«سد النهضة»: مصر بانتظار موقف أفريقي حاسم في مواجهة «مراوغات إثيوبية»

سد النهضة كما يبدو في صورة التقطت بواسطة الأقمار الصناعية في 20 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
سد النهضة كما يبدو في صورة التقطت بواسطة الأقمار الصناعية في 20 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
TT

«سد النهضة»: مصر بانتظار موقف أفريقي حاسم في مواجهة «مراوغات إثيوبية»

سد النهضة كما يبدو في صورة التقطت بواسطة الأقمار الصناعية في 20 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
سد النهضة كما يبدو في صورة التقطت بواسطة الأقمار الصناعية في 20 يوليو الماضي (أ.ف.ب)

يُنتظر أن يفصل «الاتحاد الأفريقي»، الراعي الحالي لمفاوضات «سد النهضة» بين مصر والسودان وإثيوبيا، في ورقة قدمتها الأخيرة باعتبارها «مبادئ توجيهية وقواعد» تحكم سير المفاوضات خلال الفترة المقبلة، وُوجهت باعتراضات مصرية وسودانية، وتسببت في تعليق المفاوضات، بوصفها «تراجعا عما اتفق عليه».
وعلقت المفاوضات، التي تجري بحضور مراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وخبراء مفوضية الاتحاد الأفريقي، يوم (الثلاثاء) الماضي، بعد طرح إثيوبي «يقصر الاتفاق على المرحلة الأولى لملء السد، ولا يتضمّن أي قواعد لتشغيله، أو أي عناصر تعكس الإلزاميّة القانونيّة للاتفاق، فضلاً عن عدم وجود آليّة لفضّ النزاعات»، بحسب تصريحات رسمية مصرية وسودانية. وإثر ذلك تقدمت مصر بشكوى إلى دولة جنوب أفريقيا، بصفتها الرئيس الحالي الاتحاد الأفريقي، ضد الطرح الإثيوبي، باعتباره «تضمّن مقترحا مخالفا للتوجيه الصادر عن قمة هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي، والذي أكد ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم قانونا وليس مجرد إرشادات وقواعد حول ملء سد النهضة». ووفق بيان أصدرته وزارة الموارد المائية المصرية، مساء أول من أمس، فإن الشكوى المصرية تضمنت تأكيد رفض مصر الملء الأحادي لخزان السد، والذي قامت به إثيوبيا في 22 يوليو (تموز) الماضي.
وسبق أن رفضت كل من مصر والسودان في أبريل (نيسان) الماضي، عرضا إثيوبيا باتفاق جزئي. وتخشى القاهرة تضرر حصتها السنوية من مياه النيل، وهي 55.5 مليار متر مكعب، والتي تعتمد عليها بأكثر من 90 في المائة. بينما ترغب إثيوبيا في توقيع اتفاق يتعلق بملء خزان السد خلال موسم الأمطار الحالي، والذي ينتهي آخر شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، على أن يتم تأجيل الاتفاق النهائي، كي يشمل تقاسم مياه نهر النيل الأزرق، الرافد الرئيسي لنهر النيل، والتي تقول إثيوبيا إن مصر تحصل على نصيب الأسد فيه. وردا على الشكوى المصرية، أرسلت إثيوبيا نسختها من «المبادئ التوجيهية والقواعد» الخاصة بملء سد النهضة. وقالت وزارة المياه والري والطاقة، في بيان أمس، إن «إثيوبيا أرسلت نسختها من المبادئ التوجيهية والقواعد الخاصة بملء سد النهضة». وأضافت أن مصر والسودان طلبتا تأجيل الاجتماع للتمكن من دراسة الخطوط التوجيهية والقواعد التي أبلغتها إثيوبيا. وذكر البيان أنه تم التوصل إلى اتفاق لاستئناف المفاوضات بمجرد أن يكمل البلدان النظر فيها. وأعلنت أنه تم تأجيل الاجتماع للانعقاد يوم الاثنين المقبل بناء على اقتراح الوفد المصري.
ويرعى الاتحاد الأفريقي منذ مطلع يوليو الماضي المفاوضات، على أمل الوصول إلى اتفاق نهائي ينهي النزاع المائي، الذي قارب عقدا من الزمان. ولم تفضِ عدة جولات من الاجتماعات إلى إحراز أي تقدم، إلا أن اجتماعاً لمكتب الاتحاد الأفريقي نهاية يوليو الماضي، بحضور زعماء الدول الثلاث، قرر استئناف المفاوضات مرة أخرى، واختزالها في قضايا السد، مستبعداً «إقحام أي موضوعات غير ذات صلة أو طموحات مستقبلية في عملية المفاوضات»، في إشارة إلى ملف تقاسم المياه، وهو ما تراجعت عنه إثيوبيا مؤخرا، ووصفه مراقبون مصريون باعتباره «مراوغات معتادة». من جهة أخرى، قال وزير الري المصري محمد عبد العاطي، إنه يجري التنسيق مع البنوك الوطنية والموردين والمزارعين لتوفير مكونات مشروع الري الحديث، في إطار خطة قومية لترشيد استهلاك المياه، تحسبا لأضرار السد الإثيوبي.
وذكرت الصفحة الرسمية لرئاسة مجلس الوزراء المصري على «فيسبوك»، أمس، أن عبد العاطي عقد اجتماعا مع القيادات التنفيذية بالوزارة ووكلاء الوزارة في المحافظات في ضوء متابعة الموقف المائي وتنفيذ المشروعات في المحافظات.
وأضافت: «وجه عبد العاطي قطاع تطوير الري بالتنسيق الكامل مع البنوك الوطنية والموردين والمزارعين لتوفير مكونات مشروع الري الحديث، وسرعة عقد اجتماع اللجنة التنسيقية المشتركة العليا بين وزارتي الري والزراعة لمناقشة واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لإزالة معوقات تنفيذ مشروع الانتقال من نظم الري بالغمر إلى نظم الري الحديث». وشدد وزير الري المصري خلال اجتماعه بقيادات الوزارة على ضرورة تحرير جميع الإنذارات للمزارعين المخالفين لنظم الري الحديث، وعرض تقرير أسبوعي بموقف تحرير الإنذارات ومردودها. بدورها، حثت جنوب أفريقيا التي تتولى رئاسة الاتحاد الأفريقي، الدول المتنازعة بشأن السدّ على «الاستمرار» في المفاوضات. وقالت وزيرة العلاقات الدولية بجنوب أفريقيا ناليدي باندور، أمس، إن المفاوضات تدخل «مرحلة حاسمة» و«نريد تشجيع» الأطراف «على التحلي بروح التضامن والأخوة الأفريقية».
وتابعت، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية «من المهم أن يظهر الطرفان التسامح والتفاهم المتبادل لدفع العملية قدما».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.