مسلمو إنجلترا... أحدث ضحايا «عنصرية كورونا»

مسلمون يخضعون لقياس درجة حرارتهم قبل دخولهم إلى مسجد بإنجلترا في 31 يوليو (أ.ب)
مسلمون يخضعون لقياس درجة حرارتهم قبل دخولهم إلى مسجد بإنجلترا في 31 يوليو (أ.ب)
TT

مسلمو إنجلترا... أحدث ضحايا «عنصرية كورونا»

مسلمون يخضعون لقياس درجة حرارتهم قبل دخولهم إلى مسجد بإنجلترا في 31 يوليو (أ.ب)
مسلمون يخضعون لقياس درجة حرارتهم قبل دخولهم إلى مسجد بإنجلترا في 31 يوليو (أ.ب)

منذ تفشي فيروس كورونا المستجد، نشر أصحاب نظرية المؤامرة شائعات عنصرية لا أساس لها من الصحة على الإنترنت، استهدفت الأقليات بشكل متكرر. وقد طالت الموجة الأخيرة من هذه الشائعات المسلمين في إنجلترا، حيث تم إلقاء اللوم عليهم في نشر الفيروس بالبلاد.
وبحسب شبكة «سي إن إن» الأميركية، فقد تفاجأ المسلمون الأسبوع الماضي، بعد إعلان حكومة المملكة المتحدة فجأة عن إغلاق محلي في عدد كبير من المناطق في شمال إنجلترا، مبررة ذلك بارتفاع حالات الإصابة بـ«كورونا». وقد جاء هذا الإعلان قبل ساعات من الاحتفال بعيد الأضحى المبارك.
وشملت المناطق التي تعرضت لقيود الإغلاق مانشستر الكبرى، وبيرنلي، وبلاكبيرن، وبرادفورد، وليستر، وجميعها تضم عدداً كبيراً من المسلمين وفقاً لمجلس مسلمي بريطانيا (MCB).
والقيود، التي نشرت في وقت متأخر مساء الخميس الماضي، منعت الأشخاص في المناطق المحددة من الخروج والاختلاط بغيرهم.
وانتقد سياسيون محليون وزعماء مسلمون توقيت الإعلان.
وقال ربناواز أكبر، عضو حزب العمال في مانشستر، لشبكة «سي إن إن»: «التوقيت ركز عقول الناس على المسلمين. الحكومة فعلت ذلك عشية العيد، مما دفع الناس إلى الاعتقاد بأن الجالية المسلمة هي السبب في نشر الفيروس».
وانتقد أكبر أيضاً كريغ ويتاكر، أحد أعضاء حزب المحافظين البريطاني، الذي صرح بأن الأقليات العرقية في إنجلترا لم تلتزم بالمبادئ التوجيهية الخاصة بالوباء.
وكان ويتاكر قد قال يوم الجمعة الماضي في مقابلة أجرتها معه إذاعة «إل بي سي» عندما سئل عن عمليات الإغلاق المحلية: «ما رأيته في دائرتي الانتخابية هو أن لدينا مناطق في مجتمعنا لا تأخذ الوباء على محمل الجد بما فيه الكفاية».
وبعد ذلك، سأله المذيع عما إذا كان يتحدث عن السكان المسلمين ليجيب ويتاكر: «بالطبع». وأضاف: «لقد كنت أتحدى قادتنا المحليين من أجل ضرورة إعلام الناس في تلك المناطق بأن أزمة الفيروس لا تزال خطيرة للغاية، حتى يأخذ الناس الأمر على محمل الجد. لن نتخلص من الوباء طالما هناك العديد من العائلات التي تعيش كأسرة واحدة».
وقوبلت تصريحات ويتاكر بموجة من الانتقادات وسُئل رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون عنها في مؤتمر صحافي يوم الجمعة، ليرد قائلاً: «الأمر متروك للحكومة للتأكد من أن الجميع يلتزم بالإرشادات».
ومن جهته، قال متحدث الحكومة في بيان لشبكة «سي إن إن»: «القرارات بشأن إغلاق مناطق بعينها تستند فقط إلى النصائح العلمية وأحدث البيانات. وحيث توجد حالات تفشي محلية، ستظل أولويتنا هي اتخاذ أي خطوات ضرورية لحماية الناس». وأضاف: «في المؤتمر الصحافي يوم الجمعة اعتذر رئيس الوزراء لجميع أولئك الذين لم يتمكنوا من الاحتفال بالعيد بالطريقة التي يرغبون بها، كما شكر أئمة المساجد على دورهم في إيصال الرسالة حول أهمية اتباع إرشادات السلامة للوقاية من الفيروس».
وتعليقاً على الأمر، قالت مؤسسة «TELL MAMA»، والمعنية بمراقبة الحوادث المعادية للمسلمين في المملكة المتحدة، في بيان: «إن التمييز والعنصرية تجاه مجتمع واحد بهذه الطريقة هو أمر خاطئ تماماً ووصمة غير مرغوب فيها».
ومن جهتها، قالت مديرة المؤسسة إيمان عطا لشبكة «سي إن إن»: «إن المتطرفين اليمينيين كانوا يلومون المسلمين على هذا الوباء منذ بداية إخضاع المملكة المتحدة لقيود الإغلاق في مارس (آذار). وتابعت: «منذ شهر مارس رأينا الكثير من نظريات المؤامرة تدور حولنا. كان اليمين المتطرف ينشر على الإنترنت صوراً قديمة لتجمعات المسلمين في المساجد ويدعي أنها التقطت حديثاً في حين أن المساجد كانت مغلقة في ذلك الوقت».
ومن جهته، قال المجلس الإسلامي البريطاني إن «ويتاكر يضع الأقليات (كبش فداء) ويريد تحميلها سبب تفشي الفيروس. إنه أمر غير مقبول تماماً، ويجب عليه أن يعتذر».
وقالت المتحدثة باسم المجلس، زينب غلامي: «في وقت سابق من عملية الإغلاق انتشرت نظريات مفادها أن المسلمين سيتجمعون سراً خلال شهر رمضان، وأن المساجد كانت مفتوحة سراً، ولم يكن أي من ذلك صحيحاً ولم يكن هناك دليل».
وأضافت غلامي أنها شعرت بخيبة أمل لأن جونسون وزملائه في حزب المحافظين قد فشلوا في إدانة تعليقات ويتاكر.
وكان جونسون قد سبق اتهامه بـ«رهاب الإسلام» أو ما يعرف بـ«الإسلاموفوبيا»، بسبب تصريحات أساء فيها للمنتقبات ووصفهن فيها بـ«صناديق البريد». إلا أنه اعتذر بعد ذلك عن هذه التصريحات قائلاً: «بالطبع أنا آسف على الإهانة التي سببتها تلك الكلمات»، مشيراً إلى أن الناس «اجتزأوا بعض العبارات» من مقالاته الصحافية وبالغوا فيها.
وبعد الجدل المثار ضده، قال ويتاكر إن أقواله استندت إلى بيانات من المسؤولين المحليين في مجلس مدينة كالديرديل في غرب يوركشاير، وقد رفض الاعتذار عن تصريحاته.
وتشير الأرقام إلى أن المملكة المتحدة أصبحت مكاناً أكثر عداء للمسلمين في السنوات الأخيرة، حيث استهدفت 52 في المائة من جرائم الكراهية الدينية المرتكبة في إنجلترا وويلز بين عامي 2017 و2018 المسلمين.
يذكر أن المملكة المتحدة سجلت 306293 إصابة بفيروس كورونا المستجد و46299 وفاة.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.