ليبيا... بين مخاطر اندلاع «معركة إقليمية» والتطلع إلى «سلام صعب» (تحليل إخباري)

تركيا تعلم أن الحرب ستكون مكلفة وقد تهدد المستقبل السياسي لإردوغان

وزير الخارجية التركي مع خالد المشري في زيارته إلى طرابلس الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية التركي مع خالد المشري في زيارته إلى طرابلس الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

ليبيا... بين مخاطر اندلاع «معركة إقليمية» والتطلع إلى «سلام صعب» (تحليل إخباري)

وزير الخارجية التركي مع خالد المشري في زيارته إلى طرابلس الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية التركي مع خالد المشري في زيارته إلى طرابلس الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

مع تزايد النزاع المستمر بين الفرقاء الليبيين بدعم من قوى إقليمية ودولية، تتواصل تحذيرات الخبراء والمحللين السياسيين من تطورات عسكرية محتملة في ليبيا، ومن مخاطر اندلاع حرب إقليمية، خاصة بعد تلويح مصر بالتدخل لحماية أمنها القومي، وتشديدها على أن سرت والجفرة «بمثابة خط أحمر» بالنسبة إليها، وهو ما يفجر مخاوف مضاعفة من مواجهة محتملة بين القوتين العسكريتين المصرية والتركية على الأراضي الليبية.
يقول رياض الصيداوي، رئيس المركز العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية في جنيف، لوكالة الأنباء الألمانية إن «إمكانية حرب إقليمية واردة لأن الذهاب إلى المفاوضات سيجعل برلمان طبرق (شرق ليبيا) في موقف الرابح لامتلاكه النسبة الأكبر من منابع النفط الرئيسية الآن». مضيفا أنه «من الناحية العسكرية فإن موقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ضعيف لأن جيشه البري بعيد، بينما جيش مصر القوي موجود على الحدود الشرقية وله أفضلية الميدان. وقد تتجه المنطقة إلى حرب استنزاف، لكن تركيا تعلم جيدا أنها ستكون مكلفة، وقد تهدد المستقبل السياسي للرئيس إردوغان».
وأضاف الخبير موضحا أن «اندلاع معركة في سرت قد تكون شرسة ومكلفة جدا. وقد تتراجع تركيا عن خوض المعركة، ولكن ستكون هناك بلا شك خسارة لمنابع النفط»، مقرا بوجود مخاوف من تحول الأراضي الليبية فعليا إلى موطن صراع دولي من أجل النفوذ والنفط، وهو ما يعزز من المخاوف المستمرة من انفجار عسكري محتمل في المنطقة.
وتابع الصيداوي قائلا: «لقد منحت الولايات المتحدة الضوء الأخضر لتركيا لتتدخل في ليبيا، ولتكون بمثابة ذراعها الأطلسية لمواجهة الوجود الروسي. الحرب الباردة مستمرة هناك. لكن على الجانب الآخر، فإن روسيا تريد العودة إلى مناطق نفوذها التقليدية عبر الضباط الذين تدربوا لديها في حقبة الاتحاد السوفياتي، وعبر صفقات التسليح الضخمة».
في المقابل، استبعد رشيد خشانة، مدير المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا، اندلاع معركة مباشرة بين قوتين إقليميتين على أرض ثالثة، غير أنه نبه إلى إمكانية اندلاع حرب بالوكالة يقودها الليبيون أنفسهم.
يقول خشانة، لوكالة الصحافة الألمانية: «الجانب الأميركي يضغط على حليفيه الاثنين (التركي والمصري) حتى الآن لتفادي الصدام، لكن هذا التحفظ من الممكن أن يزول في أي لحظة. وقد تدفع روسيا أو تركيا إلى المواجهة من خلال تقديم الدعم عبر المستشارين والخبراء العسكريين من الخلف».
لكن وبغض النظر عن حدوث مواجهة أو عدم وقوعها، فإن النزاع المستمر في ليبيا منذ عام 2011 يلقي بظلاله على دول الجوار، وله تداعيات مكلفة أمنيا واقتصاديا.
في هذا السياق، يشير الصيداوي إلى أن تونس والجزائر دفعتا بتعزيزات عسكرية كبيرة لتأمين الشريط الحدودي الغربي مع ليبيا، وألا تتضرر دولتا تشاد والنيجر أمنيا. مبرزا أن وضع مصر في الشرق يبدو أقل ضغطا لأنها تقع في تماس مع مناطق موالية لها في شرق ليبيا، ولها نفوذ وسط القبائل في تلك المنطقة.
كما يعتقد الصيداوي بأن تونس كانت الأكثر تضررا من الناحية الاقتصادية بسبب تعثر حجم التبادل الاقتصادي والتجاري، وخاصة في ظل الخطر المستمر من قبل الجماعات المتشددة والمتسللين من التراب الليبي، حيث كانت تونس على مشارف خسارة مدينتها بن قردان، الواقعة على مقربة من الحدود الليبية، في هجوم مفاجئ لمسلحين موالين لـ«تنظيم داعش» في 2016 قبل أن يصدها الجيش وقوات الأمن في معارك شوارع ضارية.
يقول العميد المتقاعد في الجيش التونسي، المختار بن نصر، إن «تدفق الأسلحة والمقاتلين، سواء من تركيا أو روسيا، على ليبيا يجعل من هذا التهديد أمرا حقيقيا وجديا. لكن الجيش التونسي يأخذ هذه الأمور أيضا على محمل الجد، لذلك تم تعزيز الترتيبات الأمنية، كما أعلن الجيش حالة الاستنفار على الحدود وعزز من عمليات المراقبة على مدار الساعة». داعيا إلى مزيد من الحذر في ظل وجود مناطق صحراوية شاسعة على الحدود مع ليبيا في الجنوب، وعلى حدودها أيضا مع الجزائر والنيجر وتشاد.
في سياق ذلك، يحذر الخبراء من أن النزاع العسكري في ليبيا قد يكون طويل الأمد في حال اندلاعه، ولن يفضي إلى حلول واضحة وحاسمة لأي من طرفي النزاع، في وقت أثبتت فيه المفاوضات السياسية فشلها في التوصل إلى توافق بين الفرقاء الليبيين، بدءا من اتفاق الصخيرات الموقع منذ 2015 وانهيار جهود المبعوث الأممي السابق في ليبيا، غسان سلامة. وبهذا الخصوص يقول خشانة إن «اتفاق الصخيرات تجاوزه الزمن. لقد تم إعداده من أجل سنتين، والآن نحن في طور السنة الخامسة ولم يتم تفعيله، وبالتالي فإن المؤسسات المنبثقة عنه باتت فاقدة للشرعية، لكن ليست هناك هيئات ذات شرعية بديلة حتى الآن».
ويضيف خشانة موضحا «سيكون من المهم أن تلتقي القوى الدولية والإقليمية المعنية بالنزاع في ليبيا في مؤتمر دولي للاتفاق على صيغة من أجل إدارة المرحلة الانتقالية، عبر وضع حكومة تكنوقراط مثلما حصل في تونس، تمهيدا لانتخابات والوصول إلى مؤسسات دائمة، وتحرير الثروة النفطية في ظل وضع صعب يعيشه الليبيون».
من جانبه، يرى رياض الصيداوي أنه من المهم، إلى جانب تنظيم مؤتمر دولي، أن تصدر قرارات ملزمة من مجلس الأمن الدولي، أو حتى المرور إلى تفعيل الفصل السابع، وإرسال أصحاب القبعات الزرقاء إلى ليبيا. مبررا هذه الخطوة بقوله: «الخيارات الدبلوماسية ليست فعالة، فالفرقاء في ليبيا يتحاورون في أكثر من قمة دولية. غير أن الوضع على الأرض مخالف تماما لأن الصراع العسكري مستمر من أجل النفط».



الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
TT

الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)

أعلنت السلطات السورية، الثلاثاء، أن قواتها قتلت زعيم خلية مرتبطة بتنظيم «داعش» واعتقلت 8 آخرين، على خلفية الهجوم الدامي الذي استهدف، الأحد، قوات الأمن بشمال البلاد.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قالت الوزارة في بيان إن العملية «استهدفت موقع خلية إرهابية تتبع لتنظيم (داعش) الإرهابي»، وأدت العملية إلى «إلقاء القبض على جميع أفراد الخلية وعددهم 8، وحُيّد (قُتل) العنصر التاسع، متزعم الخلية، أثناء المداهمة».

وأفادت الوزارة بعملية أمنية ثانية بناء على المعلومات التي جمعتها من العملية الأولى، وأسفرت العمليتان عن «ضبط أحزمة ناسفة، وكواتم صوت، وصواريخ من نوع ميم-دال، إلى جانب أسلحة رشاشة».

وقالت الداخلية إن المجموعة المستهدفة «مسؤولة عن تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية التي استهدفت دوريات أمنية وعسكرية في محافظتي إدلب وحلب».

وتأتي هذه العملية بعد هجوم استهدف، الأحد، دورية لإدارة أمن الطرق في ريف إدلب، ما أسفر عن مقتل أربعة من عناصر قوى الأمن الداخلي وإصابة خامس، حسب وزارة الداخلية السورية.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» بأن مسلحين أطلقوا النار على الدورية أثناء تنفيذ مهامها على طريق معرة النعمان جنوب المحافظة.

وتبنى تنظيم «داعش» لاحقاً الهجوم، وفق ما أورده موقع «سايت» المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية.

ويأتي ذلك بعد أيام من استهداف وفد عسكري مشترك في مدينة تدمر وسط سوريا، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أميركيين، بينهم جنديان ومدني يعمل مترجماً، إضافة إلى إصابة عناصر من القوات الأميركية والسورية، حسب واشنطن ودمشق.


تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
TT

تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)

أقرت مصر حزمة واسعة من التسهيلات لمستثمري منطقة طابا ونويبع، الواقعتين على شاطئ البحر الأحمر بجنوب سيناء، بعد تضرر الأنشطة السياحية هناك على مدار العامين الماضيين، نتيجة الحرب في قطاع غزة والتوترات الأمنية المحيطة بالمنطقة.

وبحسب تصريحات إعلامية لرئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإنه تمت الموافقة من جانب إدارة الهيئة على منح المستثمرين عاماً إضافياً لتأجيل سداد المديونيات، مع وقف المطالبة بالسداد لمدة 18 شهراً دون فوائد، لافتاً إلى أن هذه القرارات جاءت استجابة لمطالب المستثمرين وبعد عدة اجتماعات ميدانية وجولات تفقدية للمنطقة.

وتضمنت حزمة التسهيلات المقررة مد فترة الإعفاء من سداد قيمة الأراضي إلى 3 سنوات بدلاً من عامين، إلى جانب تجميد المديونيات لمدة سنة ونصف السنة دون فرض أي أعباء إضافية.

وأوضح أن المنطقة تعرضت لضغوط استثنائية أدت إلى توقّف غالبية المقاصد السياحية، مشيراً إلى أن عدد الفنادق العاملة حالياً لا يتجاوز 6 فنادق من بين 55 فندقاً مسجلة في المنطقة.

حوافز حكومية لمنتجعات جنوب سيناء في مصر لتنشيط السياحة (هيئة تنشيط السياحة)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أشارت تقارير إعلامية مصرية إلى «إغلاق نحو 90 في المائة من المنشآت السياحية في مدينتي طابا ونويبع الواقعتين بسيناء على شاطئ البحر الأحمر وتراجع معدل الإشغالات الفندقية في منتجع شرم الشيخ ومدن جنوب سيناء نتيجة الحرب على غزة».

الدكتور يسري الشرقاوي، مستشار الاستثمار الدولي ورئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، عدّ التسهيلات المالية التي تقدمها الحكومة المصرية لمساندة المشروعات السياحية المتعثرة خطوة مهمة، لكنها لا تمثل حلاً كاملاً في مواجهة تداعيات الظروف الجيوسياسية الراهنة، مشدداً على ضرورة تبني استراتيجية متعددة المحاور.

وقال الشرقاوي، لـ«الشرق الأوسط»: «تُعد السياحة أحد أهم المصادر للعملة الصعبة في مصر، وكان تأثير الظروف الجيوسياسية على مناطق سيناء، خصوصاً المناطق الجنوبية المتضررة جغرافياً، تأثيراً مباشراً وحاداً».

وتابع: «اليوم، تنظر الحكومة المصرية إلى عام 2026 بوصفه عاماً مرتقباً للهدوء النسبي والاستقرار، وهو العام الذي سيأتي أيضاً بعد شهور من الافتتاح الكامل للمتحف المصري الكبير، والتدابير المتخذة تهدف إلى جعل عام 2026 عاماً ذهبياً لقطاع السياحة إذا ما تلاشت التأثيرات الخارجية»، مؤكداً أن الحلول المالية المطروحة حالياً ستسهم في سداد الفواتير الكبيرة المستحقة على أصحاب المشروعات السياحية المتعثرة في سيناء، ومتوقعاً المزيد من المساعدات التدريجية في هذا الصدد.

وبحسب تصريحات رئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإن الهيئة حرصت على جمع مطالب المستثمرين، وإقرار ما يدعم استمرارية النشاط في المنطقة التي تمثل أحد أهم المقاصد في جنوب سيناء.

واستقبلت مصر، وفق بيانات رسمية 15.7 مليون سائح خلال عام 2024، ما يُعدّ أعلى رقم تحققه البلاد في تاريخها. كما أعلنت زيادة أعداد السائحين خلال الربع الأول من العام الحالي 2025 بنسبة 25 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، رغم التحديات الجيوسياسية التي تواجهها المنطقة.

ودعا الشرقاوي إلى ضرورة تدخل أوسع من الحكومة على 3 محاور متزامنة لضمان جذب أعداد أكبر من السائحين؛ أولها المحور الدبلوماسي والسياسي، عبر استمرار الجهد المكثف، ممثلاً في وزارة الخارجية وتحت توجيهات القيادة السياسية، لضمان التحسن التدريجي المستقر في الظروف الجيوسياسية وتلاشي أثرها، إلى جانب الترويج النوعي، من خلال إعداد وزارة السياحة والآثار المصرية برامج ترويجية جاذبة تستهدف إعادة تثبيت الرؤية الآمنة لأسواق السياحة الدولية تدريجياً، خاصة للوافدين إلى سيناء.

وتابع: «كما يجب أن يكون هناك ترويج مدعوم للسياحة الداخلية للحفاظ على نسب الإشغال داخل هذه المنطقة، فلا يمكن لأي منطقة في العالم أن تتجاوز جميع الآثار إلا إذا تضافرت الأيدي الداخلية مع الدعم الخارجي».


«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

في وقت تحدث فيه إعلام إسرائيلي عن زيادة وتيرة التوتر بين مصر وإسرائيل في الفترة الحالية، بسبب ممارسات حكومة بنيامين نتنياهو في قطاع غزة، قال مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأجهزة المصرية رصدت ما تقوم به إسرائيل من مخالفات لاتفاق شرم الشيخ، وأعدت به ملفاً وأبلغت به واشنطن للتأكيد على أن القاهرة ملتزمة ومصرة على تنفيذ الاتفاق».

ووفق عسكريين سابقين بمصر، فإن «القاهرة ترى في ممارسات إسرائيل بغزة محاولة للتملص من خطة ترمب المتفق عليها، واللجوء لترسيخ وجود عسكري إسرائيلي دائم فيما يعرف بالخط الأصفر بغزة، مما يهدد الأمن القومي المصري».

و«الخط الأصفر» هو خط تقسيم يفصل قطاع غزة إلى جزأين، وفقاً لخطة السلام الموقعة بشرم الشيخ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهي الخطة التي تهدف إلى إنهاء حرب غزة. ويفصل الخط الأصفر 47 في المائة من الأراضي في المنطقة الغربية التي يسيطر عليها الفلسطينيون، عن 53 في المائة من قطاع غزة التي تسيطر عليها إسرائيل، وتقريباً جميع الفلسطينيين في غزة نزحوا إلى المنطقة الغربية من الخط.

قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)

وكشف تقرير لـ«القناة 14» الإسرائيلية عن نشاط للجيش الإسرائيلي فيما يعرف بـ«الخط الأصفر»، وتعديل التضاريس الجغرافية لقطاع غزة، وهو ما تعدّه القاهرة «تهديداً مباشراً لمصالحها الإقليمية»، وفق القناة، التي ذكرت أن «ذلك أغضب مصر ودفعها للشكوى إلى الولايات المتحدة، متهمة إسرائيل بأنها تعمل على تقسيم قطاع غزة إلى جزأين، وتغيير التركيبة الديموغرافية والتضاريسية للمنطقة».

وحسب التقرير، فإن القاهرة «تنظر بقلق بالغ لما يجري في قطاع غزة، خصوصاً بعد تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي إيل زامير، حول الخط الأصفر، باعتباره خطاً دفاعياً وهجومياً جديداً»، حيث إن نشاط الجيش الإسرائيلي في المنطقة «الصفراء» - الذي يشمل تدمير بنية تحتية للأنفاق وهدم منازل - «يفسر في القاهرة على أنه استعداد لترسيخ وجود عسكري طويل الأمد في غزة، ما دفع مصر إلى التحرك الدبلوماسي العاجل باتجاه واشنطن»، وفق القناة العبرية.

وأكد نائب مدير المخابرات الحربية ورئيس جهاز الاستطلاع السابق بمصر، لواء أركان حرب أحمد كامل، أن «مصر غاضبة بشدة من محاولات إسرائيل التملص من التزامها بخطة السلام المتفق عليها، وتحركاتها في المنطقة الصفراء توحي برغبتها في تثبيت وجود عسكري دائم في غزة وقرب الحدود المصرية، مما يمثل تهديداً للأمن القومي المصري».

مصادر تتحدث عن اشتراطات مصرية لعقد قمة بين السيسي ونتنياهو (إعلام عبري)

كامل، وهو مستشار بالأكاديمية العسكرية المصرية للدراسات العليا والاستراتيجية قال لـ«الشرق الأوسط»: «الموقف المصري واضح ومحدد وثابت في عده قضايا رئيسية تخص الأمن القومي المصري، ويقوم على أن السلام هو الهدف الرئيسي والاستراتيجي للسياسة الخارجية المصرية، واحترام مصر للاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، خصوصاً اتفاقيه السلام الموقعة عام 1979، والملحق العسكري المرفق بالاتفاقية وتعديلاته الخاصة بزيادة أعداد القوات المسلحة المصرية في سيناء، وضرورة احترام إسرائيل للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين».

وأوضح أن «هناك اشتراطات مصرية للتهدئة مع إسرائيل تتعلق بتنفيذ اتفاق غزة طبقاً لمبادرة الرئيس الأميركي ترمب بمراحلها المختلفة، والبدء فوراً في المرحلة الثانية دون عرقلة أو أسباب واهية، مع التأكيد على تثبيت وقف إطلاق النار الدائم والتحول إلى مرحلة السلام، وقيام إسرائيل بالتنفيذ الدقيق للاتفاقية ودخول المساعدات الإنسانية بالكميات المتفق عليها، وفتح معبر رفح في الاتجاهين».

ومن الشروط كذلك بحسب كامل، «رفض مصر الهجرة القسرية أو الطوعية لسكان قطاع غزة، وكذلك الإجراءات الإسرائيلية بالضفة الغربية الخاصة بإقامة المستوطنات وضم الضفة الغربية لإسرائيل، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كامل أراضي القطاع بما فيها محور فيلادلفيا والعودة لحدود 7 أكتوبر 2023، والتأكيد أن الوجود الإسرائيلي الحالي هو وضع مؤقت مرهون بتطور تنفيذ مراحل الاتفاق، وأن الخطوط الملونة ومنها الخط الأصفر، هي خطوط وهمية لا يعتد بها».

الشرط الرابع، وفق كامل، متعلق بـ«مدى تجاوب نتنياهو وحكومته مع المطالب العربية الواضحة في المبادرة العربية، والخاصة بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، والشروع والموافقة على حل الدولتين وعدم التهجير للفلسطينيين؛ سواء بغزة أو الضفة، وإبداء النوايا الحسنة الخاصة بحسن الجوار وعدم الاعتداء، والتجاوب مع المطالب الدولية الخاصة بإخلاء المنطقة من التهديد بالسلاح النووي، وانضمام إسرائيل للاتفاقيات الدولية بذات الشأن».

مسلحون من «حماس» يرافقون أعضاء «الصليب الأحمر» نحو منطقة داخل «الخط الأصفر» الذي انسحبت إليه القوات الإسرائيلية في مدينة غزة (أرشيفية - رويترز)

ويعتقد أن «مصر لن تتجاوب مع المساعي الأميركية والإسرائيلية الخاصة بعقد اجتماع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، دون تقديم إسرائيل مبادرة واضحة ومحددة لرغبتها في السلام واستقرار المنطقة، وتكون قابلة للتنفيذ».

وذكرت التقارير الإسرائيلية أن الولايات المتحدة حاولت فعلياً تنظيم قمة ثلاثية في واشنطن؛ بين السيسي ونتنياهو بحضور ترمب، لكن الفكرة ارتطمت بجدار الشروط المصرية التي وصفها الإعلام العبري بـ«غير المقبولة» من وجهة النظر الإسرائيلية، لكن التقارير ذاتها أشارت إلى أن القاهرة تتوقع أن يمارس ترمب ضغوطاً خلال لقائه المرتقب مع نتنياهو في فلوريدا نهاية الشهر الحالي، لـ«كبحه» والحد من خطواته في غزة.

وقال مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق بالجيش المصري، اللواء سمير فرج، إن «هناك تعويلاً كبيراً على القمة التي ستعقد بين ترمب ونتنياهو ومخرجاتها، وإن ترمب بالقطع سيضغط على نتنياهو للالتزام بخطة السلام في غزة، التي تحمل اسم ترمب شخصياً».

ونوه فرج في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأن مصر ستقيم الموقف في إطار ما ستتمخض عنه قمة ترمب ونتنياهو، ولكن في الوقت ذاته، فإن موقفها واضح وثابت في أنها لا تقبل أبداً بتثبيت الوجود العسكري الإسرائيلي في الخط الأصفر، أو في أي منطقة من غزة، وكل ما تفعله حكومة نتنياهو تدرك القاهرة تماماً أنه محاولة لعرقلة خطة السلام التي تنص على الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من جميع أراضي غزة.