تكليف ولد بلال تشكيل حكومة موريتانية جديدة

بالتزامن مع شروع القضاء بالتحقيق في «ملفات فساد»

الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني (رويترز)
الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني (رويترز)
TT

تكليف ولد بلال تشكيل حكومة موريتانية جديدة

الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني (رويترز)
الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني (رويترز)

قدم الوزير الأول الموريتاني، إسماعيل ولد الشيخ سيديا، أمس، استقالته واستقالة حكومته إلى الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي قبلها وعيّن المهندس محمد ولد بلال وزيراً أول، وكلفه تشكيل حكومة جديدة، فيما طُلب من الحكومة المستقيلة تصريف الأعمال في انتظار تسمية حكومة جديدة.
وتأتي استقالة ولد الشيخ سيديا وحكومته بعد عام من العمل الحكومي، كان هو السنة الأولى من حكم الرئيس ولد الشيخ الغزواني، الذي جرى تنصيبه في 1 أغسطس (آب) الماضي، لكن عوامل كثيرة ساهمت في الدفع نحو استقالة الحكومة؛ أبرزها جائحة «كورونا» المستجد، وفتح تحقيق برلماني حول ملفات فساد.
وفي تصريح صحافي عقب تقديم استقالته، قال ولد الشيخ سيديا: «أتقدم بجزيل الشكر إلى فخامة الرئيس على الثقة التي منحنا طيلة هذه الفترة، وأنتهز الفرصة لأشكر الفريق الحكومي على المجهود الذي قاموا به في هذه الفترة الخاصة، خدمة لموريتانيا وخدمة لهذا الشعب». أما الوزير الأول الجديد؛ فقال في أول تصريح له: «أشكر فخامة الرئيس على هذه الفرصة التي أتاحها لي لخدمة وطني»، قبل أن يطلب من الحكومة المنصرفة «مواصلة أعمالها إلى حين تشكيل حكومة جديدة»، وبعد ساعة من تكليفه تشكيل الحكومة تسلم المهام من سلفه المستقيل.
ويتحدر الوزير الأول الجديد (57 عاماً) من فئة «الحراطين»، وهي فئة كانت تعاني من الإضطهاد والرق، في السابق، وتخرج عام 1990 في الجامعة الجزائرية مهندساً في المياه، وسبق أن شغل منصب وزير التجهيز والإعمار والاستصلاح الترابي عام 2007، خلال حكم الرئيس الأسبق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله.
وكان ولد بلال خلال السنوات الأخيرة يعمل مستشاراً في الوزارة الأولى، ويوصف بأنه شخص صارم، مع مسار سياسي «غير لافت»، مما يرجح لديه صفة «التكنوقراط»، رغم نشاطه في الحملة الانتخابية لولد الغزواني، ونشاط سياسي آخر محدود في المحافظة التي يتحدر منها في الجنوب الغربي من موريتانيا.
ويعد ولد بلال ثاني وزير أول يختاره ولد الشيخ الغزواني، منذ وصوله إلى الحكم، فيما يترقب الموريتانيون أسماء أعضاء الحكومة الجديدة، وسط تضارب الأنباء حول الأسماء التي ستغادر، وتلك التي ستدخل الفريق الحكومي، ووسط مؤشرات تدفع نحو فريق حكومي جديد في أغلب أعضائه.
وساهمت الأزمة التي خلفتها جائحة «كورونا» في استقالة الحكومة، في ظل حالة من الاستياء الشعبي تجاه بعض الوزراء، بسبب «ضعف الأداء» خلال الجائحة، فيما تتضارب المواقف حول وزراء الصحة والداخلية والدفاع والتجارة، الذين كانوا في صدارة الاستراتيجية الموريتانية لمواجهة الجائحة، مع توقعات ترجح بقاءهم في الفريق الحكومي.
في غضون ذلك، فتحت شرطة الجرائم الاقتصادية الموريتانية، أمس، تحقيقاً ابتدائياً بناء على تقرير أعدته لجنة تحقيق برلمانية، حول شبهات فساد موجهة إلى الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وبعض الوزراء وكبار المسؤولين الذين عملوا معه؛ ضمنهم وزراء ومسؤولون احتفظ بهم ولد الغزواني بعد وصوله للحكم، رغم الرفض الشعبي لذلك.
وأحيل تقرير اللجنة البرلمانية الأسبوع الماضي إلى وزير العدل، الذي أحاله بدوره إلى القضاء، وتضمن أسماء بعض أعضاء حكومة ولد الغزواني، على أنهم مرتبطون بملفات الفساد، مع توصية بالتحقيق معهم من طرف القضاء، لكن هذه الشبهات وقعت خلال عملهم مع الرئيس السابق.
ومنذ صدور التقرير البرلماني ونشره للعموم، ارتفعت مطالب في موريتانيا تدعو إلى إقالة جميع المسؤولين، الذين وردت أسماؤهم في التقرير الذي كشف عن عمليات فساد واسعة، وقعت خلال السنوات العشر الماضية. إلا إن مراقبين عدّوا أن استقالة الحكومة تخرج الرئيس من حرج إقالة هؤلاء المسؤولين وحدهم، وهو ما كان سيعني إثباتاً لتهمة الفساد عليهم، قبل أن يقول القضاء كلمته.
ويُعد فتح ملفات الفساد من طرف البرلمان، وشروع السلطات القضائية في التحقيق الجنائي، سابقة في التاريخ السياسي الموريتاني؛ إذ جرت العادة أن كل رئيس يعمل عند تسلمه السلطة وفق قاعدة «عفا الله عما سلف»، لكن ولد الغزواني أكد في تصريح صحافي خلال فبراير (شباط) الماضي أن البرلمان هو من قرر فتح هذه الملفات، وأنه لن يتدخل في عمله بناء على مبدأ «فصل السلطات».
وكان الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز قد رفض التعاون مع لجنة التحقيق البرلمانية، التي استدعته للإدلاء بشهادته في الشبهات المثارة حوله، والتي من أخطرها عرضه جزيرة موريتانية هديةً لأمير قطر السابق، وهو ما وصفته لجنة التحقيق بأنه مساس خطير بالحوزة الترابية للجمهورية وخرق سافر للدستور.
وأحال البرلمان جميع ملفات التحقيق إلى القضاء، باستثناء ملف منح الجزيرة الموريتانية لأمير قطر السابق، لأنه ليس من اختصاص القضاء العادي، وسيُعرض على «محكمة العدل السامية» بعد أن توجه للرئيس السابق تهمة «الخيانة العظمى».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.