«كورونا» يعصف بدخل زوجين معوّقين يصنعان الدمى في غزة

الزوجان نهاد وزينب خلال عملهما بحياكة الدمى في غزة (أ.ف.ب)
الزوجان نهاد وزينب خلال عملهما بحياكة الدمى في غزة (أ.ف.ب)
TT

«كورونا» يعصف بدخل زوجين معوّقين يصنعان الدمى في غزة

الزوجان نهاد وزينب خلال عملهما بحياكة الدمى في غزة (أ.ف.ب)
الزوجان نهاد وزينب خلال عملهما بحياكة الدمى في غزة (أ.ف.ب)

بأصابع ماهرة، يحيك نهاد وزينب الدمى والأزياء الملونة، وحتى وقت قريب كان بمقدور الزوجين المعوّقين حركياً بيع هذه الدمى، لكن جائحة «كوفيد - 19» أثّرت سلباً على وضعهما المالي.
ويشكّل كسب قوت العيش تحدياً كبيراً لسكان قطاع غزة الفلسطيني الذي تحاصره إسرائيل ويخضع لسيطرة حركة «حماس»، في ظل نسبة بطالة تخطت 50%، وفق أرقام رسمية.
إلا أن التحدي أكبر أمام نهاد جربوع (37 عاماً) الذي يعاني إعاقة جسديّة منذ الطفولة، وزوجته زينب (35 عاماً) التي بُترت قدماها قبل خمس سنوات إثر إصابتها بمرض نادر بعد ولادة طفلها الثاني.
وقد حوّل الزوجان المُقعدان منزلهما الصغير في وسط مخيم رفح للاجئين في جنوب قطاع غزة، مشغلاً لحياكة الدمى من القماش المحشو بالقطن، والأزياء الفخمة والملونة المستوحاة من شخصيات كرتونية.
يشرح الرجل ذو اللحية المشذبة لوكالة الصحافة الفرنسية: «كنا نبيع ما بين 20 و30 دمية شهرياً مقابل 10 شيكلات للدمية الواحدة (نحو ثلاثة دولارات)»، قبل الأزمة الصحية الراهنة. ويوضح: «لدينا فرقة مهرجين يطلق عليها اسم (دباديب)، نقيم حفلة شهرياً في روضة أو مؤسسة مقابل 20 شيكلاً»، لكن «كل شيء توقف بسبب (كورونا)».
لم يتأثر القطاع الذي يسكنه نحو مليوني شخص، كباقي الأراضي الفلسطينية بفيروس «كورونا» المستجد، إذ سجلت وزارة الصحة 78 إصابة وحالة وفاة واحدة في القطاع. بينما سُجلت في الضفة الغربية 12692 إصابة و83 حالة وفاة.
في مارس (آذار) الماضي، فرضت «حماس» إجراءات مشددة بإغلاق معبري رفح الحدودي مع مصر، وبيت حانون (إيريز) الذي يفصل القطاع عن إسرائيل. كما أغلقت قاعات حفلات الزفاف والمدارس والمساجد ومنعت التجمعات للحد من تفشي الوباء.
لكن رغم تخفيف هذه الإجراءات قبل أسابيع، لم يتلقَّ جربوع سوى طلبين لإقامة حفلات مهرجين.
ولم يأتِ سوى عدد قليل من الزبائن لمنزله لشراء الدمى بأسعارها الزهيدة منذ بداية تفشي الفيروس. ويقول جربوع: «البيع حالياً ضعيف جداً بسبب الوضع الاقتصادي المتردي مع ظهور وباء (كورونا)».
ويتلقى أحياناً طلبات من بعض الزبائن عبر حسابه على «فيسبوك»، لصناعة دمية أو أزياء مهرجين ملونة.
تجلس زينب على كرسيها المتحرك وهي تجهز إبريق شاي على موقد نار بجانب سريرها.
وتقول بشيء من التحدي «مع تفشي فيروس (كورونا) الوضع أصبح صعباً جداً، لكن لن نستسلم».
ولدى زينب ونهاد طفلان، فتاة في السابعة من العمر وفتى في الخامسة.
وتعاني المرأة في ترتيب وتنظيف منزلها المسقوف بالقرميد والمكون من غرفة واحدة، إذ تضع أدواتها لصناعة الدمى والأزياء في خزانة خشبية صغيرة تخزّن فيها أيضاً أواني الطهي البسيطة، وإلى جانبها حمام صغير. وتضيف: «لديّ إرادة تحدٍّ، أريد أن أربّي الأطفال ليعيشوا حياة كريمة، نحتاج إلى مصدر رزق ومنزل صالح للعيش، حالياً الأوضاع ازدادت سوءاً».
عائلة جربوع التي تتحدر من قرية بير سالم قرب الرملة، تتلقى مساعدات تموينية من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، غير أن «هذه المساعدات لا تكفي لتوفير الطعام»، حسب زينب.
ويشكّل اللاجئون نحو ثلثي سكان القطاع الفقير والذي تحاصره إسرائيل منذ ما يزيد على عقد.
ويعاني القطاع أزمات عديدة، إذ تجاوزت نسبة الفقر فيه 53%، وفق الخبير الاقتصادي ماهر الطباع.
ويؤكد الطباع المسؤول في غرفة تجارة وصناعة غزة، أن «80% من سكان القطاع يعتمدون على المساعدات الغذائية»، لافتاً إلى أن «أزمة (كورونا) عمّقت الأزمات الاقتصادية في القطاع وأوقفت عجلة الاقتصاد». ويحذّر من زيادة معدلات البطالة والفقر.
وقد فاقم إغلاق المعابر الحدودية في القطاع منذ مارس الماضي بشكل شبه كلي، من صعوبة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، حسب الطباع.


مقالات ذات صلة

صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )

فيلم «الحريفة 2» يراهن على نجاح الجزء الأول بشباك التذاكر

جانب من العرض الخاص للفيلم بالقاهرة (الشركة المنتجة)
جانب من العرض الخاص للفيلم بالقاهرة (الشركة المنتجة)
TT

فيلم «الحريفة 2» يراهن على نجاح الجزء الأول بشباك التذاكر

جانب من العرض الخاص للفيلم بالقاهرة (الشركة المنتجة)
جانب من العرض الخاص للفيلم بالقاهرة (الشركة المنتجة)

استقبلت دور العرض السينمائية في مصر فيلم «الحريفة 2: الريمونتادا» ليسجل الفيلم سابقة تاريخية بالسينما المصرية؛ لكونه أول فيلم مصري يعرض جزأين في الصالات السينمائية خلال عام واحد، بعدما طرح جزأه الأول مطلع العام الجاري، وحقق إيرادات كبيرة تجاوزت 78 مليون جنيه (الدولار يساوي 49.75 جنيه مصري في البنوك) بدور العرض.

واحتفل صناع الجزء الثاني من الفيلم بإقامة عرض خاص في القاهرة مساء (الثلاثاء)، قبل أن يغادروا لمشاهدة الفيلم مع الجمهور السعودي في جدة مساء (الأربعاء).

الجزء الثاني الذي يخوض من خلاله المونتير كريم سعد تجربته الإخراجية الأولى كتبه إياد صالح، ويقوم ببطولته فريق عمل الجزء الأول نفسه، نور النبوي، وأحمد بحر (كزبرة)، ونور إيهاب، وأحمد غزي، وخالد الذهبي.

إياد صالح ونور النبوي في العرض الخاص لفيلم «الحريفة 2» (الشركة المنتجة)

تنطلق أحداث الجزء الثاني من الفيلم حول العلاقة بين فرقة «الحريفة» مع انتقالهم من المدرسة الثانوية إلى الجامعة وحصولهم على منحة دعم للدراسة في فرع إحدى الجامعات الأجنبية بمصر، بالإضافة لشراكتهم سوياً في امتلاك وإدارة ملعب لكرة القدم بمبلغ المليون جنيه الذي حصلوا عليه بعد فوزهم بالبطولة في نهاية الجزء الأول.

وعلى مدار نحو ساعتين، نشاهد علاقات متشابكة ومواقف متعددة يتعرض لها الأبطال في حياتهم الجديدة، ما بين قصص حب ومواقف صدام في الجامعة؛ نتيجة تباين خلفياتهم الاجتماعية عن زملائهم، بالإضافة إلى الخلافات التي تنشأ بينهم لأسباب مختلفة، مع سعي كل منهما لتحقيق حلمه.

وفيما يواجه ماجد (نور النبوي) مشكلة تعيق حلمه بالاحتراف في الخارج بعدما يقترب من الخطوة، يظهر العديد من المشاهير في الأحداث بشخصياتهم الحقيقية أو كضيوف شرف بأدوار مؤثرة في الأحداث، منهم آسر ياسين الذي ظهر بشخصية رئيس الجامعة، وأحمد فهمي الذي ظهر ضيف شرف باسمه الحقيقي مع فريق الكرة الخماسية الذي يلعب معه باستمرار في الحقيقة، ومنهم منتج العمل طارق الجنايني.

إياد صالح مع أبطال الفيلم في الكواليس (الشرق الأوسط)

يقول مؤلف الفيلم إياد صالح لـ«الشرق الأوسط» إنهم عملوا على الجزء الجديد بعد أول أسبوع من طرح الفيلم بالصالات السينمائية لنحو 11 شهراً تقريباً ما بين تحضير وكتابة وتصوير، فيما ساعدهم عدم وجود ارتباطات لدى الممثلين على سرعة إنجاز الجزء الثاني وخروجه للنور، مشيراً إلى أن «شخصيات ضيوف الشرف لم يفكر في أبطالها إلا بعد الانتهاء من كتابة العمل».

وأضاف أنه «حرص على استكمال فكرة الفيلم التي تعتمد على إبراز أهمية الرياضة في المرحلة العمرية للأبطال، بالإضافة لأهمية الأصدقاء والأسرة ودورهما في المساعدة على تجاوز الصعوبات»، مشيراً إلى أن «إسناد مهمة إخراج الجزء الثاني للمخرج كريم سعد الذي عمل على مونتاج الجزء الأول جعل صناع العمل لا يشعرون بالقلق؛ لكونه شارك بصناعة الجزء الأول، ولديه فكرة كاملة عن صناعة العمل».

من جهته، يرى الناقد المصري محمد عبد الرحمن أن «الجزء الجديد جاء أقل في المستوى الفني من الجزء الأول، رغم سقف التوقعات المرتفع»، ورغم ذلك يقول إن «العمل لم يفقد جاذبيته الجماهيرية في ظل وجود اهتمام بمشاهدته ومتابعة رحلة أبطاله».

إياد صالح مؤلف الفيلم مع عدد من أبطاله (الشركة المنتجة)

وأضاف عبد الرحمن في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الأحداث شهدت محاولات لمد الدراما من أجل إتاحة الفرصة لاستكمال الفريق نفسه المشوار سوياً، مما أظهر بعض السياقات التي لم تكن مقنعة درامياً خلال الأحداث، وبشكل ترك أثراً على الاستفادة من وجود أسماء عدة ضيوف شرف».

ويدافع إياد صالح عن التغيرات التي طرأت على الأحداث باعتبارها نتيجة طبيعية لانتقال الأبطال من مرحلة الدراسة الثانوية إلى مرحلة الجامعة، بالإضافة إلى انتهاء التعريف بالأشخاص وخلفياتهم التي جاءت في الجزء الأول، وظهورهم جميعاً من أول مشهد في الجزء الثاني، لافتاً إلى أن «فكرة الجزء الثاني كانت موجودة من قبل عرض الفيلم».

وأوضح في ختام حديثه أن لديه أفكاراً يمكن أن تجعل هناك أجزاء جديدة من الفيلم ولا يتوقف عند الجزء الثاني فحسب، لكن الأمر سيكون رهن عدة اعتبارات، من بينها رد الفعل الجماهيري، واستقبال الجزء الثاني، والظروف الإنتاجية، ومدى إمكانية تنفيذ جزء جديد قريباً في ظل ارتباطات الممثلين، وغيرها من الأمور، مؤكداً أن «اهتمامه في الوقت الحالي يتركز على متابعة ردود الفعل».