انفجار بيروت يعصف بأبنية أثرية شاهدة على تاريخ لبنان (صور)

قصر بنته عائلة سرسق البيروتية الأرستقراطية في القرن الثامن عشر (أ.ف.ب)
قصر بنته عائلة سرسق البيروتية الأرستقراطية في القرن الثامن عشر (أ.ف.ب)
TT

انفجار بيروت يعصف بأبنية أثرية شاهدة على تاريخ لبنان (صور)

قصر بنته عائلة سرسق البيروتية الأرستقراطية في القرن الثامن عشر (أ.ف.ب)
قصر بنته عائلة سرسق البيروتية الأرستقراطية في القرن الثامن عشر (أ.ف.ب)

أحدث انفجار بيروت دماراً هائلاً في المدينة وأباد مرفأها بالكامل، لكنه أتى أيضاً على تاريخ عريق حافظت عليه أبنية تراثية بجدرانها المزخرفة ونوافذها الملونة وقناطرها العالية قبل أن تتحول مجرد واجهات تخترقها فجوات ضخمة.
منذ أن كان لبنان تحت حكم السلطنة العثمانية ثم الانتداب الفرنسي (1920 - 1943)، بقيت تلك الأبنية صامدة وإن ترهّلت بعض الشيء. خلال ثوان فقط، تبدّل المشهد كلياً مع انفجار تعادل قوته زلزالاً شدته 3.3 درجات على مقياس ريختر، فطالت أضراره الأحياء حيث تقع، في محيط المرفأ.

في قصر بنته عائلة سرسق البيروتية الأرستقراطية في القرن الثامن عشر، وصمد بوجه حروب عدة مرّت على لبنان، سقطت ألواح زجاجية ملونة أرضاً، وتكسرت أجزاء من أبواب حُفرت عليها كتابات بالأحرف العربية، ولم تبق واجهة زجاجية على حالها.
في إحدى الزوايا، يتكدّس ما تبقى من أرائك محطمة وطاولات لم يبق منها سوى قطع خشبية مبعثرة.

تمسك وريثة القصر تانيا إنجا ما تبقى من لوحة ممزّقة تماماً تصور والد جدها، مرددة: «سأحافظ عليها من أجل الذكرى».

وتقول إنجا، في الخمسينات من عمرها: «ما حصل أشبه بعملية اغتصاب». وتضيف: «بات هناك الآن شرخ بين الماضي والحاضر. قُطعت أوصال الذاكرة بالنسبة للمكان وللعائلة ولجزء لا يتجزأ من تاريخ بيروت».
أما المبنى المجاور، فهو قصر سرسق الشهير الذي بنته العائلة ذاتها في عام 1912. وحولته لاحقاً إلى متحف وساحة عرض للفنانين اللبنانيين والأجانب.

وبات القصر اليوم يروي قصة مدينة «منكوبة» بعدما شهد على تاريخ لبنان بأكمله منذ نشأته مع إعلان دولة لبنان الكبير مطلع سبتمبر (أيلول) 1920. حتى هذه اللحظة.
إلى جانب لافتة كُتب عليها «أهلاً وسهلاً في متحف سرسق»، وألواح معدنية ملتوية فوق بعضها بعضاً بعدما أخرجت من المنزل.

وعلى غرار منازل بيروت، ما من لوح زجاجي بقي على حاله، ولم تصمد إلا قطع صغيرة من الزجاج الملون في عشرات النوافذ التي تزيّن واجهات القصر الأبيض في قلب منطقة الأشرفية في بيروت.
يتفقد المهندس جاك أبو خالد القصر الذي أشرف على ترميمه قبل 20 عاماً. ويطمئن أن أساسيات القصر ما زالت ثابتة، أما كل شيء آخر فقد تضرّر، كالجدران التي استحدثت من أجل تعليق لوحات المعارض.

ويقول أبو خالد (68 عاماً): «لأنه مبنى مغلق، حصل انهيار في كل زاوية. لم أتوقع أن أرى دماراً بهذا الحجم»، متوقّعاً أن تستغرق عملية إعادة الترميم أكثر من عام حتى يعود إلى سابق عهده، على أن تبلغ التكلفة «ملايين» الدولارات.
ويقول: «أنا متمسك جداً بهذا المبنى، أشعر وكأنه منزلي».

في عام 1961، فتح متحف سرسق أبوابه للمرة الأولى نزولاً عند رغبة مالك المبنى نقولا سرسق الذي أوصى بتحويل بيته إلى متحف بعد وفاته. وشهد المتحف معارض كثيرة وبقيت أبوابه مفتوحة خلال غالبية سنوات الحرب الأهلية (1975 - 1990).
ثمّ أغلق المتحف أبوابه ثماني سنوات من أجل ترميمه، ليعود ويفتح أبوابه مجدداً في أكتوبر (تشرين الأول) 2015، ويستقبل عوضاً عن الفنانين ومعارضهم، أعراس الراغبين بأن يحتفلوا في قصر يُشكل جزءاً من ذاكرة بيروت.

وتضرّر جراء الانفجار والزجاج المتطاير ما بين 20 و30 عملاً فنياً، بينها لوحة لنقولا سرسق تعود إلى الثلاثينات ورسمها الفنان الهولندي الفرنسي كيس فان دونغن.
وتقول مساعدة مدير المتحف إليسا حكيم: «إنها لوحتي المفضلة».

لكن الأمر لا ينطبق على «مئات» المباني التراثية في بيروت، التي تصدعت أو تهدّمت خلال المعارك والقصف إبان الحرب الأهلية.
وقدّر مرتضى تكلفة إصلاح المباني الأثرية بـ«مئات ملايين الدولارات»، منبّهاً إلى ضرورة بدء العمل سريعاً قبل حلول فصل الشتاء.

ويعمل فريق في وزارة السياحة حالياً على تقدير الخسائر، على أمل الحصول على مساعدة خارجية خصوصاً من فرنسا.
ويقول مرتضى: «الكثير من العمل ينتظرنا... إذا حلّ فصل الشتاء من دون أن نفعل شيئاً، سنكون أمام خطر كبير».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.