مياه الأمطار والفيضانات تحاصر مئات الأسر السودانية

قطع طرق وهدم منازل في عدد من الولايات... ووزارة الري تحذّر من ارتفاع مناسيب الأنهار

مياه الأمطار قطعت الطرق في بعض مناطق جنوب الخرطوم  (أ.ف.ب)
مياه الأمطار قطعت الطرق في بعض مناطق جنوب الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

مياه الأمطار والفيضانات تحاصر مئات الأسر السودانية

مياه الأمطار قطعت الطرق في بعض مناطق جنوب الخرطوم  (أ.ف.ب)
مياه الأمطار قطعت الطرق في بعض مناطق جنوب الخرطوم (أ.ف.ب)

تواجه مئات الأسر السودانية في مناطق متفرقة من ولايات البلاد، أوضاعاً صعبة، جراء فقدانهم لمنازلهم التي انهارت بسبب السيول الجارفة والأمطار الغزيرة التي ضربت البلاد الأيام الماضية، وفي حين كوّنت السلطات الولائية بالخرطوم غرفة عمليات للطوارئ، حذرت وزارة الري من ارتفاع مناسيب المياه في السدود بالبلاد.
ولا تزال مدن وقرى بمنطقة شرق النيل التي تبعد نحو 40 كيلومتراً من العاصمة الخرطوم، محاصَرة بالمياه من كل الاتجاهات، وسط تذمُّر وسخط المواطنين من بطء تحرك السلطات لمعالجة الموقف المتأزم، وتخوفاتهم من أن تؤدي المياه المحيطة بالمنطقة إلى انهيار المزيد من المنازل.
وتعاني مدن العاصمة السودانية الثلاث (الخرطوم، وأم درمان، وبحري) من تراكم كميات كبيرة من مياه الأمطار بالأحياء والطرق، نتيجة لسوء التصريف وانهيار شبكة الصرف الصحي منذ عهد النظام المعزول.
وضربت السيول ولايتي الشمالية ونهر النيل في شمال البلاد، فيما تأثرت ولايات الجزيرة وشمال دارفور بالأمطار الغزيرة تسببت بفقدان المأوى لمئات الأسر نتيجة لانهيار كلي وجزئي لمساكنهم. وقطعت المياه طرقاً رئيسية، وحاصرت قرى.
ومن المناطق التي تأثرت بشدة من السيول، محلية شرق النيل ضواحي الخرطوم، حيث غمرت مياه السيول بالكامل (أبو قرون، والنزيلة، والغابة، والعسيلات، وأم ضوابان)، في وقت تواصل السلطات العمل على إجلاء الأسر المتضررة إلى مناطق آمنة.
ومن جهتها، أعلنت لجنة الفيضان في بيان، أمس، ارتفاع الأحباس في غالبية السدود والخزانات بالبلاد، ودعت الجهات المختصة والمواطنين لاتخاذ الحيطة والحذر، حفاظاً على أرواحهم وممتلكاتهم.
وأعاقت السيول والأمطار حركة المرور، حيث غطت المياه الطرق الرئيسية التي تربط الخرطوم بالولايات الأخرى، وأدى ذلك إلى تقييد حركة المواطنين وصعوبة حركة نقل البضائع، وسط تخوفات من انجراف لبعض الطرق.
ويتخوف السودانيون من حدوث فيضان مشابه للفيضانات والسيول التي اجتاحت جميع أنحاء البلاد في عام 1988، وخلّفت دماراً كبيراً في الممتلكات والأرواح.
وكونت السلطات الولائية بالخرطوم، غرفة عمليات للطوارئ، لحصر المناطق المتضررة من السيول والأمطار، فيما شرعت قوات الدفاع المدني لإغاثة المواطنين المحاصرين بالمياه.
وشهدت مياه النيل ارتفاعاً كبيراً في المناسيب نتيجة للأمطار الغزيرة، وأرسلت السلطات تحذيرات للمواطنين بالقرب من النيل للتحسب لأي زيادات قد تؤدي إلى فيضان.
وتسبب ارتفاع منسوب المياه في انهيار مفاجئ لسد «بوط»، بولاية النيل الأزرق، جنوب شرقي البلاد، الذي أدى إلى فقدان 600 أسرة لمنازلهم، ولا تزال المياه في كثير من الأحياء بالمحلية، بينما حذرت السلطات بالولاية من موجة نزوح للمواطنين.
ويخزن السد 5 ملايين متر مكعب من المياه الآتية من وديان جبال الأنقسنا، وعلاقة له بأي تأثيرات لسد النهضة الإثيوبي.
وكانت وزارة الري السودانية في عهد النظام المعزول أجرت تأهيلاً لسد «بوط» الذي شُيّد في عام 2004، لزيادة السعة التخزينية من مليوني إلى 5 ملايين متر مكعب من المياه.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.