أسئلة حول المسؤولية تواجه لجنة التحقيق

TT

أسئلة حول المسؤولية تواجه لجنة التحقيق

مع بدء التحقيق الإداري الذي يراد منه وضع النقاط على الحروف، لتبيان الظروف والملابسات المحيطة بالتفجير المدمر الذي استهدف بيروت، لا بد من طرح مجموعة من الأسئلة المقرونة بالأدلة والبراهين، لتحديد على من تقع المسؤولية التي حالت دون تفادي هذا الانفجار، وهل كانت محصورة بالتقصير أو بالإهمال اللذين سمحا بتخزين المواد المتفجرة منذ عام 2014؟
وفي هذا السياق، استجمعت «الشرق الأوسط» مجموعة من الأسئلة والقرائن الموثقة يُفترض أن تتصدر جدول أعمال لجنة التحقيق، وأبرزها:
- ما الدوافع التي أُمليت على الباخرة المحملة بمواد شديدة الانفجار من جورجيا، واضطرت للرسو في مرفأ بيروت، وهي في طريقها إلى موزمبيق لتفريغ حمولتها؟
- ما مدى صحة أن الباخرة رست في مرفأ بيروت لشحن آليات زراعية ومعدات صناعية إلى الأردن لتفريغها هناك، وهي في طريقها إلى موزمبيق؟ مع أنه تردد أن الأخيرة قررت الاستغناء عن المواد المتفجرة؟
- ما الجهة التي سمحت للباخرة بتخزين شحنتها من هذه المواد في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، بذريعة أنها أُصيبت بعطل منعها من مواصلة إبحارها إلى موزمبيق؟
- من يتولى حفظ الأمن في داخل مرفأ بيروت؟ وهل أُعلمت الجهة الأمنية الموكلة بحمايته بوجود مواد متفجرة؟
- لماذا سُمح للباخرة بتفريغ حمولتها المتفجرة؟ وهل كانت هناك عوائق أمام التواصل مع شركة التأمين المسؤولة عنها، والطلب منها إرسال باخرة تقوم بشحن حمولتها؟
- من يُشرف على كشف البضائع في مرفأ بيروت؟ وبالتالي: من سمح بتخزين حمولة هذه الباخرة؟
- كيف يُسمح بتخزين حمولة الباخرة في العنبر رقم 12؟ وهل تتوفر فيه شروط السلامة والمعايير الوقائية لحفظها في حال حصول أي طارئ تترتب عليه مخاطر غير محسوبة؟
- لماذا أُبقي على المواد القابلة للانفجار طوال هذه المدة إلى حين انفجارها، لتحل الكارثة التي ضربت بيروت؟
- هل أُعلم رؤساء الحكومات السابقون الذين تولوا رئاسة الحكومة بتخزين المواد المتفجرة، مع أن مصادرهم تنفي إعلامهم بتخزينها؟
- يتردد أن رئيس الحكومة الحالي حسان دياب هو أول من أُعلم، وبعد استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري، بتخزينها، وأنه تلقى مراسلة في هذا الخصوص من قبل جهاز «أمن الدولة» الذي يتبع له مباشرة، فهل تستمع لجنة التحقيق التي شُكلت برئاسته إلى أقواله، أسوة بقادة الأجهزة الأمنية وبمديرية الجمارك ورئاسة مرفأ بيروت، بغية جلاء الحقيقة لتبيان الخيط الأسود من الخيط الأبيض؟
- فور حصول الانفجار المدمر، تردد أن أسبابه تعود إلى انفجار مستودع للمفرقعات على مقربة من العنبر رقم 12، وهذا ما يجب أن توضحه لجنة التحقيق.
- تردد أن التفجير يعود إلى وجود عمال يقومون بمعالجة ثغرة وُجدت في حائط العنبر، وأن نيران اللحام تسببت في الانفجار، مع أن المعلومات ذكرت أن عملية التلحيم لسد هذه الثغرة انتهت قبل 4 ساعات من وقوع الانفجار، وأن سدها تم بأمر من النيابة العامة التمييزية، بناء على طلب «أمن الدولة».
- يقول خبراء عسكريون لديهم إلمام بهذا النوع من المواد المتفجرة، إنها لا تنفجر ما لم يكن هناك آلية تُستخدم لتفجيرها، وهذا يعود إلى اللجنة، لعلها تتوصل إلى تحديد طبيعتها.
- كثرت الأقاويل حول تأكيد شهود أنهم شاهدوا بأم العين تحليقاً لطائرات حربية إسرائيلية تزامن مع الانفجار؛ لكن تبين أن الرادار العائد لمطار رفيق الحريري الدولي لم يسجل من خلال شاشاته التقاط أي صور لهذا النوع من الطائرات، سواء قبيل الانفجار أو في خلال حصوله.
- يهم لجنة التحقيق الاستماع إلى أقوال الشهود، وبعضهم مَن أُنقذوا من تحت الركام، إضافة إلى مواصلة البحث عن الكاميرات وأجهزة الكومبيوتر، في ظل وجود صعوبة لرفع الركام لسببين: الأول لاحتمال وجود أحياء لا يزالون تحت الأنقاض، والثاني لوجود خطورة من انهيار عدد من العنابر، في ضوء التحذير من أنها قد تنهار بين لحظة وأخرى.
- مبادرة وحدات من الجيش إلى فرض طوق أمني في داخل المرفأ وخارجه، ليس لرفع الأنقاض بحثاً عن احتمال بقاء أحياء تحت الركام فحسب، وإنما أيضاً لمنع الدخول إلى مسرح الجريمة؛ لأن هناك ضرورة لجمع ما تبقى من شظايا عائدة للانفجار، لعلها تسمح بتحديد الآلية التي استخدمت لتفجير المواد الشديدة الانفجار، إضافة إلى إخضاع «داتا» الاتصالات لتحليل ما يمكن أن تحمله حركة الاتصالات التي جرت قبيل الانفجار وفي خلاله وما بعد حصوله.
وعليه، فإن التحقيق الإداري يمكن أن يستغرق أكثر من 5 أيام، شرط أن يشمل الاستماع إلى أقوال كبار المسؤولين من دون استثناء، بمن فيهم أولئك المشمولون بمراسلات «أمن الدولة»، وإن كان الإرباك قد حال دون إصدار بيان أولي يوضح حقيقة ما حصل، حتى لو لم يتضمن معلومات ذات طابع أمني.
لذلك، فإن لجنة التحقيق قد تتحول إلى لجنة أمنية قضائية، مع تقليص عدد أعضائها؛ لأن التحقيق الأمني في حاجة إلى فريق احترافي يتمتع بكفاءات عالية، ولديه خبرة في هذا النوع من التفجيرات.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.