الفلسطينيون يتجاهلون تحذيرات السلطة من الوباء ويتدفقون على إسرائيل

أحد شوارع نابلس كما بدت أول من أمس (إ.ب.أ)
أحد شوارع نابلس كما بدت أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

الفلسطينيون يتجاهلون تحذيرات السلطة من الوباء ويتدفقون على إسرائيل

أحد شوارع نابلس كما بدت أول من أمس (إ.ب.أ)
أحد شوارع نابلس كما بدت أول من أمس (إ.ب.أ)

في الوقت الذي تحارب فيه السلطة الفلسطينية انتشار فيروس كورونا عبر منع فلسطينيي الداخل من الوصول إلى الضفة الغربية، فتحت إسرائيل ثغرات في جدار الفصل، ما سمح بتدفق غير مقيد للفلسطينيين إلى إسرائيل، في خطوة بدت مفاجئة وتحمل تحديا للسلطة وتجاوزا لدورها، واستقطابا للسياحة المفقودة.
وفوجئ الفلسطينيون بفتح إسرائيل ثغرات في جدار الفصل في قرية بعيدة في طولكرم شمال الضفة الغربية، ما سمح بتوافد عشرات الآلاف إلى الداخل من دون تصاريح أو موافقات أمنية، وهو أمر غير مسبوق.
وشوهدت آلاف العائلات الفلسطينية على شواطئ يافا ونتانيا وفي القدس ومناطق أخرى، ما أثار جدلا كبيرا. وجاءت خطوة إسرائيل بعد قرار القيادة الفلسطينية في مايو (أيار) الماضي التحلل من الاتفاقيات مع إسرائيل بما في ذلك وقف التنسيق الأمني والمدني، وفي ظل إعلان السلطة إغلاق الضفة الغربية يومي الجمعة والسبت للحد من تدفق فلسطيني القدس والداخل إلى الضفة.
وتعاملت السلطة مع الأمر باعتباره خطيرا من الناحية الصحية، لكنها لم تنج كذلك من انتقادات وسخرية. وقالت وزيرة الصحة الفلسطينية مي كيلة، إن «المواطنين الذين ذهبوا في رحلات إلى أراضي عام 48. قد يتعرضون للإصابة بفيروس (كورونا)، خاصة في ظل التفشي الكبير لهذا الوباء في إسرائيل». وأضافت: «بعد أن بدأ المنحنى الوبائي بالنزول، شاهدنا في الأيام الماضية رحلات تذهب للداخل، وكنا قد حذرنا من الإهمال والتنقل، وبالتالي قد يتعرض أهلنا الذين ذهبوا للرحلات للإصابة بفيروس (كورونا)، وقد تزيد من حالات الإصابة... نحن نأمل بغير ذلك». ولا توجد سيطرة للسلطة على مناطق كثيرة في الضفة الغربية، ما يسمح بدخول فلسطينيي الداخل إلى الضفة وخروج فلسطينيي الضفة إلى إسرائيل، وهي مسألة عانت منها السلطة في مواجهة الفيروس.
ومع لجوء السلطة إلى الإغلاق تعويضا عن السيطرة، اشتبك فلسطينيون عدة مرات مع قوات الأمن الفلسطيني رفضا لسياسة الإغلاق، واحتج تجار في وقفات متعددة ضد هذه السياسة.
وأدى تدفق الفلسطينيين إلى إسرائيل أيام الجمعة والسبت إلى السخرية من سياسة السلطة وانتقادها بشكل أوسع. وغرد ناشطون كثر في رسائل موجهة للسلطة، بأنه طالما أغلقتم الضفة في عطلة نهاية الأسبوع في وجه كورونا، الشعب يذهب إلى كورونا بنفسه (باعتبارها منتشرة في إسرائيل).
وعلق رجل الأعمال الشهير بشار المصري قائلا: «لقد كان الهدف من الإغلاق شبه التام في عطلة نهاية الأسبوع هو منع الاختلاط والحد من انتشار الكورونا، ولكن من الواضح أن الاحتلال أفقدنا السيطرة بفتح الحواجز فجأة مما أدى إلى تدفق الكثيرين من أبناء شعبنا إلى الداخل للاستجمام والتسوق. خسارتنا أصبحت مضاعفة في نشر المرض وكساد السوق المحلي. أناشد المسؤولين بإعادة النظر في هذه الإجراءات لإعادة توجيه الإنفاق لإنعاش الاقتصاد المحلي ودعم السياحة الداخلية». ويعاني الاقتصاد الفلسطيني من انكماش واضح، وتدهور ملحوظ بسبب الوضع السياسي والإجراءات الصحية. واستقرت إصابات كورونا اليومية عند قرابة 500 منذ عودة الانتشار في مرحلته الثانية.
وأعلنت وزارة الصحة، أمس السبت، عن تسجيل 426 إصابة جديدة بفيروس «كورونا» المستجد خلال الـ24 ساعة الماضية. وسُجلت أعلى الأرقام في القدس. وقالت الكيلة إن 4 وفيات من بين الحصيلة الإجمالية، و220 إصابة سجلت في مدينة القدس لوحدها، مشيرة إلى أن نسبة التعافي من فيروس كورونا في فلسطين شهدت ارتفاعاً جديداً، حيث وصلت إلى 55 في المائة، فيما لا تزال القدس تسجل ازدياداً في عدد الإصابات.
وأشارت إلى أن الإصابات الجديدة توزعت في 9 محافظات هي: الخليل (112)، نابلس (8)، أريحا والأغوار (4)، بيت لحم (25)، قلقيلية (5)، جنين (1)، رام الله والبيرة (19)، طولكرم (13)، محافظة القدس (239)، بينها (220) داخل مدينة القدس، و(19) في الضواحي.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».