خبيرة أميركية تفشل في اجتياز تجربة «التركيز» داخل مدرسة إعدادية

حاولت كشف أسباب ضعف التركيز والتحصيل في الفصول

طلاب يستمعون لدرس في مدرسة ج. جيمس غولسون المتوسطة بولاية برنس جورج الأميركية (واشنطن بوست)
طلاب يستمعون لدرس في مدرسة ج. جيمس غولسون المتوسطة بولاية برنس جورج الأميركية (واشنطن بوست)
TT

خبيرة أميركية تفشل في اجتياز تجربة «التركيز» داخل مدرسة إعدادية

طلاب يستمعون لدرس في مدرسة ج. جيمس غولسون المتوسطة بولاية برنس جورج الأميركية (واشنطن بوست)
طلاب يستمعون لدرس في مدرسة ج. جيمس غولسون المتوسطة بولاية برنس جورج الأميركية (واشنطن بوست)

في ظل الشعبية الواسعة التي باتت موجودة حول المشكلات التي يواجهها الأطفال عندما يضطرون للجلوس بهدوء في المدرسة لساعات حتى نهاية اليوم الدراسي دون الحصول على وقت للفسحة، كتبت أخصائية العلاج الوظيفي للأطفال أنجيلا هانسكوم، مشاركة هامة بعنوان «لماذا لا يجلس عدد كبير من الأطفال بهدوء في المدرسة اليوم؟»، وناقشت كيف يؤثر الخمول على قدرة الطلاب على الحفاظ على التركيز والتعلم، بل وتشخص بشكل خاطئ أحيانا بأنها نتيجة الإصابة باضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة. كما كانت هناك مشاركة ثانية تحت عنوان: «الطرق الصحيحة - الخاطئة بشكل يدعو للدهشة لدفع الأطفال للجلوس بهدوء في الصف».
وكتبت هانسكوم الآن مشاركة ثالثة في الموضوع نفسه، وتتناول هذه المشاركة على وجه التحديد طلاب المرحلة الإعدادية. أخبرتني هانسكوم بأنها كانت شغوفة بمعرفة الآثار الناجمة عن تقييد حركة الطلاب في المرحلة الإعدادية، ولذلك فإنها توجهت إلى إحدى المدارس الإعدادية الأميركية المحلية لتراقب عن كثب ما يجري داخل الفصول الدراسية، ولكي تتحدث مع المعلمين وأولياء الأمور. وتوضح المشاركة التالية التجربة التي مرت بها هانسكوم والنتائج التي توصلت إليها في المدارس الإعدادية التي قامت بزيارتها. وهانسكوم هي مؤسسة برنامج «تيمبرنوك»، وهو برنامج تنمية قائم على الطبيعة يهدف إلى تعزيز الإبداع واللعب المنفصل خارج المنزل في نيو إنغلاند.
وتقول هانسكوم: «فيما عدا فترات قصيرة فاصلة بين الصفوف الدراسية، ظللت جالسة طوال فترة الـ90 دقيقة المتعبة السابقة أنظر إلى ساقي وألاحظ أنها تهتز ولسان حالي يقول: عظيم، الآن أشعر بالتململ! أقوم بعمل أي شيء في استطاعتي من أجل التركيز؛ لدرجة أنني أقوم بثني جسدي في أوضاع محرجة لأبتعد عن الدخول في أحلام يقظة. هذا أمر غير مجدٍ، قمت بمراجعة ما تم خلال 45 دقيقة الماضية. لم أعد أسجل أي شيء يقوله المعلم. أتلفت حولي في الحجرة لأرى حال الأطفال الذين يصغرونني ببضعة عقود. لقد انغمست في أجواء صف دراسي بالمرحلة الإعدادية، وسرعان ما أدركت أنني لست الشخص الوحيد الذي يجد صعوبة في التركيز؛ فنحو 50 في المائة من الأطفال يتململون، وأغلب الباقين من الأطفال إما يجلسون بتراخٍ في أكثر الأوضاع غرابة أو نائمون على مكاتبهم. وتجد طفلا ينهض فجأة لشحذ قلمه الرصاص؛ وبعد بضع دقائق، يرفع طفل آخر يده ويطلب الذهاب إلى الحمام. في الواقع، لقد طلب 3 أطفال على الأقل الذهاب إلى الحمام خلال الـ20 دقيقة الماضية. أشعر بالإنهاك الذهني، رغم أن اليوم قد بدأ للتو. وكنت أنوي القيام بالملاحظة طوال اليوم. ولكنني لم أتمكن من ذلك. فقررت المغادرة بعد الغداء مباشرة.
لا يمكنني تحمل الجلوس لمدة 6 ساعات حتى ولو ليوم واحد فقط، ناهيك بالقيام بذلك كل يوم؛ يوما بعد يوم؛ فكيف يتحمل هؤلاء الأطفال الجلوس كل هذا الوقت؟ حسنا، الإجابة باختصار هي أنهم لا يتحملون ذلك. فأجسادهم لا تتحمل الجلوس لفترات طويلة من الوقت. في الواقع لم تخلق أجسادنا كلنا بشكل يسمح بالجلوس بهدوء لفترات طويلة من الوقت؛ لذا قلة الحركة واعتياد الجلوس باستمرار يدمر أجسادهم وعقولهم. تبدأ الأجساد بالاستسلام لهذه الأوضاع غير الطبيعية ونمط الحياة الهادئ من خلال الإصابة بضمور في العضلات، وضيق في الأربطة (رغم أنه لا ينبغي أن يكون هناك ضيق)، وتخلف في الأجهزة الحسية، مما يؤدي إلى أجساد ضعيفة ووضع سيئ وعدم كفاءة في المعالجة الحسية للعالم الموجود من حولهم.
إذا كان أغلب طلاب الصف الدراسي يتململون ويكافحون من أجل أن يجعلوا أجسادهم مستقيمة، في محاولة يائسة للبقاء في حالة تواصل، فهذا يعد مؤشرا جيدا بالفعل على أنهم بحاجة لمزيد من الحركة. في الواقع، لا يهم مدى كفاءتك كمعلم. إذا كان ينبغي على الأطفال أن يتعلموا من خلال البقاء في مقاعدهم أغلب أوقات اليوم، فإن أذهانهم ستتشتت بطبيعة الحال بعد فترة، وهو ما يتسبب في هدر وقت الجميع.
هل يجهل هؤلاء المعلمون فوائد الحركة؟ لا. فمعظم المعلمين يعرفون أن الحركة من الأمور المهمة. وقد يتحدث الكثير منهم عن أنهم محبطون للغاية لأنهم لا يستطيعون السماح للأطفال بالحركة لفترات أكثر على مدار اليوم».
ويقول أحد معلمي المرحلة الإعدادية: «من المتوقع منا أن نحشو أدمغتهم بمزيد ومزيد من المعلومات». وقال مدرس آخر: «إنه ضرب من الجنون! لم يعد بإمكاننا أن نقوم بالتعليم وفقا لما نرى أنه مناسب تنمويا. بسبب الاختبارات الصعبة، لم تعد حتى فرص التعلم القائم على عمل المشروعات مجدية. هناك الكثير من اللوائح، ولا يوجد ما يكفي من الوقت».
ويواصلون الحديث عن فترة الفسحة التي تمت إضاعتها بسبب عدم وجود مكان ووقت، وكذلك بسبب الخوف من تعرض الأطفال لإصابات. ويقول أحد المدرسين: «كان الكثير من الأطفال يتعرضون لإصابات. وكان أولياء الأمور يتصلون ويشتكون من وجود سحجات وإصابات في الركب والمرافق. لقد أصبح وقت الراحة شيئا من الماضي». حتى فترة الاستراحة الوجيزة من الدروس وتناول وجبة خفيفة لم تعد موجودة. وجرى الآن استبدال هذه الدقائق القليلة بـ«وجبة خفيفة أثناء العمل» من أجل حشو درس مفردات موجز. ويكون درس التربية الرياضية كل 6 أيام، وهو ما يعني من الناحية الفنية أنه ليس أسبوعيا.
يتراص الأطفال في فترة الغداء. وناداني أحد المدرسين بصوت مرتفع: «تعالي وشاهدي هذا». يتراص الأطفال في صف مزدوج. كل اثنين بجوار اثنين، ويُطلب منهم التزام الهدوء. وبمجرد التزامهم للهدوء، يقوم معلمان (أحدهما أمام الصف والآخر خلفه) بمرافقة الأطفال حتى يصلوا إلى مقصف الطعام. خطر ببالي على الفور مشهد نزلاء السجون، وأنا أراقب الأطفال يدخلون في صمت، جنبا إلى جنب في أروقة المدرسة. قيل لي إن التلاميذ يلتزمون الهدوء ويظلون جالسين طوال فترة الغداء. يقول أحد المدرسين: «أشعر بالأسى عليهم؛ في الوقت الذي يستعدون فيه لقضاء وقت الفسحة أثناء الغداء، يُضطرون إلى الجلوس والتزام الصمت».
أصبح كثير من أولياء الأمور مرتاحين بشكل متزايد لمسألة عدم وجود فترة راحة وقلة حركة أطفالهم في المدرسة الإعدادية. تقول إحدى الأمهات: «خرج أطفال المرحلة الإعدادية على وجه الخصوص للتو من أجواء المرحلة الابتدائية، التي تتكون من فترات فسحة متعددة طوال اليوم. وما زال هؤلاء الأطفال صغارا، حسب المنطقة التعليمية، فقد يبلغ عمرهم 10 سنوات فقط عند الالتحاق بالمدارس المتوسطة. وهم يواجهون تغييرا كبيرا بالفعل في عملية الانتقال وحدها. فترة الفسحة أثناء اليوم هي ما يحتاجون إليه من أجل إعادة التجمع».
قامت تلك الأم بالاتصال بأعضاء مجلس إدارة المدرسة بالمنطقة التعليمية، الذين يتخذون الكثير من القرارات بشأن سياسات المدرسة. كما التقت مدير ورئيس المدرسة ونشرت التماسا على شبكة الإنترنت يجمع عددا من أولياء الأمور يدعو إلى السماح بالمزيد من الحركة في المدرسة. وماذا كانت النتائج؟ فترة مشي قصيرة خارج المباني مدتها 5 إلى 10 دقائق بعد تناول وجبة الغداء، ويصفها المدرسون بأنها نصف جولة حول المبنى تعقبها العودة إلى الداخل. وتقول تلك الأم: «قد لا تكون فترة راحة، ولكنها بداية جيدة. ومع ذلك، ما زلت أرى أنه من الضروري أن يكون من سياسة المدرسة أن يحصل جميع الأطفال على فترة راحة أطول».
سألت المعلمين: ما الذي يفعله الأطفال عند عودتهم من المدرسة إلى المنزل. قال أحد المعلمين مشتكيا: «لدى نحو 60 في المائة منهم جدول مشحون، أما الـ40 في المائة الآخرون فليس لديهم منزل واحد، ولذلك فهم يفعلون ما يريدون، وما يريدونه غالبا يتعلق بممارسة ألعاب الفيديو. يمكن أن أقول إنه لا يوجد لدينا سوى عدد قليل من الأطفال الذين يعودون إلى منازلهم ويجدون وقتا للعب». وأضاف قائلا: «يحاول المعلمون أن تظل الفروض المدرسية ذات مغزى وألا يتجاوز الوقت اللازم للقيام بها الساعة، لأنهم يعلمون أن الأطفال في حاجة لوقت للراحة بعد قضاء يوم دراسي طويل في المدرسة».
حتى الأطفال في المدارس الإعدادية يحتاجون للحصول على فرصة للعب. في الصيف الماضي، أحضر أحد المدرسين في أحد معسكرات برنامجنا «تيمبرنوك» ابنته البالغة من العمر 12 عاما، واسمها سارة لتكون «مستشارا مشاركا». وكانت سارة تشعر بالسعادة للعبها دور مستشارة وطالبة جامعية لمجموعة صغيرة مكونة من 5 أطفال. وكانت في الماضي مجرد مشاركة في معسكر. ومع ذلك، بمجرد دخول المجموعة إلى أعماق الغابة، وتفرقت وبدأت العب، سرعان ما تحولت الأدوار. نسيت على الفور وضعها الجديد وقفزت بكل إخلاص في عالم التظاهر، مع الأطفال الأصغر سنا. ما حدث بعد ذلك، كان لافتا للانتباه للغاية.
صعدت سارة على جذع شجرة ساقطة ترتفع قرب أعلى قمة الخيمة المخروطية الشكل التي صمموها حديثا، وهي مرتدية سرخس طازج لتغطية «الأحياء» ريفية الطابع. كانت ترتدي قناع من الريش الملون الزاهي أعلى جبهتها. وقالت لمجموعة الأطفال الذين تجمعوا حولها: «اسمعوا، ينبغي علينا أن نكون على استعداد لهجوم الفريق المنافس». وظلت تحدق في عيني كل طفل من الأطفال لفترة من الزمن. وقالت لواحدة من أكبر الأطفال في المجموعة: «أنتِ! تم تعيينك الآن قائدا أعلى». ونادت على فتاة أخرى تشتهر بكونها من أسرع العدائين في المجموعة: «جولي! ستكونين أهم جاسوس لنا». وواصلت توزيع الأدوار التي ستلعبها كل طفلة.
جعلها عمرها وقوتها وذكاؤها القائد المختار بحكم الطبيعة واحترم الأطفال قراراتها. لعبت بالحماس نفسه الذي لعب به الأطفال الآخرون؛ ونسيت دورها الجديد كمستشار مشارك خلال باقي أيام الأسبوع، إلا عندما كان تقود في بعض الأحيان أداء أغنية أو أنشودة جماعية خلال اجتماع صباحي. فاقت متعة أن تكون مشاركا في معسكر وأن تلعب بحرية كل المسؤوليات، فهي طفلة ولم تكن على استعداد للتخلي عن حقها في اللعب بحرية. ومن يلومها على ذلك؟
لماذا نفترض أن الأطفال لا يحتاجون إلى وقت للحركة أو اللعب بمجرد وصولهم للصف السادس، أو حتى الصف الخامس؟ إنهم مجرد أطفال. وأزعم في الواقع أننا جميعا يمكننا الاستفادة من فرص اللعب، حتى ولو وصلنا إلى مرحلة البلوغ. فكل شخص يحتاج لفترة راحة؛ وقت لتحريك الجسد؛ وقت لنصبح فيه مبدعين ونهرب من قسوة الواقع.
ما الذي يمكننا أن نفعله لأبنائنا طلاب المدارس الإعدادية؟ طرحت هذا السؤال على جيسيكا لاهي، وهي مدرسة بالمرحلة الإعدادية، وكاتبة مساهمة في «ذا أتلانتيك» ومؤلفة كتاب سيصدر قريبا، عنوانه «هدية الفشل: كيف يتعلم أفضل أولياء الأمور تخفيف قبضتهم حتى يتمكن هؤلاء الأطفال من النجاح» لتعطي رأيها في هذه المسألة.. «يخشى المعلمون غالبا من أنهم إذا سمحوا للأطفال بالحركة، فسيكون من الصعب عليهم أن يجعلوهم يعودون للاستقرار في أماكنهم مرة أخرى. ولا ينبغي أن يمنعنا هذا من السماح لهم بالحركة اللازمة التي يحتاجونها ليتعلموا. يمكن لأطفال المرحلة الإعدادية الاستفادة دائما من فترة الراحة. بالإضافة إلى ذلك، عندما كنت أقوم بالتدريس في مدرسة (كروس رودز أكاديمي) كان يوجد بعض الآثار الطبيعة العظيمة وراء مدرستنا في الغابات. وكنت غالبا ما أقوم باصطحاب صف اللغة الإنجليزية للتنزه. وكنت أعطيهم موضوعا ليتدبروا فيه ثم كنا نمشي لمدة 10 دقائق للتفكير في المسألة. وكنا نجتمع ونناقش الموضوع. ثم أطرح سؤالا آخر ثم نبدأ في المشي من جديد».
وأوضحت جيسيكا أن هذا أمر صحيح بالنسبة للمدارس الموجودة في المناطق الحضرية أيضا. يمكن للأطفال الذهاب إلى المتاحف والحدائق المحلية بغرض الاستكشاف والتعلم. ويمكنهم أن يحضروا معهم دفاتر مذكراتهم اليومية وتقييم العالم والثقافة من حولهم. ليس من الضروري أن يتم التعلم وأنت جالس على كرسي. واصلت جيسيكا حديثها وقالت لي إنها قامت ذات مرة بتعليم الأطفال في المرحلة الإعدادية كيفية ممارسة الخطابة العامة عن طريق التناوب في الوقوف على جسر صغير فوق نهر صغير صوت خرير المياه فيه مرتفع. فكانوا مضطرين لرفع أصواتهم وسط ثرثرة المياه ليسمعهم باقي الفصل. وتقول جيسيكا: «لقد كان درسا عمليا جيدا، فهناك شيء في الطبيعة يؤسس الطفل، ويقضي على القلق الذي عادة ما يلازم الخطابة».
ينبغي على كل الأشخاص الذين يتبوأون مناصب تسمح باتخاذ قرارات خاصة بسياسات المدارس الجلوس في يوم دراسي واحد على الأقل والمرور بتجربة مباشرة ليعرفوا ما هو مطلوب من الأطفال اليوم. سيكون لديهم حينئذ فكرة أفضل عما هو مناسب وما هو غير مناسب. وسيبدأون حينها في التفكير فيما تعنيه قراراتهم بالنسبة لأطفال حقيقيين في مدارس حقيقية. فقد يبدأون حينئذ في تقدير حاجة الأطفال للحركة، وحاجتهم للعب، وحاجتهم للاحترام كبشر.
الأطفال في سن المدرسة الإعدادية بحاجة إلى الحركة.. تماما مثل أي إنسان آخر.
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ{الشرق الأوسط}



20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند
TT

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

ارتفع عدد الطلاب الأجانب بالتعليم العالي في الولايات المتحدة الأميركية العام الماضي بنسبة 3.4 في المائة؛ أي نحو مليون طالب، وبزيادة تصل إلى 35 ألف طالب عن عام 2016، والذين جاءوا إلى الولايات المتحدة الأميركية على تأشيرات الطلاب غير المهاجرين.
وحسب تقرير مؤسسة «الأبواب المفتوحة (أوبن دورز)» الذي نشر في آخر 2017، فإن الزيادة في عدد الطلاب تأتي للمرة السابعة، وإن عدد الطلاب الأجانب الذين يدرسون في كليات وجامعات أميركا ارتفع بنسبة 85 في المائة منذ 10 سنوات.
تم نشر تقرير «الأبواب المفتوحة» عن التبادل التعليمي الدولي، من قبل معهد التعليم الدولي الذي يعد من أهم منظمات التبادل الثقافي الرائدة في الولايات المتحدة. وقد «أجرى معهد التعليم الدولي إحصاءات سنوية عن الجامعات حول الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة منذ عام 1919، وبدعم من مكتب الشؤون التعليمية والثقافية بوزارة الخارجية منذ أوائل السبعينات. ويستند التعداد إلى استطلاع شمل نحو 3 آلاف من المؤسسات التعليمية المرموقة في الولايات المتحدة».
وحسب التقرير المفصل، فإن هذا العدد من الطلاب الأجانب لا يشكل إلا 5 في المائة من عدد الطلاب الذين يدرسون في قطاع التعليم العالي بالكليات والجامعات الأميركية، حيث يصل مجمل العدد حسب التقرير إلى 20 مليون طالب؛ أي بارتفاع بنسبة تتراوح بين 3 و4 في المائة عن عام 2007. ويعود سبب الارتفاع إلى ازدياد عدد الطلاب الأجانب وتراجع عدد الطلاب الأميركيين في البلاد منذ أن سجل عدد الطلاب الأميركيين أعلى معدل في عامي 2012 و2013.
وحول أصول الطلاب الأجانب الذين يدرسون في الولايات المتحدة الأميركية، فقد ذكر التقرير أنه للسنة الثالثة على التوالي كان أكبر نمو في عدد الطلاب من الهند، وعلى مستوى الدراسات العليا في المقام الأول وعلى مستوى التدريب العملي الاختياري (أوبت). ومع هذا، لا تزال الصين أكبر دولة من ناحية إرسال الطلاب الأجانب، حيث يبلغ عدد الطلاب في الولايات المتحدة نحو ضعف عدد الطلاب الهنود. لكن ما يؤكد عليه التقرير هو النمو في عدد الطلاب الآتين من الهند.
ومن هنا أيضا فقد وجد التقرير أن 50 في المائة من إجمالي الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة من دولتي الصين والهند.
ووصلت نسبة التراجع لدى الطلاب السعوديين في الولايات المتحدة إلى 14.2 في المائة، ويعود ذلك، حسب التقرير، إلى حد كبير للتغييرات في برنامج المنح الدراسية للحكومة السعودية الذي يقترب الآن من عامه الرابع عشر.
التراجع الملحوظ في عدد الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، كان من اليابان والمملكة المتحدة وتركيا، وبنسبة أقل من اثنين في المائة لكل من هذه الدول. وإضافة إلى كوريا الجنوبية، فقد انخفض عدد طلاب هونغ كونغ بنسبة 4.7 في المائة. وكانت أكبر نسبة انخفاض بين الطلاب الأجانب من البرازيل، حيث وصلت نسبة الانخفاض إلى 32.4 في المائة. ويعود ذلك أيضا إلى نهاية البرامج الحكومية البرازيلية التي تساعد الطلاب الذين يدرسون في الخارج، خصوصا في الولايات المتحدة.
وحول أسباب التراجع في عدد طلاب هذه الدول بشكل عام، يقول تقرير «أوبن دورز» إنه من المرجح أن تشمل عوامل التراجع مزيجا من العوامل الاقتصادية العالمية والمحلية في هذه الدول؛ «وفي بعض الحالات توسع فرص التعليم العالي في داخل هذه الدول وتراجع عدد السكان».
ويكشف التقرير الأخير أن 25 من أفضل الجامعات الأميركية و10 ولايات أميركية يستقبلون أكبر عدد من الطلاب الأجانب السنة الماضية. وكان على رأس المستقبلين كما هو متوقع ولاية كاليفورنيا، تبعتها ولاية نيويورك، وولاية تكساس في المرتبة الثالثة، وماساتشوستس في المرتبة الرابعة.
ويتضح من التقرير أن 22.4 من مجمل الطلاب الأجانب الذين جاءوا إلى الولايات المتحدة الأميركية، جاءوا إلى الجامعات الـ25 الأولى في ترتيب الجامعات التي استقبلت الطلاب الأجانب.
وعلى الصعيد الاقتصادي، وحسب غرفة التجارة الأميركية، فإن لارتفاع عدد الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، نتائج إيجابية على الصعيد الاقتصادي؛ إذ ارتفع ما يقدمه هؤلاء الطلاب إلى الاقتصاد الأميركي من 35 مليار دولار إلى 39 مليار دولار العام الماضي. ويبدو أن سبب الارتفاع يعود إلى أن ثلثي الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة يتلقون تمويلهم من الخارج، أي من حكوماتهم وعائلاتهم وحساباتهم الشخصية. ولا تتوقف منفعة الطلاب الأجانب على الاقتصاد؛ بل تتعداه إلى المنافع العلمية والبحثية والتقنية.
وحول الطلاب الأميركيين في الخارج، يقول التقرير إنه رغم التراجع الطفيف في السنوات القليلة الماضية، فإن عدد هؤلاء الطلاب تضاعف 3 مرات خلال عقدين. ووصلت نسبة الارتفاع إلى 46 في المائة خلال العقد الماضي. كما أن عدد هؤلاء الطلاب في الخارج وصل إلى 325.339 ألف طالب لعامي 2015 و2016.
ويبدو أن معظم الطلاب الأميركيين يرغبون بدراسة العلوم والهندسة والرياضيات في الخارج وتصل نسبة هؤلاء الطلاب إلى 25.2 في المائة من إجمالي عدد الطلاب. وبعد ذلك يفضل 20.9 في المائة من هؤلاء الطلاب دراسة إدارة الأعمال والعلوم الاجتماعية.
ولا تزال الدول الأوروبية المحطة الرئيسية للطلاب الأميركيين في الخارج، وقد ارتفع عدد هؤلاء الطلاب بنسبة 3.5 في المائة عامي 2015 و2016. وتأتي على رأس لائحة الدول المفضلة للطلاب الأميركيين بريطانيا، تليها إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا التي احتلت المركز الخامس بدلا من الصين العامين الماضيين. كما ارتفع عدد الطلاب الأميركيين في الفترة نفسها في كل من اليابان وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا والدنمارك وتشيكيا ونيوزيلندا وكوبا وهولندا. ولاحظ التقرير أيضا ارتفاعا في عدد الطلاب الأميركيين الذين يذهبون إلى دول الكاريبي ودول أميركا اللاتينية للدراسة الجامعية.
ووصلت نسبة الارتفاع في هذه الدول إلى 5.6 في المائة، ووصل عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في دول الكاريبي ودول أميركا اللاتينية إلى 53.105 ألف طالب.
لكن أهم نسب الارتفاع على عدد الطلاب الأميركيين في الخارج كما جاء في التقرير، كانت في اليابان التي سجلت نسبة ارتفاع قدرها 18 في المائة، وكوريا الجنوبية بنسبة 3 في المائة.
ورغم هذه الارتفاعات في كثير من الدول، خصوصا الدول الأوروبية، فإن هناك تراجعات في عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في بعض البلدان كما يشير التقرير الأخير، ومن هذه الدول كما يبدو الصين التي تراجع عدد الطلاب الأميركيين فيها بنسبة 8.6 في المائة، أما نسبة التراجع في فرنسا فقد وصلت إلى 5.4 في المائة، حيث وصل عدد الطلاب إلى 17.215 ألف طالب، وسجلت البرازيل نسبة كبيرة من التراجع في عدد الطلاب الأميركيين الذين يأتون إليها، ووصلت نسبة هذا التراجع إلى 11.4 في المائة، ووصل عدد الطلاب إلى 3.400 ألف طالب. أما الهند فقد تراجع عدد الطلاب الأميركيين فيها خلال العامين الماضيين بنسبة 5.8 في المائة، ووصلت هذه النسبة إلى واحد في المائة في اليونان التي عادة ما تستقطب الطلاب المهتمين بالميثولوجيا اليونانية والراغبين بدراسة اللغة اليونانية نفسها.
مهما يكن، فإن عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في الخارج لا يزيدون بشكل عام على 10 في المائة من مجمل عدد الطلاب الأميركيين الباحثين عن جامعة جيدة لإنهاء تحصيلهم العلمي قبل دخول عالم العمل والوظيفة.