تل أبيب تستهدف «خلية» في الجولان... وأنباء عن تبعيتها لـ«حزب الله»

TT

تل أبيب تستهدف «خلية» في الجولان... وأنباء عن تبعيتها لـ«حزب الله»

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين، أنه استهدف مجموعة مكونة من 4 مسلحين كانت تعمل على زرع عبوات ناسفة على سياج أمني عند الحدود مع سوريا، في وقت تتعرض فيه لانتقادات بسبب «مسايرتها حزب الله».
وفي مواجهة الانتقادات الواسعة في إسرائيل لما تسمى «مسايرة حزب الله»، عندما امتنع الجيش عن تصفية خلية حاولت تنفيذ عملية في معسكر الجيش الإسرائيلي بمزارع شبعا، وعندما امتنع عن التصريح بأن الخلية التي قتلت الليلة قبل الماضية في الجولان كانت تابعة للحزب، والاتهام بأن «الجيش الإسرائيلي يمنح (حزب الله) مدى واسعا للمناورة بشكل يخلخل ميزان الردع»، أعلنت مصادر عسكرية وسياسية رفيعة، في الجيش ووزارة الأمن، أن تصرفاتها تدخل في باب «الوصول إلى حرب فقط بعد استنفاد كل السبل لمنعها».
وقالت هذه المصادر خلال إجازة صحافية للمراسلين العسكريين، نشرت الاثنين في الصحف العبرية، إن «الجيش الإسرائيلي جاهز للحرب في كل لحظة، ولكنه بدافع الحرص على حياة جنوده ومواطنيه يعمل كل ما في وسعه لمنع الحرب». وأضافت محذرة: «لكن هذا لا يعني أن صبرنا لن ينفد. فإذا لم يفهم (حزب الله) وقادته في إيران هذه الرسالة فسنكون مضطرين للتصرف بشكل يجعلهم نادمين».
وكان الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي قد أعلن فجر الاثنين أن قواته أحبطت ليل الأحد - الاثنين، محاولة لزرع عبوات ناسفة في الجولان. وقال بيان مُقتضب صدر عنه: «قامت قوة خاصة نفذت كميناً في منطقة جنوب هضبة الجولان بالقرب من موقع عسكري برصد خلية تضم عدداً من المخربين وهي تزرع العبوات الناسفة بالقرب من السياح الحدودي. فقامت القوة العسكرية إلى جانب طائرة عسكرية بفتح نيرانها نحو الخلية المكونة من 4 مخربين وأصابتهم». وحمّل بيان الجيش النظام السوري مسؤولية هذه العملية وكل عمل ينطلق من أراضيه، وحذر: «لن يسمح بالمساس بسيادة دولة إسرائيل».
وقال الناطق، في بيان آخر، صباح أمس الاثنين، إنه «لا رابطَ مباشراً بين الخلية وبين إعلان (حزب الله) نيته شن عمليّة ضد إسرائيل، لكن لا نستبعد ذلك».
وقالت مصادر إسرائيلية إن «هذه الخلية تابعة بالتأكيد لـ(حزب الله) اللبناني، الذي يحاول تحويل هضبة الجولان السورية جبهة حرب مع إسرائيل». ولكن الجيش يمتنع عن الإشارة إلى «الحزب» «لعله يفهم الرسالة ويكف عن نيته تنفيذ عملية ضدنا انتقاماً لمقتل قائده الميداني علي كامل محسن في غارة إسرائيلية على دمشق قبل أسبوعين». وأكدت المصادر أن «(حزب الله) حاول الانتقام بعملية اقتحام لموقع إسرائيلي في جبل روس، قرب مزارع شبعا، فقام الجيش الإسرائيلي بإطلاق (رصاص تهجيج) وتعمد ألا يقتل أفراد الخلية الأربعة، حتى يشعر (حزب الله) بإنجاز ما يظهره كمن نفذ عملية انتقام. واليوم امتنع الجيش عن اتهام (حزب الله) بعملية الجولان حتى يتيح له التملص من الفشل. فإذا لم يفهم الرسالة الإسرائيلية، فإن النتيجة ستكون تدهوراً نحو حرب سيدفع ثمنها لبنان كله وليس مناطق الجنوب وحدها».
وكان خبراء عسكريون في وسائل الإعلام الإسرائيلية وعدد من الجنرالات السابقين قد انتقدوا الجيش الإسرائيلي ووزير الأمن، بيني غانتس، على هذه السياسة، وعدّوا أنها توصل رسالة خاطئة لـ«حزب الله» تجعله يعتقد أن إسرائيل تخشى من محاربته. وكما قال ألون بن ديفيد في «معاريف» فإن «كثيراً من الجنرالات يحذرون من أن إسرائيل تضيع فرصة ترهل أوضاع (حزب الله) في لبنان وأزمته السياسية في الحكم وأزمته المالية وما يسببه للبنان من عناء، وتشجعه بذلك على المضي قدماً في مشروعه لتثبيت وجوده في سوريا عموماً وفي المنطقة الشرقية من الجولان». ونقل المعلق العسكري، طال ليف رام، في الصحيفة نفسها انتقادات جنرالات بأن «السماح بعودة مخربين إلى بيوتهم بسلام بعد محاولة تنفيذ عملية ضد إسرائيل يبث رسائل ضعف ويحدث خللاً في ميزان الرعب والردع ستدفع إسرائيل ثمنه باهظاً عندما تتدهور الأمور لحرب».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.