اعتبرت مصادر سياسية مقربة من وزارة الأمن في تل أبيب، أن الغارات التي شنتها الطائرات والمدافع الإسرائيلية على عدة مواقع في سوريا «مقدمة لغارات شبيهة تنوي شنها على لبنان في حال قيام حزب الله بتنفيذ عمليات على الحدود». ونقل عن رئيس الحكومة البديل ووزير الأمن، بيني غانتس، أنه أصدر أوامر للجيش بمواصلة العمليات في سوريا والتصرف بالمثل، من الآن فصاعداً، و«الرد على عمليات لحزب الله من لبنان بغارات مماثلة تصيب البنية التحتية».
وقالت المصادر إن «غانتس يريد هدوء لفترة طويلة على الحدود الشمالية». ونقلت عن مصادر استخبارية قولها إن «السوريين لا يردون بشكل جدي على الضربات الإسرائيلية، بسبب الردع الإسرائيلي. فقد أطلقوا خلال الفترة منذ مطلع 2019 وحتى اليوم حوالي 1500 صاروخ على الطائرات الإسرائيلية التي نفذت غارات في سوريا، بلا نتيجة. وينبغي أن تنتقل هذه المعادلة إلى لبنان أيضاً».
وكانت إسرائيل، وعلى غير عادتها، صرحت ببيان رسمي عن غارات عديدة نفذتها في حوالي العاشرة وأربعين دقيقة من مساء الاثنين، على مواقع تابعة لقوات النظام السوري جنوبي سوريا. وقال بيان الجيش إن هذه الغارات تأتي رداً على محاولة لزرع عبوة ناسفة قرب المناطق الحدودية في الجولان. وتبين صباح أمس أن الحديث يجري عن عدة عبوات ناسفة تم زرعها على طول الحدود الجنوبية بين سوريا وبين الجولان السوري المحتل. وأكد الإسرائيليون رواية وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، من أن «الدفاعات الجوية السورية تصدت للطائرات الإسرائيلية»، لكنها أكدت أنه لم تقع أي إصابات في الجهة الإسرائيلية.
وقال السوريون إن القصف الإسرائيلي استهدف موقعي تل أحمر وتل الشعار العسكري في القنيطرة، وبلدة القحطانية في ريف القنيطرة، جنوبي سوريا، وسط تحليق مكثف للطائرات الحربية فوق القنيطرة والجولان. فيما قال الإسرائيليون إن «طائرات ومروحيات حربية شنت غارات على مواقع استطلاع ووسائل جمع المعلومات، بالإضافة إلى مدافع مضادة للطائرات ووسائل قيادة وسيطرة في قواعد تابعة للجيش السوري».
وتجاهل البيان الإسرائيلي ما قامت به طائرة حربية مجهولة، بقصف مواقع للميليشيات الموالية لإيران في ريف البوكمال شرقي سوريا، بحسب ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، مساء الاثنين.
وقد نشرت في تل أبيب معلومات أفادت بأن أفراد الخلية الأربعة الذين تمت تصفيتهم وهم يعدون العبوة الناسفة على الحدود، الأحد، هم متطوعون من العراق وأفغانستان في ميليشيا موالية لإيران، تعمل في سوريا تحت قيادة «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني، ممن «لديهم حساب دموي مع إسرائيل، إذ إن عشرات منهم استهدفوا في السنة الأخيرة في الغارات الإسرائيلية. وقد حاولوا، قبل تصفيتهم، الوصول إلى موقع للجيش الإسرائيلي عند الحدود، الذي يوجد فيه جنود أحياناً، من أجل وضع عبوات ناسفة يتم تفجيرها عندما يكون الموقع شاغلاً».
وحسب المحرر العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، ألكس فيشمان، فقد «كُشفت هنا نقطة ضعف في علاقات إسرائيل مع الروس في سوريا. فقد تعهدت روسيا لإسرائيل بألا يكون هناك وضع ينشط فيه إيرانيون أو موالون لإيران عند الحدود في الجولان. كما أن الروس نشروا قوات شرطة عسكرية في نقاط مركزية في شرقي الجولان، للإيفاء بهذا التعهد، ولكن هذا لم يمنع في الواقع تسلل أفراد الميليشيات ومقاتلين من حزب الله إلى المواقع السورية». وأضاف فيشمان، أن «الروس يعرفون أنهم يزودون البضاعة بشكل جزئي. وفي محاولة لإبعاد التأثير الإيراني عن الجيش السوري، حاول الروس مؤخراً إخراج هذه الميليشيات من الفرقة الخامسة السورية، المنتشرة في جنوب الدولة، وإحضار ميليشيات محلية داعمة للأسد مكانها. وليس مستبعداً، أن محاولة تنفيذ الهجوم الأخير هي رسالة إيرانية إلى إسرائيل والروس بأنه «لن يساعدكم شيء، لقد أصبحنا هنا».
وكتب المحرر العسكري في صحيفة «يسرائيل هيوم»، يوآف ليمور، قائلاً: «يوجد لدى إسرائيل عنوان لجباية الثمن منه في سوريا، هو النظام السوري. وهذا يجعل حياة الجيش الإسرائيلي أسهل من الوضع في لبنان. فهذا العدو ضعيف ويهدد أقل بكثير من ذلك الماثل في الجانب الآخر من الحدود اللبنانية (حزب الله). كما أن أفراد الخلية في الجولان ليسوا محترفين، إذ إن طريقة مشيهم لم تكن عسكرية، ووصلوا مكشوفين نجو الجدار، وعادوا منتصبي القامة، كما لو أنهم عائدون من حفلة، أو كأنهم شبان صغار في إجازة، وليس خلية مسلحة مدربة، تسير في طريقها لتنفيذ هجوم».
وقال ليمور: «بإمكان إسرائيل أن تتشجع من أمرين آخرين: الأول هو أن إيران تبحث عن انتقام صغير وتكتيكي، على التفجيرات الواقعة على أراضيها، حتى لا تنجر إلى تصعيد كبير مع إسرائيل.
والثاني هو أن قدرات إيران العملانية في سوريا محدودة جدا، وتواجه صعوبة بتنفيذ هجمات محلية بسيطة. ولذلك فإن التحدي المركزي أمام الجيش الإسرائيلي كان وما زال عند الحدود اللبنانية، حيث تتواصل حالة الاستنفار وتبلغ ذروتها بانتظار انتقام حزب الله».
وأما المحرر العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، فقال إنه «إذا اتضح أن الإيرانيين يقفون وراء محاولة الهجوم في جنوب الجولان، فإنه يبدو أن هذا رد فعل آخر على سلسلة الهجمات الجوية المنسوبة لإسرائيل في السنوات الأخيرة ضد أهداف إيرانية في سوريا. ويبدو أن الخطوات الإيرانية في الجولان ليست منسقة بالضرورة مع حزب الله. وهذا يعني أن حساب حزب الله مع إسرائيل، بعد موت الناشط في الحزب علي كمال محسن قبل أسبوعين بهجوم منسوب لإسرائيل في مطار دمشق، ما زال مفتوحا».
وأكدت القيادة العسكرية الإسرائيلية، أمس، أن حالة التأهب التي أعلنت عنها قيادة اللواء الشمالي في الجيش الإسرائيلي، مستمرة، تحسبا لعملية من حزب الله. وتطرق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى الأحداث، خلال جلسة لكتلة الليكود البرلمانية، أمس، فقال: «بالأمس، أحبط الجيش الإسرائيلي محاولة تخريب على الجبهة السورية ورد أيضاً على إطلاق نار معاد من قطاع غزة. وبالطبع، المسألة مع لبنان هي أيضاً لا تزال مفتوحة. سنضرب أي شخص يحاول ضربنا».
تل أبيب تعتبر القصف في سوريا «مقدمة لغارات على لبنان»
تل أبيب تعتبر القصف في سوريا «مقدمة لغارات على لبنان»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة