تقرير: تركيا «تحرق» الاحتياطيات من أجل انتعاش اقتصادي سريع

خبراء حذروا من تكرار أزمة التضخم في ظل انهيار السياحة وانسحاب المستثمرين

أشخاص ينتظرون لتغيير العملة في محل صرافة بإسطنبول (أ.ف.ب)
أشخاص ينتظرون لتغيير العملة في محل صرافة بإسطنبول (أ.ف.ب)
TT

تقرير: تركيا «تحرق» الاحتياطيات من أجل انتعاش اقتصادي سريع

أشخاص ينتظرون لتغيير العملة في محل صرافة بإسطنبول (أ.ف.ب)
أشخاص ينتظرون لتغيير العملة في محل صرافة بإسطنبول (أ.ف.ب)

قال تقرير صحافي إن الاقتصاد التركي، وخاصة القطاع السياحي تضرر بشدة في الفترة الأخيرة نتيجة تفشي فيروس كورونا المستجد رغم إصرار أنقرة المستمر على بعث رسائل متفائلة بشأن وضع البلاد الاقتصادي.
وفي حديثه الشهر الماضي، أشاد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بالانخفاض الحاد في أسعار الفائدة، وأشاد بالتدابير المتخذة لمنع الهجمات «الخبيثة» على الليرة التركية. وقال إن مثل هذه الخطوات «تقوي جهاز المناعة في اقتصادنا ضد الاضطراب العالمي».
وبحسب تقرير لصحيفة «فاينانشيال تايمز» فإن هذه التصريحات تتعارض مع نظرة معظم الخبراء الاقتصاديين للأحوال التركية.
وأكد التقرير أن الانهيار في قطاع السياحة نتيجة لتفشي وباء كورونا ترك فجوة كبيرة في الشؤون المالية للبلاد، مشيراً إلى أن المستثمرين الأجانب فروا وسحبوا ما يقرب من 13 مليار دولار من سندات وأسهم العملة المحلية للبلاد خلال الأشهر الـ12 الماضية.
وأضاف التقرير أن أنقرة «أحرقت» عشرات المليارات من الدولارات من الاحتياطيات هذا العام في محاولة للحفاظ على استقرار العملة. ولكن، رغم ذلك، انخفضت الليرة الأسبوع الماضي انخفاضاً قياسياً مقابل الدولار.
ويقول روبين بروكس، كبير الاقتصاديين في معهد التمويل الدولي، إن تركيا تعاني من عجز كبير في الحساب الجاري، وتنفق المليارات على محاولة الحفاظ على عملتها ثابتة، وضخ الاقتصاد بائتمان رخيص، وهو نفس التكتيك الذي أثار أزمة ضخمة قبل عامين فقط عندما فقدت الليرة ما يقرب من 30 في المائة من قيمتها مقابل الدولار. وتسبب الانخفاض في الضغط على قطاع الشركات المثقلة بالديون في تركيا، وتسبب في تضخم مرتفع وأدى إلى ركود.
ولفت بروكس إلى أن الخطر يتمثل في أن تركيا تواجه «انخفاضاً غير منظم في الاستهلاك» من شأنه أن يقوض جهود البلاد للتعافي من الآثار السلبية لفيروس كورونا.
ومن جهتها، قالت فينيكس كالين، مديرة الأسواق الناشئة في البنك الفرنسي سوسيتيه جنرال: «إذا لم تتعافَ عائدات السياحة والصادرات الأخرى بسرعة كافية، فإن تركيا ستترك شديدة التعرض للصدمات الاقتصادية العالمية في المستقبل. فإذا استمر هذا الوضع الحالي لمدة 12 شهراً آخر، فسيكون الأمر غير محتمل».
وتعتبر أزمة القطاع السياحي جزءاً حيوياً من المشاكل التي تواجهها تركيا، إذ تعد عائدات السياحة مصدراً مهماً للعملات الأجنبية للبلاد.
وتعتمد أنقرة على هذه العملات الأجنبية لتمويل النمو وسد العجز التجاري المزمن.
وساعد نحو 45 مليون زائر أجنبي في إدرار دخل سياحي بلغ 34.5 مليار دولار العام الماضي. لكن الوافدين انخفضوا بنسبة 75 في المائة في الأشهر الستة الأولى من عام 2020. وفي يونيو (حزيران)، كان الانخفاض 96 في المائة.
ويقول صاحب متجر يبيع ملابس الشاطئ والأزياء للسياح في مدينة لارا السياحية التركية، والذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «في الأوقات العادية، كنا نحقق ألف يورو في اليوم. الآن نحقق فقط 10 أو 20 يورو».
من جهته، قال مورات توغاي الذي يدير أحد الفنادق السياحية في منتجع مارماريس إنه، عادة في هذا الوقت من العام، يكون فندقه مكتظاً بالسياح. إلا أنه الآن مغلق بسبب كورونا.
وأشار توغاي إلى أنه يضع أمله في انتعاش قطاع السياحة في شهري أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول).
وكان الوزراء يأملون في أن يعوض انهيار أسعار الطاقة - أحد أغلى واردات تركيا - الانخفاض الحاد في عائدات السياحة وتراجع صادرات البلاد الخاصة بالمنسوجات والسلع البيضاء والسيارات. ولكن هذا الأمر لم يحدث. حيث لفت بيان هيئة الإحصاء التركية إلى هبوط قيمة الصادرات التركية إلى الخارج خلال النصف الأول من العام الجاري بنسبة 15.1 في المائة إلى 75 مليار دولار، هبوطاً من 88.36 مليار دولار في الفترة المقابلة من العام الماضي.
ونتيجة لهذا الهبوط، تراجعت التجارة الخارجية لتركيا خلال النصف الأول من العام بنسبة 8.7 في المائة إلى 173.9 مليار دولار، من 190.5 مليار دولار في الفترة المقابلة من العام الماضي.
وتوقع خبراء الاقتصاد الدوليون أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي التركي بنسبة 4.3 في المائة هذا العام.
ورغم ذلك، فإن السلطات التركية تصر على أن البلاد ستحقق نمواً إيجابياً حاداً هذا العام، وفقاً لمسح أجرته شركة «كونسكونسيز إيكونوميكس» الاقتصادية.
وفي محاولة لتحقيق ذلك، لجأت أنقرة مرة أخرى إلى الائتمان. فقد خفض البنك المركزي سعر الفائدة القياسي بمقدار 15.75 نقطة مئوية خلال الاثني عشر شهراً الماضية. وتم تحفيز البنوك على الشروع في موجة إقراض واسعة النطاق لكل من الشركات والمستهلكين.
وارتفع نمو القروض بنسبة 24 في المائة على أساس سنوي، وفقاً لبنك باركليز، وهو أعلى مستوى منذ عام 2013.
إلا أن المشاركة الأجنبية في سوق السندات المحلية التركية انخفض لمستوى قياسي في الفترة الأخيرة، حيث بلغ 4 في المائة فقط في منتصف يوليو (تموز).
ونجحت إجراءات السيطرة على الليرة على المدى القصير. إذ إن انخفاض قيمة العملة بنسبة 15 في المائة مقابل الدولار هذا العام يعني أن حالتها أفضل من العملات المماثلة مثل الراند الجنوب أفريقي والريال البرازيلي. ومع ذلك، جاءت محاولة تحقيق الاستقرار بتكلفة باهظة. حيث يقدر بنك غولدمان ساكس أن البنك المركزي أنفق 65 مليار دولار على دعم العملة هذا العام وحده.
ويواصل إردوغان وصهره بيرات البيرق؛ وزير المالية والخزانة، إطلاق الوعود بأن الانفراج الاقتصادي سيكون قريباً جداً، مدعين أن هناك مؤامرة عالمية تستهدف اقتصاد البلاد.
وأكد الرئيس التركي أن بلاده لن تطلب المساعدة من صندوق النقد الدولي، مؤكداً أن المشاكل الاقتصادية التي واجهتها تركيا «لا تبعث على القلق»، وذلك بعد أن وجه الصندوق انتقادات لسياسات حكومته.



«المركزي الروسي» يدرس رفع أسعار الفائدة مجدداً

يرفرف العَلم الروسي فوق مقر البنك المركزي بموسكو (رويترز)
يرفرف العَلم الروسي فوق مقر البنك المركزي بموسكو (رويترز)
TT

«المركزي الروسي» يدرس رفع أسعار الفائدة مجدداً

يرفرف العَلم الروسي فوق مقر البنك المركزي بموسكو (رويترز)
يرفرف العَلم الروسي فوق مقر البنك المركزي بموسكو (رويترز)

صرحت محافِظة البنك المركزي الروسي، إلفيرا نابيولينا، يوم الأربعاء، بأن رفع أسعار الفائدة الرئيسية مجدداً يُعد احتمالاً وارداً، خلال اجتماع البنك المركزي المقرر في 20 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إلا أن هذا القرار ليس محسوماً سلفاً، حيث من المتوقع أن يقابل تأثيرَ ضعف الروبل على التضخم تباطؤ وتيرة الإقراض.

وأشارت توقعات محللين، استطلعت «رويترز» آراءهم، إلى احتمال رفع البنك المركزي سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 200 نقطة أساس إضافية، ليصل إلى 23 في المائة، في أعقاب تراجع الروبل بنسبة 15 في المائة مقابل الدولار الأميركي، خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي؛ نتيجة العقوبات المالية الأميركية الجديدة.

وخلال مؤتمر استثماري عُقد في موسكو، ونظّمه بنك «في تي بي»، ثاني أكبر مُقرض في روسيا، قالت نابيولينا: «أوضحنا أن البنك المركزي ينظر في احتمال رفع سعر الفائدة، لكن أودُّ تأكيد أن هذا الخيار ليس محدداً مسبقاً».

وأضافت أن التضخم لم يُظهر بعدُ علامات واضحة على التباطؤ، ومن المتوقع أن يواصل مساره البطيء حتى عام 2025، قبل أن يحقق هدف البنك المركزي، المتمثل في 4 في المائة بحلول عام 2026. كما لفتت إلى أن البيانات الحديثة أظهرت تراجعاً في الإقراض، بما في ذلك قروض الشركات.

وقالت نابيولينا: «نواجه عاملاً جديداً يدفع نحو ارتفاع التضخم؛ وهو سعر الصرف. ولا يزال نمو الأسعار مرتفعاً، لكن البيانات الحالية تكشف عن تباطؤ في الإقراض، بما يشمل قروض الشركات».