الرصاص «المنفلت» يهدد الأمن والسلم الأهلي في الضفة

مطالب بمعالجة فوضى السلاح بعد مقتل شقيق وزير

خليل الشيخ قُتل بالرصاص «المنفلت» في الضفة
خليل الشيخ قُتل بالرصاص «المنفلت» في الضفة
TT

الرصاص «المنفلت» يهدد الأمن والسلم الأهلي في الضفة

خليل الشيخ قُتل بالرصاص «المنفلت» في الضفة
خليل الشيخ قُتل بالرصاص «المنفلت» في الضفة

قتل الرصاص «المنفلت» التابع عادة لمجموعات مسلحة وعائلات، في الضفة الغربية، مسؤولا في حركة «فتح» في رام الله، هو خليل الشيخ، شقيق وزير الشؤون المدنية وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، حسين الشيخ.
وقتل الشيخ (47 عاما)، في إطلاق نار متقطع في منطقة البيرة القريبة من رام الله وأصيب آخرون، في أحدث دليل على وجود السلاح العلني غير المنضبط في الأراضي الفلسطينية، وهو ما عزز المخاوف المتنامية من فلتان أمني وفوضى في ظل غياب الأفق السياسي وتدهور الوضع الاقتصادي وانتشار المزيد من السلاح.
وينتمي القتيل إلى حركة «فتح»، ويعتقد أن الأطراف المقابلة كذلك تنتمي لنفس الحركة التي تمثل قوة لا يستهان بها في الشارع الفلسطيني وتملك الكثير من المسلحين في الضفة.
وقال حسين الشيخ، إنه كان يتمنى لو أن الرصاصة التي قتلت شقيقه هي رصاصة إسرائيلية، معبرا عن فاجعته بما حدث، مضيفا: «قلبي انفطر»، لكنه خاطب الغاضبين أيضا من عائلته، بقوله، إنهم مسؤولون، وإنه سيقطع يده قبل أن تشارك في تخريب النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي. وحديث الشيخ، وهو مقرب جدا من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، يشير إلى إدراكه باحتمال انتشار الفوضى في الضفة التي تعاني من حوادث قتل وخلافات متصاعدة.
ولا يعرف إذا ما كانت دعوات الشيخ لأنصاره وعائلته، ستؤدي إلى كبح جماح الغاضبين المسلحين الذين أطلقوا وابلا من النار في سماء المدينة وأجبروا محلات في منطقة الحدث على الإغلاق.
وهذه ليست أولى حوادث القتل في الضفة خلال فترة قصيرة. إذ قتل شاب خطيبته في رام الله قبل أسابيع، وقتل أحد الشبان والد زوجته قبل أن ترد عائلة القتيل بإطلاق النار وإحراق منازل. كما قتل مجهول عاملا من بيت لحم في القدس وتعهدت عائلته بالانتقام، ناهيك عن الخلافات العائلية المتصاعدة التي استخدمت فيها أسلحة وتم فيها حرق منازل ومحلات.
وقالت مصادر في حركة «فتح»، إن الرئيس عباس تدخل شخصيا لتهدئة الموقف، فيما تحرك رئيس الوزراء محمد أشتية مباشرة إلى المستشفى وشكل لجنة تحقيق فورية. وقال أشتية إنه أمر بتشكيل لجنة تحقيق في ملابسات مقتل المواطن خليل شحادة الشيخ (47 عاما)، في مدينة البيرة، وأوعز لها بضرورة اتخاذ كامل الإجراءات الطبية والقانونية لمعرفة ملابسات عملية القتل المدانة.
وفورا دعت القوى الوطنية والإسلامية لمحافظة رام الله والبيرة، إلى تطويق حادث مقتل الشيخ والتدخل الفوري لنزع فتيل الإشكال. وطالبت القوى، في بيان، بحسم مسألة «السلاح العلني»، والعمل على وقف فوضى السلاح بكل حزم وقوة، كما دعت إلى ضبط الوضع الداخلي على قاعدة المسؤولية الوطنية. وأكدت القوى وقوفها «بكل قوة وصلابة» خلف منظمة التحرير والسلطة الوطنية والجهات الرسمية، مشددة على أن «وحدتنا الداخلية» صمام الأمان لمواجهة مخططات الاحتلال ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية. وهددت القوى، أنها ستضرب بيد من حديد «كل من يحاول نشر الفوضى، وإثارة النزعات والمشاكل من أعوان الاحتلال الذين يحاولون في العديد من المناطق ضرب السلم الأهلي، وإشعال الفتن، والشجارات العائلية وغير العائلية عبر طرق معروفة لدينا جيدا».
ورحّبت القوى بتشكيل لجنة للتحقيق في ظروف وملابسات مقتل «الشيخ»، وطالبت بالعمل على نشر نتائج التحقيق «على الملأ في وقت قريب». وأضافت «نحن نواجه معا مشاريع الاحتلال وفيروس (كورونا)، وعلينا التحلي باليقظة، وضبط النفس والتسلح بالإرادة العالية لاجتياز الامتحان الصعب الذي يجب أن نجتازه موحدين».
ولم يعرف على وجه الدقة من أطلق النار على الشيخ، وقالت جمعية أبناء البيرة إن حادثة القتل لم تحصل أثناء «عطوة عشائرية» كما أشيع، وأن عائلة الشيخ لم تكن طرفاً في الخلاف الحاصل أصلاً. وأضافت «رواياتنا الأولية من شهود العيان، تشير إلى حضور مسلحين من خارج مدينة البيرة قبل حصول حادثة القتل، إلى منتصف المدينة، وشروعهم بإطلاق النار في الهواء»، مشيرة إلى أن الأجهزة الأمنية هي من تعاملت مع المسلحين وليس عائلات أو شباب مدينة البيرة.
وجاءت الحادثة لتشكل ضربة أخرى لجهود السلطة التي تعمل على فرض هيبتها في المناطق التي تخضع لسيطرتها، مع تصاعد الاحتجاجات ضد سياساتها وظهور بوادر تمرد على القرارات. وشهدت الضفة الغربية خلال الأشهر القليلة الماضية، مناوشات بين محتجين على سياسة السلطة وقوات الأمن ومظاهرات كذلك، منددة بالسياسات الاقتصادية المتبعة ضمن خطة الطوارئ المتعلقة بوباء «كورونا».
يذكر أنه ورغم أن الخلافات قد تبدأ بصورة عائلية أو تنظيمية، لكن العشائرية في نهاية المطاف تبرز في كل تصفية خلاف أو حسابات متعلقة بالدم، بغض النظر عن إجراءات أو قوة أو أداء السلطة أو حتى كونها طرفا أم لا.



نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
TT

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نبّه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ، في وقت يعاني فيه من نزاع طويل الأمد نتيجة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية. وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات نتيجة تغير المناخ، مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات.

وذكر ستيفان غيمبيرت، المدير القطري للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي، أن «اليمن يواجه تقاطعاً غير مسبوق للأزمات: النزاع، وتغير المناخ، والفقر». وطالب باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة «لتعزيز المرونة المناخية لأن ذلك مرتبط بحياة الملايين من اليمنيين». وقال إنه من خلال الاستثمار في الأمن المائي، والزراعة الذكية مناخياً، والطاقة المتجددة، يمكن لليمن أن يحمي رأس المال البشري، ويعزز المرونة، ويضع الأسس «لمسار نحو التعافي المستدام».

الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة تهدد ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وفي تقرير لمجموعة البنك الدولي الذي حمل عنوان «المناخ والتنمية لليمن»، أكد أن البلاد تواجه تهديدات بيئية حادة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المفاجئة في أنماط الأمطار، والزيادة في الأحداث الجوية المتطرفة، والتي تؤثر بشكل كبير على أمن المياه والغذاء، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي.

ووفق ما جاء في التقرير الحديث، فإن نصف اليمنيين يواجهون بالفعل تهديدات من تغير المناخ مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات. ‏وتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بنسبة 3.9 في المائة بحلول عام 2040 إذا استمرت السيناريوهات المناخية السلبية، مما يفاقم أزمة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

تحديات متنوعة

في حال تم تطبيق سيناريوهات مناخية متفائلة في اليمن، تحدث تقرير البنك الدولي عن «فرص استراتيجية» يمكن أن تسهم في تعزيز المرونة، وتحسين الأمن الغذائي والمائي. وقال إن التوقعات أظهرت أن الاستثمارات في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، مع استخدام تقنيات الزراعة التكيفية، قد تزيد الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 13.5 في المائة بين عامي 2041 و2050.

وامتدت تحذيرات البنك الدولي إلى قطاع الصيد، الذي يُعد أحد المصادر الأساسية للعيش في اليمن، وتوقع أن تتسبب زيادة درجات حرارة البحر في خسائر تصل إلى 23 في المائة في قطاع الصيد بحلول منتصف القرن، مما يعمق الأزمة الاقتصادية، ويسهم في زيادة معاناة المجتمعات الساحلية.

التغيرات المناخية ستسهم في زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

واستعرض البنك في تقريره التحديات الصحية الناجمة عن تغير المناخ، وقال إنه من المتوقع أن يكلف ذلك اليمن أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050، وتتضمن هذه التكاليف الرعاية الصحية الزائدة نتيجة للأمراض المرتبطة بالطقس مثل الملاريا والكوليرا، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من ضعف شديد.

ولهذا، نبّه التقرير إلى أهمية دمج المرونة المناخية في تخطيط الصحة العامة، مع التركيز على الفئات الضعيفة، مثل النساء والأطفال. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار التقرير إلى أن المناطق الحضرية ستكون الأكثر تأثراً بازدياد الفيضانات المفاجئة، مع تحذير من أن التدابير غير الكافية لمواجهة هذه المخاطر ستؤدي إلى صدمات اقتصادية كبيرة تؤثر على المجتمعات الهشة.

وفيما يخص القطاع الخاص، أكد التقرير على أن دوره في معالجة التحديات التنموية العاجلة لا غنى عنه. وقال خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي للبنك الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القطاع الخاص له دور حيوي في مواجهة التحديات التنموية العاجلة في اليمن. من خلال آليات التمويل المبتكرة، يمكن تحفيز الاستثمارات اللازمة لبناء مستقبل أكثر خضرة ومرونة».

وتناول التقرير إمكانات اليمن «الكبيرة» في مجال الطاقة المتجددة، وقال إنها يمكن أن تكون ركيزة أساسية لاستجابته لتغير المناخ، لأن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوفير بنية تحتية مرنة لدعم الخدمات الحيوية، مثل الصحة والمياه.

تنسيق دولي

أكد البنك الدولي على «أهمية التنسيق الدولي» لدعم اليمن في بناء مرونة مناخية مستدامة، مع ضرورة ضمان السلام المستدام كون ذلك شرطاً أساسياً لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.

ورأى أن اتخاذ قرارات مرنة، وتكييف الإجراءات المناخية مع الواقع السياسي في اليمن، من العوامل الحاسمة في مواجهة التحديات، وقال إن التركيز على «السلام والازدهار» يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر في المستقبل.

وزير المياه والبيئة اليمني مشاركاً في فعاليات تغير المناخ (إعلام حكومي)

من جهته، أكد وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي في الجلسة الخاصة بمناقشة هذا التقرير، التي نظمها البنك الدولي على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أهمية دمج العمل المناخي في استراتيجية التنمية، والتكيف مع تقلبات المناخ، ومناقشة العلاقة بين المناخ والنزاع والتنمية.

وأشار وزير المياه والبيئة اليمني إلى أن تقرير المناخ والتنمية يشكل مساهمة جيدة لليمن في مواجهة تغير المناخ، وسيعمل على تسهيل الوصول لعدد من التمويلات المناخية في ظل الهشاشة الهيكلية والتقنية التي تعيشها المؤسسات جراء الحرب.

وقال الشرجبي إن التقرير يتماشى بشكل كبير مع الأولويات العاجلة لليمن، خصوصاً في مجال الأمن المائي والغذائي، وتعزيز سبل العيش، وتشجيع نهج التكيف المناخي القائم على المناطق، لافتاً إلى أهمية دور الشركاء التنمويين لليمن في تقديم المساعدة التكنولوجية والتقنية، وبناء القدرات.