رئيسة «الدستوري الحرّ» في تونس: الغنوشي سقط سقوطاً مدوّياً

TT

رئيسة «الدستوري الحرّ» في تونس: الغنوشي سقط سقوطاً مدوّياً

رأت عبير موسي، رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحرّ، في فيديو لها ليلة أول من أمس، أنّ تصويت 97 نائباً على سحب الثقة من راشد الغنوشي هو بمثابة السقوط المدوي «لتنظيم الإخوان داخل البرلمان».
وأشارت موسي إلى أنّ 18 ورقة ملغاة في عملية التصويت «هي من بعض النواب الخونة»، وتمنّت أن يتّحد النواب الـ97 في زمام الأمور لإدارة الوضع في البلاد، بعيداً عن تنظيم الإخوان والتكفيريين. وأضافت عبير موسى في تصريحات نقلتها صحيفة «الجمهورية» أنّها ترغب في أنّ تكون الحكومة القادمة حكومة كفاءات، وأن يكون معيار اختيار الوزراء على أساس الكفاءة المالية والاقتصادية. كما عبّرت رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر في البرلمان عن فخرها الكبير بما عدّته سقوط رئيس البرلمان راشد الغنوشي سياسياً، رغم عدم تمرير لائحة سحب منح الثقة له يوم الخميس الماضي.
وكانت موسي قد صرحت خلال نقطة إعلامية نظّمتها الكتلة إثر انتهاء جلسة التصويت، بأن الغنوشي «أنقذته الخيانة وشراء الذمم، وهو ما يتضح من خلال الـ18 ورقة الملغاة»، مضيفة أن الحزب سيواصل النضال ضد «التنظيم الإخواني القائم على شراء الذمم».
في هذا السياق، قالت موسي إن هؤلاء النواب صوّروا أنفسهم على أنهم صوّتوا بـ«نعم» لسحب منح الثقة، ثم طعنوا في الصندوق، مشيرةً إلى أن الـ18 ورقة الملغاة ستبقى فضيحة في تاريخ تونس.
وقبل انطلاق جلسة سحب الثقة من الغنوشي، أكدت رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر أن 109 أصوات متوفرة لسحب الثقة من رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي، وأنهم يعملون من أجل جمع أكبر عدد من الأصوات. وأقرت موسي خلال استضافتها في برنامج «الماتينال» على إذاعة «شمس إف إم» بأنه وحسب الكواليس والحديث والاتصالات وجود 109 أصوات، لافتة النظر إلى أن أغلب النواب ملتزمون بالحضور ومصرون على التصويت. مؤكدة أن يوم التصويت على سحب الثقة «سيكون يوم فرحة لكل التونسيين وسيكون يوماً لتصحيح مسار المؤسسة الدستورية والانطلاق في مرحلة جديدة». مؤكدة أن التغيير واجب وطني بعد تأكد فشل المنظومة الحالية، وفق تعبيرها. وعلى صعيد مفاوضات تشكيل الحكومة التونسية الجديدة، أكّد أستاذ القانون الدستوري سليم اللغماني، أن الفصل 98 من الدستور التونسي لا ينص على لجوء رئيس الجمهورية إلى حل مجلس نواب الشعب إذا لم يتم تشكيل الحكومة في غضون شهر، أو عدم حصولها على ثقة مجلس نواب الشعب.
وقال اللغماني، في تدوينة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إنّ «خيار الاستقالة على معنى الفصل 98 من الدستور سيطرح إشكالاً إذا لم يتم تشكيل الحكومة في أجل شهر، أو عدم حصولها على ثقة مجلس نواب الشعب».
وأضاف اللغماني موضحاً: «عكس الفصل 99 من الدستور، فإن الفصل 98 لا ينص على لجوء رئيس الدولة إلى حل البرلمان».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم