الخارجية المصرية تنسق مع «هيئة الانتخابات» لتسهيل اقتراع «الشيوخ»

تخصيص غرفة عمليات لمتابعة تصويت المغتربين

TT

الخارجية المصرية تنسق مع «هيئة الانتخابات» لتسهيل اقتراع «الشيوخ»

أعلنت الخارجية المصرية تشكيل غرفة عمليات بمقر الوزارة في العاصمة المصرية القاهرة، لمتابعة سير تصويت المصريين بالخارج في انتخابات «مجلس الشيوخ»، والتعامل مع أي صعوبات أو مشكلات تواجه البعثات في الخارج، ونقل أي شكاوى من المواطنين المصريين بالخارج لـ«الهيئة الوطنية للانتخابات» بمصر.
وكانت «الهيئة الوطنية للانتخابات» قد قررت إجراء تصويت للمصريين في الخارج من خلال البريد، لمنع حدوث تجمعات خلال عملية الاقتراع، حفاظاً على المصريين في الخارج، سواء كانوا مقيمين أو أعضاء في البعثات الدبلوماسية، من فيروس «كورونا» المستجد.
وتجرى عملية التصويت للمصريين في الخارج يومي 9 و10 أغسطس (آب) الجاري، بينما تجري عملية التصويت لانتخابات الإعادة للمصريين بالخارج في السادس من سبتمبر (أيلول) المقبل لمدة يومين.
وبحسب بيان لـ«الخارجية» المصرية على صفحتها الرسمية، أمس، فقد أكدت أن «الوزارة قامت بالتنسيق مع (هيئة الانتخابات) بنشر فيديو تعريفي على الصفحة الرسمية للوزارة، وعلى صفحات التواصل الاجتماعي للبعثات في الخارج، بالخطوات التي حددتها الهيئة لتصويت المصريين بالخارج، بداية من التسجيل على الموقع الرسمي للهيئة خلال الفترة الممتدة من 25 إلى 31 يوليو (تموز) الماضي، وحتى إرسال الخطاب عبر هيئات البريد الحكومية في مختلف الدول إلى البعثات الدبلوماسية».
وأضاف البيان موضحاً: «قامت بعثات الوزارة في الخارج بالتنسيق مع مؤسسات البريد الحكومية بالدول، لتسهيل وصول أوراق الاقتراع، واستمرار تلقي كافة الخطابات عبر البريد حتى 12 أغسطس الجاري، بما يتناسب والتوقيتات التي حددتها الهيئة، وفقاً للجدول الزمني والإجرائي لانتخابات (مجلس الشيوخ)».
وذكر بيان الخارجية أن «بعثات الوزارة في الخارج قامت بتشكيل لجان فرعية بالخارج في 140 مقراً انتخابياً بـ124 دولة».
وكانت «الهيئة الوطنية للانتخابات» في مصر قد استقبلت نهاية يوليو الماضي، بيانات المصريين المقيمين في الخارج، للإدلاء بأصواتهم في اقتراع «الشيوخ» عبر البريد، مؤكدة حينها أن «كل ناخب سجل على موقعها حصل على رقم تسجيل خاص به، وسيُتاح له في أول أيام الاقتراع للمصريين المقيمين بالخارج تحميل بطاقتي الاقتراع (فردي وقائمة) بواسطة رقم التسجيل، وبعد ذلك تتم طباعة بطاقتي الاقتراع، واختيار المرشحين، ويتم وضع بطاقتي الاقتراع في ظرف صغير، يُوضع مع المستندات الأخرى في ظرف كبير، ويتم إرسال الظرف الكبير مُغلقاً لضمان سرية التصويت إلى البعثة الدبلوماسية، عبر أحد مكاتب البريد الحكومية».
في سياق متصل، أعلن «المجلس القومي للمرأة» تخصيص غرفة عمليات وخط ساخن لتلقي شكاوى السيدات والفتيات خلال أيام انتخابات «مجلس الشيوخ»، بهدف تذليل العقبات التي قد تتعرض لها السيدات خلال مشاركتهن للإدلاء بأصواتهن، وذلك من خلال التواصل الدائم مع غرفة عمليات «مجلس الوزراء المصري»، وغرفة عمليات «الهيئة الوطنية للانتخابات». ومن المقرر أن تجرى عملية التصويت في الداخل المصري يومي 11 و12 من أغسطس الجاري، بينما تجرى انتخابات الإعادة بالداخل في الثامن والتاسع من سبتمبر المقبل، بينما تعلن النتائج النهائية في موعد أقصاه 16 سبتمبر المقبل.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.