لم تلتزم ببنود اتفاق التهدئة، بما في ذلك الحصول على أموال من قطر.
ونقلت الحركة عبر الوسطاء رسالة لإسرائيل تطالب بتسريع عمليات المشروعات، وخلق فرص عمل للسكان، وردت إسرائيل بقولها: «إن سبب تأخر تلك المشروعات هو عدم إيجاد دعم دولي لها في ظل أزمة فيروس (كورونا)».
ودخل وسطاء كثيرون على الخط من أجل تهدئة التوتر؛ لكن أقواهم هي مصر راعية اتفاق التهدئة. وقال إسماعيل رضوان، القيادي في حركة «حماس»، أمس، إن حركته في تواصل مستمر مع مصر، من أجل العمل على إلزام الاحتلال بإجراءات رفع الحصار عن قطاع غزة. واتهم رضوان إسرائيل باستخدام سياسة المراوغة بشأن إجراءات رفع الحصار، محذراً من مغبة مواصلة التصعيد.
وقالت حركة «حماس» إن «من حق شعبنا والمقاومة أن تدافع عن شعبها وأمتها»، كما أكدت «الجهاد الإسلامي» أنها لن تسمح لإسرائيل بتغيير قواعد اللعبة.