استمرار احتجاجات المعلمين الأردنيين وسط صمت حكومي

TT

استمرار احتجاجات المعلمين الأردنيين وسط صمت حكومي

عاد المعلمون الأردنيون لتنفيذ اعتصامات حاشدة في عدد من المحافظات، في سلسلة خطوات تصعيدية للمطالبة بإلغاء قرار إغلاق نقابتهم، والإفراج عن أعضاء مجلس النقابة ورؤساء الفروع.
وانطلقت مسيرات حاشدة في محافظات المفرق ومادبا وجرش ومعان والكرك، وطالبت برحيل حكومة عمر الرزاز والإفراج عن المعتقلين، وسط هتافات انتقدت الأوضاع المعيشية للمواطنين.
وفِي تطور لاحق، نفذت الأجهزة المعنية مع ساعات فجر الاثنين، حملة اعتقالات لرؤساء فروع نقابة المعلمين في المحافظات، ونشطاء منهم، بحسب ما أكدت مصادر من نقابة المعلمين إلى «الشرق الأوسط». وفيما احتشد المئات في مسيرات غاضبة في عدة محافظات، هددت هتافات بنقل الوقفات الاحتجاجية إلى منطقة الدوار الرابع بالقرب من مقر الحكومة، وسط تفاعل عريض من جمهور مواقع التواصل الاجتماعي الذي دشن حملات تأييد حملت وسوماً مختلفة، وذلك في أعقاب الأنباء التي تحدثت عن نقل نائب نقيب المعلمين ناصر النواصرة إلى المستشفى في حالة صحية حرجة، بعد استمراره في تنفيذ إضراب عن الطعام.
وفيما استغرب متابعون الصمت الحكومي وعدم التعليق على اعتقال مجلس نقابة المعلمين وإغلاق نقابتهم، ألمحت مصادر رسمية، لـ«الشرق الأوسط»، إلى تطبيق القرار الصادر عن قانون الدفاع بمنع التجمعات والوقفات الاحتجاجية، بذريعة الإجراءات الوقائية الخاصة بمواجهة تفشي وباء كورونا المستجد في البلاد.
وكان المئات من المعلمين الأردنيين قد نفذوا في وقت متأخر من ليلة السبت الماضي، اعتصاما حاشدا أمام مجمع النقابات المهنية في محافظة إربد (80كم) شمال العاصمة عمان، ومحافظة الكرك (100كم) جنوب العاصمة، وذلك بالتزامن مع قرار المدعي العام بتجديد توقيف نائب نقيب المعلمين ومجلس النقابة لأسبوع آخر في مراكز الإصلاح والتأهيل.
ويطالب المعلمون بإلغاء قرار إغلاق نقابتهم وفروع النقابة في المحافظات لمدة عامين، والإفراج الفوري عن نائب النقيب ومجلس النقابة ورؤساء بعض فروع النقابة في المحافظات الذين اعتقلوا السبت الماضي، على خلفية اتهامات وجهها النائب العام الأردني في عدد من القضايا الجزائية بحق مجلس نقابة المعلمين.
كان المركز الوطني لحقوق الإنسان أصدر بياناً دعا فيه إلى «التمسك بمبدأ سيادة القانون وعدم التوسع باستخدام النصوص الفضفاضة لاتخاذ قرارات عقابية دون محاكمة عادلة ودون الرجوع إلى القضاء المختص».
وأكد المركز الذي يترأسه قيادي سابق في صفوف جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي رحيل غرايبة، أن النيابة العامة وإن كانت جزءاً من القضاء فإنها تمارس دورها بوصفها خصماً عادلاً في هذه القضية، ولذلك «لا بد من حصر صلاحيات النائب العام بالتدابير اللازمة لاكتمال عملية التحقيق في أضيق الحدود والمدد الزمنية التي تتطلبها طبيعة التحقيق».
وتتهم أوساط رسمية أردنية جماعة الإخوان المسلمين (غير المرخصة) وذراعها حزب جبهة العمل الإسلامي، بالتأثير على قرارات مجلس النقابة وأعضائها، بعد سيطرتها على أغلبية مقاعد المجلس في الانتخابات التي جرت في صيف عام 2019، في حين أصدرت الجماعة بياناً على لسان المراقب العام عبد الحميد ذنيبات «رحبت فيه بالوساطة للحوار بين الحكومة والنقابة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.