إدارة ترمب تعد لإجراءات جديدة تطال شركات البرمجة الصينية

واشنطن تشدد على ضرورة بيع «تيك توك» أو حظره... وغموض حول صفقة شرائه من «مايكروسوفت»

رجل يرتدي قميصاً يروج لتطبيق «تيك توك» داخل محل لشركة «آبل» في بكين في 17 يوليو الماضي (أ.ب)
رجل يرتدي قميصاً يروج لتطبيق «تيك توك» داخل محل لشركة «آبل» في بكين في 17 يوليو الماضي (أ.ب)
TT

إدارة ترمب تعد لإجراءات جديدة تطال شركات البرمجة الصينية

رجل يرتدي قميصاً يروج لتطبيق «تيك توك» داخل محل لشركة «آبل» في بكين في 17 يوليو الماضي (أ.ب)
رجل يرتدي قميصاً يروج لتطبيق «تيك توك» داخل محل لشركة «آبل» في بكين في 17 يوليو الماضي (أ.ب)

يبدو أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تستعد لاتخاذ مزيد من الإجراءات تجاه الصين، تطال هذه المرة شركات البرمجة. فقد أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو (أمس) الأحد أن الرئيس ترمب سيتخذ خلال الأيام المقبلة إجراء بشأن شركات البرمجة الصينية التي تقدم بشكل مباشر بيانات للحكومة في بكين، وتشكل خطرا على الأمن القومي الأميركي. وأضاف في مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز» أن «الرئيس ترمب قال كفى، سنعالج هذا الأمر لذلك سيتخذ إجراء خلال الأيام القادمة فيما يتعلق بمجموعة واسعة من المخاطر على الأمن القومي التي تمثلها شركات برمجة على صلة بالحزب الشيوعي الصيني».
ويأتي هذا الإجراء بعد تهديد الرئيس ترمب بحظر تطبيق «تيك توك» الصيني في الولايات المتحدة على نفس خلفية المخاوف المرتبطة بالأمن القومي. وأكد وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين أمس وجوب إما بيع تطبيق «تيك توك» وإما حظره، وقال إنه «لا يمكن» لـ«تيك توك» أن يستمر «بشكله الحالي».
ولم يعلق منوتشين مباشرة على تهديد الرئيس ترمب بحظر التطبيق الواسع الانتشار لمشاركة التسجيلات المصورة. وأشار الوزير إلى أن «لجنة الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة» التي يرأسها تنظر في ملف «تيك توك»، الذي يلقى رواجا خصوصا في أوساط الشباب إذ يمكنهم من نشر ومشاهدة تسجيلات مصورة قصيرة ويبلغ عدد مستخدميه حول العالم نحو مليار. لكن المسؤولين الأميركيين قالوا إنه قد يكون أداة للاستخبارات الصينية، وهو ما ينفيه التطبيق. وقال منوتشين لشبكة «إيه بي سي» أمس «سأقول علنا إن اللجنة بأكملها متفقة على أنه لا يمكن لـ«تيك توك» أن يحافظ على شكله الحالي إذ إنه يحمل خطر إرسال معلومات عن مائة مليون أميركي» إلى جهات خارجية. وأفاد بأنه تحدث مع قادة الكونغرس بمن فيهم رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وكبير الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر بشأن ما يمكن القيام به فيما يتعلق بعمليات «تيك توك» في الولايات المتحدة. وقال «نحن متفقون على ضرورة إحداث تغيير ما. إما عملية بيع إجبارية وإما حظر التطبيق. الجميع متفقون على أنه لا يمكنه الاستمرار بشكله». ومنصة الترفيه هذه التي تضم خصوصا تسجيلات فيديو موسيقية قصيرة، يتابعها نحو مليار شخص في العالم، وقد تعززت شعبيتها خلال أشهر الحجر لمنع انتشار وباء «كوفيد 19». ومنذ بدء إطلاق التهديدات، يتداول المستخدمون رسائل دعم تعبر عن قلق ونصائح تقنية حتى لا تزول إمكانية الدخول إلى الموقع (أو روابط باتجاه موقع إنستغرام) وتسجيلات فيديو ساخرة. وعلى واحد من هذه التسجيلات التي تمت مشاهدته 1.4 مليون مرة، تظهر سيدة وهي تدهن وجهها بطلاء برتقالي وتبني جدارا من حجارة الآجر، مع عبارة «أنا أثناء محاولتي إقناع ترمب الإبقاء على تيك توك».
وبعد أسابيع من الشائعات والضغوط، أعلن البيت الأبيض الجمعة أن الرئيس سيوقع أمرا رسميا يلزم الشركة الأم الصينية «بايتدانس» الانفصال عن هذا التطبيق باسم حماية الأمن القومي. وفي الوقت نفسه، كشفت وسائل إعلام أميركية عدة أن مجموعة «مايكروسوفت» تجري مفاوضات أصبحت في مرحلة متقدمة لشراء التطبيق. لكن ترمب أعلن مساء الجمعة على متن الطائرة الرئاسية أنه «سيحظر تيك توك في الولايات المتحدة»، وأوضح للصحافيين أنه لا يؤيد عملية إعادة شراء لـ«تيك توك» من قبل شركة في الولايات المتحدة. وتشتبه واشنطن بأن شبكة التواصل الاجتماعي هذه تقاسم بكين بياناتها، إلا أن إدارة التطبيق نفت ذلك مرارا.
وبدت إعادة التطبيق إلى الولايات المتحدة بفضل عملية استحواذ الحل الأمثل في نظر العديد من الجهات الفاعلة، إلا أن صحيفة «وول ستريت جرنال» ذكرت السبت أن المفاوضات بين «مايكروسوفت» و«تيك توك» لم تحقق تقدما بسبب معارضة الرئيس الأميركي. وأوضحت الصحيفة أن المفاوضات كان يمكن أن تحقق نتيجة الاثنين.
وباتت الشركتان تنتظران الآن وضوحاً أكبر من البيت الأبيض. وكتب مسؤول الأمن السابق في «فيسبوك» أليكس ستاموس الباحث حاليا في «جامعة ستانفورد»: «أصبح الأمر يبدو غريباً. عملية بيع بالكامل لشركة أميركية كانت تعد حلاً جذرياً قبل أسبوعين يمكن أن تهدئ القلق المنطقي بشأن حماية البيانات». وتابع ستاموس في تغريدة على «تويتر» «إذا قتل البيت الأبيض ذلك (عملية الشراء)، فسنعرف عندها أن الأمر لا يتعلق بالأمن القومي».
وبانتظار الحظر الذي أعلنه الرئيس الأميركي، تطرح تساؤلات ويسود شعورا بالقلق. وقالت فانيسا باباس مسؤول فرع «تيك توك» في الولايات المتحدة، في تسجيل وضع السبت على التطبيق، وموجه إلى مستخدميه «نحن هنا لنبقى (…) سمعنا دعمكم الكبير ونريد أن نقول لكم شكراً»، مؤكدة «نحن لا ننوي الرحيل». وأكدت أنها «تعتز» بالموظفين الأميركيين الـ1500 ووعدت بإحداث «عشرة آلاف وظيفة إضافية في هذا البلد في السنوات الثلاث المقبلة». كذلك، قال دانيال كاسترو نائب رئيس مؤسسة تكنولوجيا المعلومات والابتكار التي تتبنى عادة مواقف قريبة من آراء مجموعات التكنولوجيا الكبرى إن «الولايات المتحدة ستكون الخاسر الأكبر من حظر تيك توك». وأوضح أن «ملايين الأميركيين بمن فيهم عدد كبير من مؤيدي ترمب، يستخدمون التطبيق لابتكار محتويات وتقاسمها». وتابع أن «كل خوادم التطبيق تقع خارج الصين وليس هناك أي دليل على أنه يشكل تهديدا للأمن القومي».
وكانت الشبكة حاولت في الأشهر الأخيرة أن تبرهن على أن هويتها وممارساتها ما زالت مرتبطة بشكل متين بالولايات المتحدة. فقد علقت في بداية يوليو (تموز) الماضي نشاطها في هونغ كونغ بسبب قانون الأمن القومي الجديد الذي وسع صلاحيات الشرطة، خاصة فيما يتعلق بالرقابة. وجاء ذلك ضمن توجه اتبعته شبكات التواصل الاجتماعي العاملة انطلاقا من كاليفورنيا، إذ أعلنت فيسبوك ويوتيوب (غوغل) وتويتر إيقاف تلقي طلبات لتوفير معلومات حول مستخدمين من هونغ كونغ، وذلك احتراما لحرية التعبير. لكن ذلك لم يكن كافيا لإقناع الإدارة الأميركية.


مقالات ذات صلة

رئيس مجلس النواب الأميركي: العاصفة الثلجية لن تمنعنا من التصديق على انتخاب ترمب

الولايات المتحدة​ رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون (أ.ف.ب)

رئيس مجلس النواب الأميركي: العاصفة الثلجية لن تمنعنا من التصديق على انتخاب ترمب

قال رئيس مجلس النواب الأميركي، مايك جونسون، إن عاصفة شتوية ضخمة تجتاح الولايات المتحدة لن تمنع الكونغرس من الاجتماع للتصديق رسمياً على انتخاب ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ تشهد العلاقات بين واشنطن وبكين توتراً متصاعداً بعد «اختراق صيني» مزعوم لوزارة الخزانة الأميركية (رويترز)

واشنطن وبكين تتبادلان فرض العقوبات قبيل تنصيب ترمب

أدت سلسلة من الاختراقات الإلكترونية الأخيرة المنسوبة إلى قراصنة صينيين إلى زيادة حدة التوتر بين واشنطن وبكين.

إيلي يوسف (واشنطن)
الاقتصاد دالي وكوغلر أثناء حضورهما المؤتمر السنوي للجمعية الاقتصادية الأميركية في سان فرانسيسكو (رويترز)

مسؤولتان في «الفيدرالي»: معركة التضخم لم تنته بعد

قالت اثنتان من صانعي السياسة في «الاحتياطي الفيدرالي» إنهما يشعران بأن مهمة البنك المركزي الأميركي في ترويض التضخم لم تنتهِ بعد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري يأتي لقاء ميلوني وترمب قبل أيام من زيارة بايدة إلى روما (رويترز)

تحليل إخباري قضية إيطالية محتجزة لدى طهران على طاولة مباحثات ميلوني وترمب

ظهر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، السبت، برفقة رئيسة وزراء إيطاليا، جورجيا ميلوني، التي كانت تزور منتجعه في مارالاغو بولاية فلوريدا الأميركية.

شوقي الريّس (روما)
الولايات المتحدة​ ترمب وماسك بتكساس في 19 نوفمبر 2024 (رويترز)

كيف تثير تدخلات ترمب وماسك تحدياً دبلوماسياً جديداً؟

سلَّطت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الضوءَ على العلاقة بين الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والملياردير إليون ماسك، وتأثيرها في العلاقات الخارجية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
TT

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)

فرضت الصين عقوبات على 10 شركات دفاعية أميركية، اليوم (الخميس)، على خلفية بيع أسلحة إلى تايوان، في ثاني حزمة من نوعها في أقل من أسبوع تستهدف شركات أميركية.

وأعلنت وزارة التجارة الصينية، الخميس، أن فروعاً لـ«لوكهيد مارتن» و«جنرال داينامكس» و«رايثيون» شاركت في بيع أسلحة إلى تايوان، وأُدرجت على «قائمة الكيانات التي لا يمكن الوثوق بها».

وستُمنع من القيام بأنشطة استيراد وتصدير أو القيام باستثمارات جديدة في الصين، بينما سيحظر على كبار مديريها دخول البلاد، بحسب الوزارة.

أعلنت الصين، الجمعة، عن عقوبات على سبع شركات أميركية للصناعات العسكرية، من بينها «إنستيو» وهي فرع لـ«بوينغ»، على خلفية المساعدات العسكرية الأميركية لتايوان أيضاً، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

مركبات عسكرية تايوانية مجهزة بصواريخ «TOW 2A» أميركية الصنع خلال تدريب على إطلاق النار الحي في بينغتونغ بتايوان 3 يوليو 2023 (رويترز)

وتعد الجزيرة مصدر خلافات رئيسي بين بكين وواشنطن. حيث تعد الصين أن تايوان جزء من أراضيها، وقالت إنها لن تستبعد استخدام القوة للسيطرة عليها. ورغم أن واشنطن لا تعترف بالجزيرة الديمقراطية دبلوماسياً فإنها حليفتها الاستراتيجية وأكبر مزود لها بالسلاح.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، وافق الرئيس الأميركي، جو بايدن، على تقديم مبلغ (571.3) مليون دولار، مساعدات عسكرية لتايوان.

وعدَّت الخارجية الصينية أن هذه الخطوات تمثّل «تدخلاً في شؤون الصين الداخلية وتقوض سيادة الصين وسلامة أراضيها».

كثفت الصين الضغوط على تايوان في السنوات الأخيرة، وأجرت مناورات عسكرية كبيرة ثلاث مرات منذ وصل الرئيس لاي تشينغ تي إلى السلطة في مايو (أيار).

سفينة تابعة لخفر السواحل الصيني تبحر بالقرب من جزيرة بينغتان بمقاطعة فوجيان الصينية 5 أغسطس 2022 (رويترز)

وأضافت وزارة التجارة الصينية، الخميس، 28 كياناً أميركياً آخر، معظمها شركات دفاع، إلى «قائمة الضوابط على التصدير» التابعة لها، ما يعني حظر تصدير المعدات ذات الاستخدام المزدوج إلى هذه الجهات.

وكانت شركات «جنرال داينامكس» و«شركة لوكهيد مارتن» و«بيونغ للدفاع والفضاء والأمن» من بين الكيانات المدرجة على تلك القائمة بهدف «حماية الأمن والمصالح القومية والإيفاء بالتزامات دولية على غرار عدم انتشار الأسلحة»، بحسب الوزارة.