كيف تخدع «البكتيريا الانتهازية» مناعة النبات؟

تنزلق عبر مسامات أوراقه

كيف تخدع «البكتيريا الانتهازية» مناعة النبات؟
TT

كيف تخدع «البكتيريا الانتهازية» مناعة النبات؟

كيف تخدع «البكتيريا الانتهازية» مناعة النبات؟

بينما يتصارع العالم مع جائحة «كوفيد – 19»، التي نشأت بعد أن قفز فيروس «كورونا المستجد» من نوع حيواني إلى نوع بشري، يتعلم باحثو جامعة ديلاوير الأميركية، طرقاً جديدة لكيفية قفز مسببات الأمراض الأخرى من النباتات إلى البشر.
وتقفز البكتيريا الانتهازية مثل «السلمونيلا» و«الليستيريا» و«إي كولاي»، من الخضراوات النيئة والدواجن ولحم البقر، وغيرها من الأطعمة للدخول إلى مضيف بشري؛ مما يتسبب في ملايين الأمراض المنقولة بالغذاء كل عام.
لكن الباحثين في جامعة ديلاوير ومعاونيهم من جامعات أخرى، وجدوا الآن كيف تقفز هذه الفيروسات للبشر، حيث رصدوا في دراسة نشرت بالعدد الأخير من دورية «PLoS ONE»، قدرتها على خداع نظام الدفاع المناعي لنبات الخس، عبر الدخول إلى أوراقه عن طريق فتح مسام التنفس الصغيرة في النبات والتي تسمى «المسام»، ولا يظهر النبات أي أعراض لهذا الغزو بمجرد دخوله.
والمسام، هي فتحات صغيرة بالأوراق تفتح وتغلق بشكل طبيعي، ويتم تنظيمها عن طريق الإيقاع اليومي، ويتم فتحها للسماح للنبات بالتبريد والتنفس، وتغلق عندما تكتشف التهديدات من الجفاف أو مسببات الأمراض البكتيرية النباتية.
يقول هارش بايس، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة ديلاوير في 26 يونيو (حزيران) 2020، إن بعض مسببات الأمراض يمكن أن تقتحم سدادة مغلقة باستخدام القوة الغاشمة، ويمكن للفطريات القيام بذلك، على سبيل المثال.
ويضيف، أن البكتيريا لا تحتوي على الإنزيمات اللازمة للقيام بذلك؛ لذا تبحث عن فتحات في الجذور أو من خلال المسام.
وكشفت التجارب التي أجراها الفريق البحثي، عن العوامل التي تساعد هذه الأنواع البكتيرية على النفاذ للنبات، حيث تنشأ فرص مسببات الأمراض مع تربية النباتات بشكل مكثف لزيادة الغلة، على حساب أنظمة الدفاع الخاصة به، وتنشأ فرص أخرى عندما يزرع المزارع المحاصيل المنخفضة الارتفاع، بالقرب من قطعان الثروة الحيوانية؛ مما يجعل التلوث أسهل.
وتزيد المشكلة عندما تكون الزراعة «عمودية»، حيث تزرع النباتات في صفوف عمودية في الزراعة المائية.
ويقول كالي كنييل، الباحث المشارك بالدراسة «هذه أنظمة رائعة، لكن يجب أن يكون هناك الكثير من العناية داخل النظام للتحكم في الماء، وأن تكون هناك فواصل نظيفة بين النباتات وتعقم بشكل صحيح، وعندما تفعل ذلك، يمكن المساعدة على تقليل حجم المشكلة».
ويرى الدكتور محمد سالم، أستاذ الميكروبيولوجي بالمركز القومي للبحوث بمصر، أن قيمة هذه الدراسة تأتي من أنها توفر الوقاية من البكتريا بدلاً من انتظار الإصابة بها، ثم البحث عن علاج.
ويقول سالم، إن الأشخاص المصابين بالبكتريا عادة لا يعانون من أي أعراض، ويتعافون خلال أيام من دون علاج معين؛ لأن الجسم لديه الكثير من وسائل الدفاع الطبيعية ضد العدوى، حيث بإمكان حمض المعدة القوي قتل الكثير من أنواعها. لكن هناك ثلاثة من عوامل الخطر يشير إليها سالم، تجعل الجسم غير قادر على المواجهة، منها استخدام المضادات الحيوية منذ فترة وجيزة، واستخدام مضادات الحموضة؛ إذ يعطي انخفاضها في المعدة الفرصة لنمو المزيد من البكتيريا، كما أن المصابين بداء الأمعاء الالتهابي، لا يقدرون على مقاومة العدوى؛ لأن هذا الاضطراب يتلف بطانة الأمعاء.



«متلازمة ريت»... حدتها تختلف عند الإناث عن الذكور

«متلازمة ريت»... حدتها تختلف عند الإناث عن الذكور
TT

«متلازمة ريت»... حدتها تختلف عند الإناث عن الذكور

«متلازمة ريت»... حدتها تختلف عند الإناث عن الذكور

كشفت دراسة حديثة أجراها معهد البحث الطبي في اضطرابات النمو العصبي بجامعة كاليفورنيا الأميركية، عن فروق مهمة في كيفية ظهور «متلازمة ريت» التي تكون عادة أثر شيوعاً في الإناث. ويميل الذكور المصابون بالمتلازمة إلى إظهار أعراض أكثر حدة تظهر في وقت مبكر من الحياة بسبب كروموسوم «إكس» X الأنثوي الوحيد لديهم. وفي العادة تمتلك الإناث كروموسومي «إكس».

«متلازمة ريت»

«متلازمة ريت» Rett syndrome اضطراب وراثي نادر يصيب الفتيات في المقام الأول، حيث تبدأ المتلازمة الناجمة عن طفرات في جين MECP2 على الكروموسوم «إكس» عادة بعد فترة من النمو الطبيعي في مرحلة الطفولة؛ ما يؤدي لاحقاً إلى أعراض مثل فقدان وظيفة اليد وصعوبات التنفس والنوبات وضعف كبير في الكلام والحركة والأكل.

ويحتاج الأطفال والبالغون المصابون بـ«متلازمة ريت» إلى المساعدة في أداء معظم المهام اليومية، مثل تناول الطعام والمشي واستخدام الحمَّام، ويمكن أن تكون هذه الرعاية المستمرة واضطراب النوم أمراً منهكاً ومسبباً للتوتر للعائلات، ويمكن أن تؤثر على صحة أفراد العائلة ورفاهيتهم. وفي الدراسة التي نُشرت في عدد 10 أكتوبر (تشرين الأول) 2024 في مجلة Communications Biology، وأشرفت عليها جانين لاسال، الباحثة من قسم الأحياء الدقيقة الطبية والمناعة كلية الطب بالجامعة، فحص الباحثون نماذج الفئران الذكور والإناث لـ«متلازمة ريت».

وركَّزت الدراسة على كيفية تحول التعبير الجيني في خلايا المخ عبر ثلاث مراحل، هي: قبل ظهور الأعراض وعند ظهورها وفي المرض المتقدم، حللت التعبير الجيني في 14 نوعاً من خلايا الدماغ لفهم الاختلافات في كيفية تقدم المرض في كلا الجنسين. خلل تنظيم الجينات

وأظهرت الفئران الإناث «تأثيراً متأرجحاً» عند حدوث خلل في تنظيم الجينات، حيث حاولت الخلايا التي تعبّر عن الجين الطبيعي تعويض الخلايا التي تحتوي على الجين المتحور.

وهذا التوازن في التعبير الجيني ذهاباً وإياباً الذي يُرى بشكل أساسي في الخلايا العصبية في وقت مبكر أو مع تطور الأعراض في المراحل اللاحقة، يسلط الضوء على كيفية محاولة أدمغة الإناث للحفاظ على التوازن مع تقدم المرض، حيث يكون الاختلال أسوأ في المراحل المبكرة، لكنه يستقر بمرور الوقت.

كما أظهرت الدراسة أيضاً أن الفئران الإناث لديها عدد أكبر من الجينات غير المنظمة قبل ظهور الأعراض مقارنة بالوقت الذي تظهر فيه لاحقاً، حيث تحتوي خلايا الدماغ في الإناث المصابات بـ«متلازمة ريت» على نمط فسيفسائي من التعبير الجيني يعبّر نصف خلاياها عن جين MECP2 الطبيعي ويعبّر النصف الآخر عن الجين المتحور.وهذا يتناقض مع التوقعات بأن اختلال تنظيم الجينات يرتبط ارتباطاً مباشراً بشدة الأعراض؛ ما يشير إلى وجود عملية تنظيمية معقدة.

وأكدت جانين لاسال أن نماذج الفئران الأنثوية أكثر أهمية للبحوث البشرية؛ لأنها تعكس بشكل أفضل التعبير الفسيفسائي لجين MECP2 الموجود لدى الفتيات المصابات بـ«متلازمة ريت». ولا تلتقط الفئران الذكور التي تُستخدم غالباً في الأبحاث هذا التعقيد الفسيفسائي، حيث لا يمتلك الذكور سوى كروموسوم «إكس» واحد؛ ما يعني أن جميع خلاياهم تتأثر بطفرة الجين MECP2.

جين يرتبط بأمراض أخرى

وربط الباحثون أيضاً طفرة MECP2 بمسارات أخرى مثل تلك التي تشارك في مرض ألزهايمر والإدمان؛ وهو ما يشير إلى أن الطفرة قد يكون لها آثار أوسع نطاقاً تتجاوز «متلازمة ريت»، وقد تؤثر على حالات عصبية أخرى.