فصائل مسلحة تستهدف إمدادات «التحالف الدولي» جنوب العراق

TT

فصائل مسلحة تستهدف إمدادات «التحالف الدولي» جنوب العراق

يبدو أن الفصائل المسلحة المناهضة للوجود الأميركي والموالية لإيران في العراق، قررت مؤخراً انتهاج استراتيجية ضغط جديدة تصب في صالح طهران وتتطابق مع مساعيها الرامية إلى إرغام الولايات المتحدة ومن خلفها التحالف الدولي على الانسحاب من البلاد. وبعد أن واصلت تلك الفصائل لسنوات ماضية استهداف السفارة الأميركية في بغداد وبعض المعسكرات والقواعد العسكرية التي يتوقع وجود جنود أميركيين وقوات تابعة للتحالف الدولي فيها، غيرت خلال الأسابيع الأخيرة بوصلتها باتجاه استهداف قوافل الإمدادات اللوجيستية المدنية وغير المدنية التي تصل عبر المنافذ البرية والموانئ البحرية في جنوب العراق.
وأعلنت خلية الإعلام الأمني، أول من أمس (الأحد)، عن «انفجار عبوة ناسفة على رتل مدني ينقل معدات للتحالف الدولي على الطريق الدولي في محافظة ذي قار، وقد أسفر الحادث عن وقوع أضرار بسيطة بإحدى العجلات». ويبدو أن التأكيدات التي أطلقتها مديرية شرطة محافظة ذي قار، أول من أمس، بشأن اتخاذها إجراءات احترازية مشددة للحيلولة دون وقوع أي خلل أمني في المحافظة، على خلفية ضبط سيارة محملة بالمتفجرات الجمعة الماضي، لم تحل دون قيام الجماعات المناهضة للوجود الأميركي في العراق بتنفيذ هجومها الجديد على قافلة الإمدادات.
وكان بعض المراقبين المحليين تحدثوا عن أن السيارة التي ضبط في الناصرية، الجمعة الماضي، المحملة بمواد شديدة الانفجار كانت «مخصصة لمهاجمة قوافل التحالف الدولي وليس لتفجيرها في المدينة»، خصوصاً مع اتهام أحد الفصائل المسلحة الموالية لإيران والمنضوية تحت مظلة «الحشد الشعبي» بتدبيرها.
وهذه ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها رتل للإمدادات اللوجيستية التابعة للتحالف الدولي، وسبق أن شن مسلحون هجوماً على رتل مماثل مطلع أغسطس (آب) الحالي. لكنه السلطات الرسمية العراقية لم تدل بأية تفاصيل حول الحادث.
وتشير معلومات صحافية وعسكرية إلى أن هجوم الأحد هو الثالث من نوعه خلال أقل من شهر، حيث انفجرت عبوتان ناسفتان نهاية شهر يونيو (حزيران) الماضي بقافلة شاحنات تحمل مواد لوجيستية للقوات الأميركية خلال مرورها في محافظة ذي قار الجنوبية.
وترددت أنباء عن قيام مسلحين مجهولين، مطلع الشهر الحالي بإضرام النار في 3 شاحنات تحمل معدات لوجيستية وسيارات عسكرية بينها عربات «هَمَر» لصالح القوات الأميركية والتحالف الدولي في محافظة الديوانية.
وتتوعد فصائل شيعية مسلحة موالية لإيران، منذ سنوات باستهداف القوات والمصالح الأميركية، وتطالب بإنهاء الوجود العسكري في البلاد. ونجحت تلك الفصائل التي لها تمثيل غير قليل في البرلمان العراقي في يناير (كانون الثاني) الماضي، في إصدار قرار نيابي يطالب بانسحاب القوات الأميركية على خلفية استهداف الأخيرة قائد «فيلق القدس» الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس وقتلهما مطلع العام الحالي.
ويتوقع محللون محليون أن تستبق الفصائل المسلحة الموالية لإيران الزيارة المقررة لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى واشنطن في 20 أغسطس الحالي، بالتصعيد في وتيرة هجماتها ضد المصالح الأميركية خلال الأيام القليلة، خصوصاً مع ما يتردد من أن ملف الفصائل المسلحة والنفوذ الإيراني في العراق سيكون على رأس الأجندات السياسية التي ستطرح على طاولة نقاش المسؤولين الأميركيين والعراقيين.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».