سحر فارس... «عروس بيروت» التي أصبحت رمزاً للمأساة في لبنان

لاقت حتفها مع فوج الإطفاء بانفجار المرفأ... وعائلتها أقامت لها حفل زفاف لتوديعها

سحر فارس ترتدي زي الإطفاء (تويتر)
سحر فارس ترتدي زي الإطفاء (تويتر)
TT

سحر فارس... «عروس بيروت» التي أصبحت رمزاً للمأساة في لبنان

سحر فارس ترتدي زي الإطفاء (تويتر)
سحر فارس ترتدي زي الإطفاء (تويتر)

ّكانت الشابة اللبنانية سحر فارس تستعد ليوم زفافها هذا الصيف، لكنها رحلت ضمن أكثر من 150 شخصاً قُتلوا في انفجار مرفأ بيروت، الذي وقع يوم الثلاثاء الماضي وتسبب في إصابة نحو 5 آلاف شخصاً، وتشريد ما يصل إلى 250 ألف شخص.
وجذبت قصة فارس (27 عاماً) رواد مواقع التواصل بسبب أنها تعمل في مجال الإطفاء الذي يهيمن عليه الرجال تقريباً، وكانت الفتاة عصامية لعائلة لبنانية متواضعة، وكرست نفسها للخدمة العامة، وكانت تخطط لبناء أسرة خاصة بها، حسبما أفادت به صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.
وأول من أمس (الخميس)، أقامت عائلة سحر حفل زفاف حضرته الشابة وهي في نعشها، بينما جلس خطيبها جيلبرت قاران باكياً ومودعاً عروسه للمرة الأخيرة.

ونشر قاران (29 عاماً) في رسالة تكريم لخطيبته الراحلة على حساباته بمواقع وسائل التواصل الاجتماعي: «كل ما تريده سيكون حاضراً غيرك في فستان الزفاف الأبيض. لقد كسرت ظهري، يا حبي، لقد كسرت قلبي. الحياة ليس لها طعم الآن بعد أن ذهبت».
وكانت سحر اتصلت بخطيبها مساء الثلاثاء لتريه مشاهد فيديو من الانفجار في مرفأ بيروت، حيث كانت تجلس في سيارة إطفاء تراقب زملائها في الفوج خلال عملية إطفاء النيران، لكن مع اشتداد الحريق، نزلت فارس من الشاحنة لإلقاء نظرة، بعد أن سمعت أصواتاً غريبة، حسب ما رواه أقاربها لـ«نيويورك تايمز».
وخلال الاتصال الأخير، ناشد قاران خطيبته بأن تحتمي من النيران، لكن بعد فوات الأوان، وآخر صورة رأها كرعان كانت لحذائها يتطاير على أحد الأرصفة بعد حدوث انفجار.
ونشأت فارس في قرية القاع الواقعة شمال لبنان على الحدود مع سوريا. وكان من المقرر أن يقام زفافها في يونيو (حزيران) من العام المقبل، حسبما نشر خطيبها الذي يعمل ضابطاً بجهاز أمن الدولة اللبناني، عبر مواقع التواصل.
وبعد تدريبها كممرضة، قررت فارس في عام 2018 الالتحاق بالخدمة المدنية، حيث كانت تتوق إلى الاستقرار الوظيفي والمزايا الاجتماعية للعمل الحكومي، كما أخبرت الأقارب، بعد أن شاهدت هي وشقيقتاها والدها، عامل لحام الألومنيوم، ووالدتها، معلمة المدرسة، يكافحان لتغطية نفقات الأسرة.

وقال رئيس بلدية القاع بشير مطر «تاريخنا شهداء واستشهاد»، وتابع: «سحر رسالة لشبابنا مفادها أن هناك أناساً مخلصين للأمة، ورغم ذلك يفقدون كل شيء. أتمنى لو كانت هناك أمة تستحق مثل هذه التضحية والالتزام. أتمنى أن تكون لدينا دولة مناسبة».
وتابع مطر: «سئم الناس. نحن فخورون بتضحيتها، لكننا منزعجون تماماً. لماذا؟ لِمَ كان كل ذلك؟ لنظام مختل لا يعرف كيفية حل مشكلة واحدة».
في الأشهر التي سبقت وفاتها، كانت فارس تدخر لتجهيز منزلها لحفل الزفاف وشراء فستان زفافها. لكنها، مثل كثير من المواطنين اللبنانيين، رأت مدخراتها تتبخر بين عشية وضحاها، حيث انهارت العملة الوطنية، وفقدت 80 في المائة من قيمتها هذا العام، إثر أزمة اقتصادية تشهدها البلاد، وارتفاع التضخم والأسعار، مما جعل المنتجات اليومية مثل مشتريات البقالة لا يمكن تحملها.
وقالت ابنة عم اللبنانية الراحلة، تيريزا خوري، 23 عاماً: «كانت (سحر) أكثر شخص محبّ أعرفه، فهي لطيفة وتهتم دائماً بوالديها وأخواتها. كانت مليئة بحب الحياة. كان حلمها أن تتزوج من حب حياتها وأن تقضي بقية حياتها معه».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.