رئيس الوزراء العراقي يزور ضريحي الإمامين الكاظم وأبي حنيفة

في إطار تحركات محلية تلقى ترحيباً شعبياً

TT

رئيس الوزراء العراقي يزور ضريحي الإمامين الكاظم وأبي حنيفة

زار رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، مساء الاثنين، ضريحي الإمامين؛ موسى بن جعفر الكاظم، وأبي حنيفة النعمان، في منطقتي الكاظمية والأعظمية.
تأتي الزيارة ضمن سلسلة خطوات ودبلوماسية محلية «ناعمة» يقوم بها الكاظمي لتعزز ثقة المواطنين بحكومته بعد نحو 3 أشهر من تسنّمها مهام عملها. وسبقت زيارة الكاظمي ضريحي الإمامين استقباله مجموعة من المواطنين الإيزيديين في الذكرى السادسة للمجزرة التي ارتكبها تنظيم «داعش» في سنجار عام 2014، وقبلها استقبل الفتى حامد سعيد الذي تعرض للعنف على يد عناصر من «قوات حفظ القانون».
وذكر بيان صدر عن مكتب الكاظمي أنه زار ضريح الإمام الكاظم «مبتهلاً إلى الباري عزّ وجل أن يحفظ العراق وشعبه، وأن ييسر من أمور البلاد، لما فيه صالح الأعمال وتمام الرضا من الله جلّ وعلا والنفس والناس».
كما زار الكاظمي، وفقاً للبيان، «ضريح الإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت؛ رضي الله عنه، في مدينة الأعظمية، وأدى مراسم الزيارة متضرعاً بالدعاء إلى العلّي القدير أن يحفظ العراق وشعبه، وأن يسبغ واسع رحمته على بلد الأنبياء والأوصياء».
كذلك زار الكاظمي «مقر (المجمع الفقهي العراقي)، والتقى بالمشايخ والعلماء فيه، وتداول معهم بالشأن العام؛ إذ أكد على دور العلماء والفقهاء ورجال الدين، لكل ما فيه خير العراقيين جميعاً، مثمناً جهدهم ودورهم في تعزيز السلام المجتمعي واستقرار البلاد».
ويعدّ «المجمع الفقهي العراقي» من بين أرفع المراجع الدينية للسنّة ويسترشد بفتاواه وتعليماته كثير من أبناء السنّة في العراق، كما أنه الجهة المخولة، حسب القانون، اختيار أسماء المرشحين لشغل منصب «رئاسة الوقف السني».
والتقى الكاظمي على هامش زيارته مدينة الكاظمية، الفقيه حسين إسماعيل الصدر، وهو من بين أبرز رجال الدين الشيعة في بغداد ومن عمداء أسرة آل الصدر.
ووجدت تحركات الكاظمي الأخيرة أصداءً طيبةً وترحيباً شعبياً بين أوساط العراقيين، بالنظر لطابعها الإنساني والوطني، كما تشير إلى ذلك أعداد غير قليلة من المثقفين والناشطين والمواطنين العاديين. ويشير عدد من المراقبين إلى أن زيارة الكاظمي ضريحي الإمامين تأتي ضمن مساعيه لتعزيز وحدة البلاد وترميم الانقسامات التي أحدثتها سنوات العنف الطائفي بعد 2003، خصوصاً مع الأهمية الدينية والاستثنائية التي تتمتع بها مدينة الكاظمية التي تضم رفات الإمام الكاظم وحفيده محمد الجواد لدى الشيعة، ومدينة الأعظمية التي تضم رفات الإمام أبي حنيفة النعمان للسنّة.
ويرى آخرون أن الكاظمي، القادم من خارج منظومة أحزاب الإسلام السياسي، يسعى من خلال الزيارة إلى تطمين مواطنيه بتعامله الإيجابي واحترامه منظومة الشعائر والقيم الدينية المحلية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».