بديل لوزير الخارجية اللبناني بعد ساعات على استقالته

تنحى لـ «تعذر أداء مهامه»... والمعارضة ترحّب

وزير الخارجية اللبناني الجديد شربل وهبة مع الرئيس عون ورئيس الوزراء دياب (الرئاسة اللبنانية)
وزير الخارجية اللبناني الجديد شربل وهبة مع الرئيس عون ورئيس الوزراء دياب (الرئاسة اللبنانية)
TT

بديل لوزير الخارجية اللبناني بعد ساعات على استقالته

وزير الخارجية اللبناني الجديد شربل وهبة مع الرئيس عون ورئيس الوزراء دياب (الرئاسة اللبنانية)
وزير الخارجية اللبناني الجديد شربل وهبة مع الرئيس عون ورئيس الوزراء دياب (الرئاسة اللبنانية)

لم تمضِ ساعات على استقالة وزير الخارجية في الحكومة اللبنانية ناصيف حتّي، من موقعه، حتى وقع الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب مرسوم قبول استقالة حتّي ومرسوم تعيين السفير شربل وهبة وزيراً للخارجية والمغتربين.
وانكبت السلطات اللبنانية على التباحث لاختيار وزير للخارجية، خلفاً للوزير ناصيف حتّي الذي استقال من موقعه، أمس؛ «لتعذّر أداء مهامه»، وفي «غياب إرادة فاعلة في تحقيق الإصلاح الهيكلي الشامل المطلوب»، كما جاء في بيان الاستقالة في أول تحدٍّ يواجه الحكومة اللبنانية من داخلها، إثر تراكم الأزمات والفشل في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة من قبل المجتمع الدولي، وتدهور علاقات لبنان الدبلوماسية مع دول شقيقة، وهو ما حال دون قيام رئيسها بأي زيارة خارجية.
وعقد عون ودياب، صباح أمس، اجتماعاً للتباحث في استقالة وزير الخارجية والخطوات التالية، وسط تعهد من الرئيسين بمواصلة التشاور لمعالجة مسألة الاستقالة، وذلك بعد وقت قصير على زيارة حتّي رئيس الحكومة الذي قَبل الاستقالة فوراً، وباشر اتصالاته ودرس الخيارات لتعيين وزير جديد.
وقال حتّي في بيان استقالته بعد تقديمها لدياب، إنه حمل «آمالاً كبيرة بالتغيير والإصلاح، لكن الواقع أجهض جنين الأمل في صنع بدايات واعدة من رحم النهايات الصادمة»، مؤكداً «لم ولن أساوم على مبادئي وقناعاتي وضميري، من أجل أي مركز أو سلطة». وتابع حتّي «لبنان اليوم ليس لبنان الذي أحببناه وأردناه منارة ونموذجاً، لبنان اليوم ينزلق للتحول إلى دولة فاشلة لا سمح الله، وإنني أسائل نفسي كما الكثيرين، كم تلكأنا في حماية هذا الوطن العزيز وفي حماية وصيانة أمنه المجتمعي»، مضيفاً «بعد التفكير ومصارحة الذات، ولتعذّر أداء مهامي في هذه الظروف التاريخية المصيرية؛ ونظراً لغياب رؤية للبنان الذي أؤمن به وطناً حراً مستقلاً فاعلاً ومشعاً في بيئته العربية وفي العالم، وفي غياب إرادة فاعلة في تحقيق الإصلاح الهيكلي الشامل المطلوب الذي يطالب به مجتمعنا الوطني ويدعونا المجتمع الدولي للقيام به، قررت الاستقالة من مهامي كوزير للخارجية والمغتربين، متمنياً للحكومة وللقيمين على إدارة الدولة التوفيق وإعادة النظر في الكثير من السياسات والممارسات، من أجل إيلاء المواطن والوطن الأولوية على كافة الاعتبارات والتباينات والانقسامات والخصوصيات».
ورأى حتّي «أن المطلوب في عملية بناء الدولة، عقول خلاقة ورؤيا واضحة ونوايا صادقة، وثقافة مؤسسات وسيادة دولة القانون والمساءلة والشفافية، إن الأسباب التي دعتني إلى الاستقالة هي ما تقدمت بشرحها، على أنه تم تناقل بعض التأويلات والتحليلات، وكذلك بعض التفسيرات التبسيطية السطحية عبر بعض وسائل الإعلام التي لا تلزم سوى أصحابها، وكلّها أمور لم أتوقف عندها طيلة حياتي المهنية؛ إذ يبقى الأساس كوزير للخارجية الحفاظ على مصالح البلد وتعزيز وتحصين علاقاته الخارجية وتحسيس المجتمع الدولي كذلك العربي، بأهمية تدعيم الاستقرار في لبنان». وختم بيانه بالقول «شاركت في هذه الحكومة من منطلق العمل عند رب عمل واحد اسمه لبنان، فوجدت في بلدي أرباب عمل ومصالح متناقضة، إن لم يجتمعوا حول مصلحة الشعب اللبناني وإنقاذه، فإن المركب لا سمح الله سيغرق بالجميع».
وغادر حتّي الخارجية بعد أن ودّع موظفيها، وقال لدى خروجه «استقالتي ليست مرتبطة بأي عامل خارجي، بل أسبابها داخلية صرف». ورداً على سؤال عما إذا كان النائب جبران باسيل يقيّد عمله، قال حتّي «هذا كلام غير مقبول».
وحاول «التيار الوطني الحر» البناء على الاستقالة للتأكيد أن لا وزراء للتيار في الحكومة. وقالت نائبة رئيس التيار الوطني الحر مي خريش عبر «تويتر»، «استقال ناصيف حتّي من دون عِلم جبران باسيل أو التنسيق معه... كل ما يُشاع عن خلاف ذلك هو محض افتراء».
وتوالت مواقف سياسية مرحبة باستقالة حتّي من قبل معارضي الحكومة، حيث سأل الوزير السابق أكرم شهيب «ماذا بقي من حكومة متحف الشمع» التي وُلِدت ميتة بمصير معروف، وإدارة من السلطان المتسلّط والمتمرّس بإبرام الصفقات، من سلعاتا إلى بسري؟». واعتبر عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب مروان حمادة، أن حتّي «انتفض على الجثة الحكومية القائمة، وعاد إلى صفوف الشعب والثورة، مؤمناً بلبنان الحر المستقل الديمقراطي العربي»، مضيفاً «لا تبحثوا عن بديل... غادروا جميعكم إلى منازلكم». ورأى الوزير السابق ريشارد قيومجيان، أن «كل وزير يشعر بالعجز وبمصادرة قراره. عليه أن يستقيل». وأضاف، أن «‏ملفات الدفاع والخارجية والإنقاذ المالي الاقتصادي وشبكة الأمان الاجتماعي، خير مثال. أصلاً على كل هذه السلطة الحاكمة الرحيل؛ لأنها باتت عنواناً للفشل والتخبط في معالجة كل الأزمات الحالية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.