حسان دياب... الأكاديمي الذي لم ينجح في استمالة اللبنانيين

حسّان دياب الذي أعلن، اليوم الاثنين، استقالة حكومته بعد أشهر من تشكيلها، أستاذ جامعي من دون قاعدة شعبية، ترأس الحكومة في إحدى أكثر المراحل تعقيداً في لبنان، ويتركها من دون أي إنجاز، ومن دون أن ينجح في كسب ثقة اللبنانيين المنهكين تحت ثقل أزمة اقتصادية غير مسبوقة أضيفت إليها قبل أيام كارثة انفجار مرفأ بيروت.
قدّم دياب (61 عاماً) لدى تعيينه رئيسا للحكومة في ديسمبر (كانون الأول) 2019 نفسه على أنه مستقل وتكنوقراطي، لكنه دخل نادي رؤساء الحكومات مدعوماً من «حزب الله»، القوة السياسية والعسكرية النافذة في لبنان، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
وصل في خضم انتفاضة شعبية عارمة أطاحت حكومة سعد الحريري الذي لا يزال يحتفظ بقاعدة شعبية لا بأس بها في لبنان، لكن دياب لم ينجح في إقناع المحتجين الذين نزلوا إلى الشارع مراراً خلال الأشهر الماضية، منددين بقرارات حكومته ومطالبين إياها بالاستقالة.
وسرعان ما أصبح اسمه محور تعليقات ساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي تنتقد اهتمامه الزائد بصورته، وخطاباته الطنانة من دون مضمون عملي غالباً. ووصل الأمر إلى تداول نكتة بعد اتضاح نيته الاستقالة تقول: «دياب يعلن تشكيل لجنة وزارية للبحث في طريقة استقالته»، بسبب عدد اللجان التي أنشأها خلال سبعة أشهر من عمر الحكومة.
لم يكن دياب معروفاً على نطاق واسع قبل اختياره رئيساً للحكومة. كان أستاذا في هندسة الاتصالات والكومبيوتر ونائب رئيس الجامعة الأميركية في بيروت. تولى حقيبة وزارة التربية لفترة قصيرة في 2011 بعد إطاحة حكومة سعد الحريري في خضمّ أزمة سياسية حادة.
سجلت حكومته فشلاً كبيراً تمثل في العجز عن فرض رؤيتها في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي الذي طلب لبنان مساعدته للخروج من أزمته، فخضعت لضغوط القوى السياسية التي سعت إلى حفظ مصالحها قبل مصلحة البلاد.
رغم ذلك، لم يتردد دياب في انتقاد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الذي طلب من الحكومة اللبنانية خلال زيارة قام بها للبنان أخيراً البدء بإصلاحات فورية كشرط للحصول على دعم مالي دولي.
وبدا منفصلاً تماماً عن الواقع عندما أعلن بعد الانفجار الذي أودى بأكثر من 160 لبنانياً وجرح ستة آلاف، رداً على الدعوات له بالاستقالة، أن حكومته «حكومة إنقاذ» لا يمكنها الاستقالة، وفق ما نقلت عنه وسائل إعلامية. وبعد انفجار بيروت، لم يدع إلى اجتماع لمجلس الوزراء إلا اليوم، رغم الحزن الكبير الذي لفّ البلاد، وعودة اللبنانيين الغاضبين بكثافة إلى الشارع.
وأكدت تقارير إعلامية أنه ظل يقاوم الاستقالة حتى اللحظة الأخيرة، رغم الضغوط التي مارسها العديد من الوزراء الراغبين بالاستقالة.
يتحدّر دياب ذو القامة الطويلة من بيروت وهو أب لثلاثة أولاد. له خبرة أكاديمية طويلة منذ التحاقه بالجامعة الأميركية في بيروت في العام 1985 مدرّساً وباحثاً وصولاً إلى توليه مسؤوليات إدارية.
على موقع إلكتروني يحمل اسمه ويتضمن تفاصيل عن سيرته الذاتية ورؤيته، يصف دياب نفسه بأنه «أحد الوزراء التكنوقراط النادرين منذ استقلال لبنان».
ودياب حائز أيضاً على دكتوراه في هندسة الكومبيوتر من بريطانيا، حيث تلقّى علومه الجامعية. وفي سجلّه أكثر من 150 منشوراً في مجلات عالمية ومؤتمرات دولية، وفق سيرته الذاتية على موقعه الإلكتروني.
خلال تسلمه رئاسة الحكومة، تعرض لانتقادات بعد أن دخل في نزاع مع الجامعة الأميركية، مطالباً بالحصول على تعويضاته في وقت أعلنت فيه الجامعة طرد عشرات من موظفيها بسبب مشاكلها المالية.
ولعلّ النجاح الجزئي الوحيد الذي يمكن أن ينسب إلى حكومته، هو حسن إدارة أزمة تفشي فيروس «كورونا» المستجد في المرحلة الأولى من انتشار الوباء.
في الخطاب الذي أعلن فيه استقالة حكومته، مساء الاثنين، لم يغير أسلوبه في إلقاء اللوم على الآخرين في فشل حكومته، وقال إنه خاض معركة «ليس فيها تكافؤ»، وإن من حاربوه فعلوا ذلك لأنه وفريقه الحكومي «كنا نشكل تهديداً لهم»، و«لأن نجاح الحكومة كان يعني التغيير في الطبقة التي حكمت دهراً حتى اختنق البلد من روائح فسادهم».